نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء أن يكون بصدد توفير غطاء لحلفائه السعوديين في قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي فقد أثره بعد دخوله قنصليه بلاده في إسطنبول حيث يعتقد مسؤولون أتراك أنّه تم قتله بأمر من الرياض.
فقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض ردّاً على سؤال عن الاتهامات التي وجّهتها إليه خصوصا صحيفة واشنطن بوست بأنّه يوفّر غطاء للرياض "كلا، على الإطلاق. أنا أريد فقط أن أعرف ماذا حصل"، مضيفاً "أنا لا أوفّر غطاء على الإطلاق".
بل ويتوقع ترامب ظهور الحقيقة بشأن الصحافي خلال أيام فقال "سنعرف (الحقيقة) على الأرجح بحلول نهاية الأسبوع".
"لديهم طلبية هائلة، 110 مليار دولار"
لكن ترامب أكد من جهة أخرى أنّه لا يريد التخلي عن السعودية على خلفية هذه القضية، قائلا إن واشنطن بحاجة إلى المملكة في الحرب ضد الإرهاب. فردا على سؤال خلال مقابلة مع فوكس بيزنس حول ما يعتزم القيام به تجاه الرياض في حال ثبتت مسؤوليتها قال ترامب "آمل أن نكون في الطرف الأفضل من المعادلة".
وتابع "نحن بحاجة إلى السعودية في حربنا على كل الإرهاب، وفي كلّ ما يحدث في إيران وأماكن أخرى".
وردا على سؤال بأن الولايات المتحدة لن تتخلى إذا عن السعودية قال "لا أريد القيام بذلك وبصراحة، لديهم طلبية هائلة، 110 مليار دولار" في إشارة إلى صفقة بيع أسلحة أمريكية موعودة للمملكة.
وأوضح "أنها 500 ألف وظيفة وفي النهاية ستكون 110 مليار دولار، وهي أكبر طلبية في تاريخ بلادنا من جيش خارجي، وقلت هل نرفض ذلك؟".
وتابع "عسى أن تنجح الأمور ونعرف النتيجة، سنعرف حقيقة الأمر. آمل أن الملك وولي العهد لم يكونا على علم بذلك".
وكان ترامب قد دعا الثلاثاء في مقابلة مع وكالة "أسوشيتدبرس"، إلى تطبيق مبدأ قرينة البراءة على الرياض، مذكرا بأن السعودية تجري تحقيقها الخاص في مسألة اختفاء خاشقجي منذ الثاني من تشرين الأول/أكتوبر.
بومبيو التقى أردوغان ومقر القنصل السعودي في إسطنبول خضع للتفتيش
من جهته أجرى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأربعاء محادثات مع القادة الأتراك حول قضية اختفاء خاشقجي.
واجتمع بومبيو الذي وصل صباح الأربعاء إلى تركيا قادما من السعودية، في مطار أنقرة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يصدر عنه مباشرة أيضا أي اتهام للرياض.
كما التقى بومبيو نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، ثم غادر أنقرة دون الإدلاء بتصريحات.
وباشرت الشرطة التركية الأربعاء تفتيش مقر القنصل السعودي في إسطنبول في إطار التحقيق في قضية خاشقجي، وفق ما أفادت صحافية في وكالة الأنباء الفرنسية في الموقع.
وقام بالتفتيش نحو عشرة عناصر من الشرطة والنيابة العامة، بعد يومين على عملية مماثلة في القنصلية السعودية في إسطنبول حيث شوهد خاشقجي للمرة الأخيرة.
وغادر القنصل محمد العتيبي الذي تفيد تقارير إعلامية تركية أنه كان موجودا في القنصلية عند قتل خاشقجي، إسطنبول بعد ظهر الثلاثاء عائدا إلى الرياض.
ونشرت خلال الساعات الماضية تقارير إعلامية جديدة تفيد بقتل خاشقجي داخل القنصلية على يد فريق سعودي أرسل خصيصا من السعودية لتنفيذ المهمة.
"تعرض للتعذيب وقُطع رأسه"
وأفادت صحيفة "يني شفق" التركية الموالية للحكومة أن الصحافي السعودي تعرض للتعذيب داخل القنصلية عبر قطع أصابعه، مشيرة إلى أنها تملك تسجيلات صوتية تثبت ذلك. وروت أنه بعد التعذيب، تم قطع رأس كاتب مقالات الرأي في صحيفة "واشنطن بوست" والناقد لسلطات بلاده.
ونقل موقع "ميدل إيست آي" الإلكتروني الناطق بالإنكليزية عن مصدر تركي قوله إن عملية قتل خاشقجي استغرقت سبع دقائق، وأن رئيس المجلس العلمي للطب الشرعي بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية صلاح محمد الطبيقي بدأ بتقطيع أعضاء الصحافي بينما كان هذا الأخير "لا يزال على قيد الحياة".
وكان مسؤولون أتراك قد قالوا غداة اختفاء خاشقجي أنه قتل داخل القنصلية على أيدي فريق من 15 مسؤولا أوفدتهم الرياض خصيصا لهذه الغاية، الأمر الذي نفته المملكة بشكل قاطع.
"مقربون من دائرة ولي العهد"
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الثلاثاء أن أحد عناصر الفريق الذي يشتبه أنه نفذ العملية، هو ماهر عبد العزيز مترب، المقرّب من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وبحسب الصحيفة، فإنّ مترب رافق وليّ العهد خلال زياراته إلى الولايات المتحدة في آذار/مارس 2018 ومدريد وباريس في نيسان/أبريل 2018. وقد نشرت السُلطات التركية صورةً له لدى وصوله إلى مطار إسطنبول يوم اختفاء خاشقجي.
وتابعت "نيويورك تايمز" أنّ ثلاثة مشتبه بهم آخرين -عرّفت عنهم على أنهم عبد العزيز محمد الحساوي وثائر غالب الحربي ومحمد سعد الزهراني- مرتبطون بأجهزة أمن وليّ العهد السعودي البالغ من العمر 33 عاما، مستندة إلى شهود أو مصادر أخرى.
وقالت الصحيفة إنّها تأكّدت من أنّ "تسعة على الأقلّ من الأشخاص الـ15 (المشتبه بهم) كانوا يعملون في أجهزة الأمن السعودية أو الجيش أو وزارات أخرى".
بينما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن 11 على الأقل من هؤلاء السعوديين الـ15 لديهم علاقات مع أجهزة الأمن السعودية.
وكان خاشقجي يقيم في الولايات المتحدة منذ 2017.
"عملية استجواب جرت بشكل خاطئ"
وأوردت وسائل إعلام أمريكية مساء الاثنين أن السعودية تفكر في الاعتراف بأن الصحافي البالغ من العمر 60 عاما قتل خلال عملية استجواب جرت بشكل خاطئ.
وبحسب شبكة "سي أن أن"، فإن الرياض تحضر تقريرا ينص على أن العملية تمت "دون إذن"، وأن "الأشخاص الضالعين سيحاسبون".
وكان بومبيو قد أكد في ختام محادثاته في الرياض الثلاثاء أن القادة السعوديين وعدوا بألا يستثنوا أحدا من تحقيقاتهم بشأن اختفاء خاشقجي.
وتابع أن السعوديين "كانوا واضحين جدا"، وأنهم "يدركون أهمية المشكلة ومصممون على الذهاب حتى النهاية" في تحقيقاتهم.
في مجلس الشيوخ الأمريكي، توعد عضوان نافذان من الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب، الثلاثاء بأن الكونغرس سيتخذ "إجراءات قوية" في حال ثبتت مسؤولية الرياض في اختفاء الصحافي.
وقال أحدهما، وهو ليندسي غراهام، عن ولي العهد السعودي "هذا الرجل مدمر، لقد قتل" خاشقجي.
فرانس24/ أ ف ب
نشرت في : 17/10/2018