صجيفة الأخبار
عملياً، لم يعد لسمير جعجع من يسانده في مفاوضات تأليف الحكومة. هذه هي النتيجة السياسية الرئيسية لعجلة التأليف التي انطلقت بجدية. فوليد جنبلاط حل «العقدة الدرزية» في بعبدا، وسعد الحريري تخلى عن شروط معراب لصالح فرض تشكيلة حكومية ليس فيها ثوابت جعجع، لا بعدد المقاعد الوزارية، ولا بـ«وزن» الحقائب
«عملياً الاتفاق انتهى وبقيت بعض المشاكل الصغيرة»، هذا ما أكّدته مصادر مشاركة في الطبخة الحكومية لـ«الأخبار». هكذا، وبعد أشهر من التعطيل، انطلق مسار تشكيل الحكومة بجدية ظاهرة لدى مختلف القوى السياسية، وبسعي دؤوب لحلحلة العقد المتبقية. وفيما أكّد مصدر بارز لـ«الأخبار» أن الحكومة قد تبصر النور بدءاً من يوم الجمعة، قالت مصادر أخرى إن العقد المتبقّية قد تؤخر التأليف إلى اوقات غير محسومة.
وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، كان النقّاش لا يزال مستمراً بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعد سلسلة لقاءات أجراها الأخير نهاراً. وعُلم أن الحريري أبلغ زواره أنه مصمّم على التأليف سريعاً. وبالتوازي استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب السابق وليد جنبلاط في ما بدا حلحلة للعقدة الدرزية بعد التجاوب الذي أبداه جنبلاط مع كلام عون بضرورة الوقوف عند خاطر النائب طلال أرسلان.
ما تسرّب عن ايجابية اللقاء بين عون وجنبلاط، معطوفاً على تصميم الحريري على التأليف، يعني أن هامش المناورة ضاق أمام رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي بات امام القبول بما رفضه طوال الأشهر الماضية: لا حقيبة سيادية ولا حقيبتان أساسيتان، ولا خمسة وزراء. وعلمت «الأخبار» ان التيار الوطني الحر مصرّ على الحصول على حقيبة العدل التي تطالب بها القوات، الى جانب الطاقة والخارجية والدفاع، وعليه يبقى أمام القوات الحصول على التربية أو العمل. أما تخلي التيار عن العدل فلن يكون إلا مقابل الحصول على التربية التي يصر عليها جنبلاط، ما يعني عملياً ذهاب العمل الى القوات اللبنانية. إصرار التيار على أربع من هذه الوزارات الخمس يعني، عملياً، حل عقدة الأشغال التي ستذهب على الأرجح الى تيار المردة.
وتطالب القوات بوزارة الشؤون الاجتماعية بالاضافة إلى العدل، غير أن ثنائي امل ــــ حزب الله الذي لم ينل حتى الآن سوى وزارتي الصحة والمالية، يرى أن حصته الوزارية أقلّ مما تستحقه كتلتان من 30 نائباً، لذلك يطالب الثنائي بحصول «أمل» على الشؤون الاجتماعية التي من المفترض أن تلعب دوراً في ملفّ النازحين السوريين، ومن الأفضل أن تكون مع فريق سياسي على علاقة صداقة مع سوريا.
بالعودة الى العقدة الدرزية، تشير المعلومات إلى أن جنبلاط وضع في تصرّف رئيس الجمهورية خمسة أسماء من عائلات درزية بارزة كمخرج لعدم احتكار تسمية الوزراء الدروز الثلاثة، كما فعل أرسلان الأمر نفسه مسميّاً خمسة من المحسوبين عليه. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن جنبلاط يرغب في مراعاة أرسلان، لكنه يصرّ على حلّ أزمة الشويفات وتسليم أمين السوقي الذي يتهمه الاشتراكي بقتل أحد أبناء البلدة بإطلاق نار قبل أشهر.
أزمة جنبلاط مع الحريري تبدو أكبر من أزمته مع عون. إذ أن رئيس الحكومة لم يبدِ دعمه لمطالب جنبلاط بالحصول على وزارتي التربية والزراعة. وفي حين تبدو التربية من حصة الاشتراكي، لا يزال الصراع يدور على الزراعة، التي تطالب بها القوات أيضاً، في حين تقول مصادر أخرى إن الحريري يرغب في منحها للنائب ميشال معوض. ولم تنجح زيارة النائب وائل أبو فاعور مساء أمس إلى الحريري، في انتزاع موقف ثابت من الرئيس المكلّف بحسم مسألة الزراعة لصالح الاشتراكي.