كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": لا تفاؤل إلا في تصريحات المسؤولين اللبنانيين، أما تشكيل الحكومة فيراوح مكانه، وقد دخل في عطلة قسرية لمدة 48 ساعة الى أن يعود الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية بعدما فرض ولي العهد محمد بن سلمان بـ"الموّنة" الأميرية على الحريري إقامة لمدة يومين أمام الملأ وعلى الهواء مباشرة خلال مؤتمر الاستثمار، آملا أن لا تصدر شائعات تقول بأن "دولة الرئيس سعد مخطوف".
وسط التصفيق الحار في قاعة "الريتز كارلتون" أعلن الحريري أنه في المملكة "بكامل حريته"، الأمر الذي فسره البعض أن الرئيس المكلف أخذه الحال، وفق قاعدة "كاد المريب أن يقول خذوني" حيال ما تعرض له خلال أزمته في المملكة التي دخلت في مطلع الشهر الجاري عامها الأول والتي كشفت وكالة "رويترز" الشيء الكثير عن تفاصيلها وعما تعرض له الحريري آنذاك، في حين رأى فيها البعض الآخر إرتياحا من قبل الحريري وإطمئنانا، وأن إقامته في المملكة ستتيح له اللقاء مع ولي العهد بن سلمان الذي قد يعطيه نصائح أو توجيهات ربما يكون لها مفاعيل سلبية أو إيجابية على تشكيل الحكومة، علما أن التوجيهات السعودية عقب التكليف كانت الاهتمام بالقوات اللبنانية التي ما تزال عقدة تمثيلها تحول دون تشكيل الحكومة.
يرى مطلعون أن الزخم الذي بدأ فيه الاسبوع الماضي على صعيد ولادة الحكومة قد تراجع كثيرا، نتيجة تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن إعطاء حقيبة العدل الى القوات اللبنانية، وظهور العقدة السنية لجهة تمثيل "اللقاء التشاوري" للنواب السنة المسقلين، لافتين الانتباه الى أن المهلة الأولى التي حددها الحريري قد إنقضت، وكذلك المهلة الثانية التي ستتآكل بفعل إقامته في السعودية، لكن الأمل يبقى معقودا على أن تبصر الحكومة النور قبل 31 تشرين الأول موعد دخول العهد سنته الثالثة، حيث من المفترض أن يوجه الرئيس ميشال عون كلمة الى اللبنانيين وهي ستبقى ناقصة في حال عدم تشكيل الحكومة، كما يتخوف البعض الآخر من أن عدم تشكيل الحكومة ضمن هذه الفترة، يعني أن الأمور ستطول كثيرا وسيدخل البلد في المجهول.
يمكن القول أن المشاورات ستبقى معلقة الى حين عودة الرئيس الحريري ليستأنفها بشأن إعداد التشكيلة الحكومية المنتظرة، في وقت أشارت فيه قناة "المنار" الى أن حل العقدتين القواتية والسنية يقع على عاتق الرئيس المكلف، في إشارة واضحة الى رفض رئيس الجمهورية إعطاء "اللقاء التشاوري" وزيرا من حصته، الأمر الذي يرفضه أيضا الرئيس المكلف ويعتبر أنه غير موجود على جدول أعماله، وهذا من شأنه أن يضاعف من تعطيل عملية التأليف في ظل إصرار حزب الله على تمثيل سنة 8 آذار.
تقول بعض المصادر: إن عقدة القوات ليست أسهل أو أقل تعقيدا من عقدة التمثيل السني، خصوصا أن الحقائب التي يمكن للرئيس الحريري أن يتصرف بها باتت محدودة جدا، في حين ترفض القوات حقيبة العمل كبديل عن العدل التي يتمسك بها رئيس الجمهورية، كما يرفض الحزب التقدمي الاشتراكي التنازل عن حقيبة التربية، أما الحريري فلن يتمكن من التنازل عن حقيبة الاتصالات لأن ذلك سينعكس عليه سلبا في شارعه، وهو إن غامر وقرر ذلك، فسيصطدم حتما بمجلس رؤساء الحكومات السابقين الذي يجتمع في كل مرة ليشد أزره وليمنعه من تقديم المزيد من التنازلات.
في خلاصة القول، حتى الآن لا يبدو أن حلا يلوح في الأفق حيال العقدتين، في وقت تتجه فيه الأنظار الى الرئيس المكلف الذي سيعود من السعودية، فهل سيبقى سعد الحريري الساعي الى تدوير الزوايا وإرضاء كل الأطراف سعيا لأن تبصر الحكومة النور؟ أم سيعود سعد الحريري المتحصن سعوديا والأكثر تشددا بحسب توجيهات ولي العهد، وتعود معه الأمور الى نقطة الصفر، ليبدأ العدّ من جديد؟.