تحت عنوان: "خفايا التقارب بين المردة والكتائب والقوات"، كتب جوزف توتونجي في صحيفة "الجمهورية": ليس صدفة ما يحصل حالياً من محادثات هادئة بين المردة والقوات اللبنانية، بل هو مسار طويل من الحوار المُضني والجدّي والهادئ استمرّ حوالى 25 سنة انطلق من المصالحة بين الكتائب والمردة، هذه المصالحة التي قادها رئيس حزب الكتائب الراحل الدكتور جورج سعادة عام 1993. وقد عشتُ هذه المرحلة بدقّتها وتفاصيلها كعضوٍ في المكتب السياسي، وقد آن الأوان أن نكشف للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً بعض الخفايا التي أحاطت بالمأساة التي أدّت عام 1978 الى استشهاد النائب والوزير السابق طوني فرنجية.
معركة إهدن
صباح الثلثاء 13 حزيران 1978، قصدتُ مستشفى أوتيل ديو، حيث كانت شقيقي زوجة قائد القوات الشيخ بشير الجميّل قد وضعت ابنتها البِكر مايا، وكانت الساعة الثامنة والنصف صباحاً. وما هي إلّا لحظات حتى دخل بشير بلباسٍ مدني. قبّلته وهنّأته بالملاك البِكر. ثمّ اطمأنّ الى صحة زوجته. ولم تمضِ دقائق معدودة، حتى يرنّ جرس الهاتف، فأجبت.
من الطرف الآخر، سأل الشخص الذي يحدّثني إذا كان الشيخ بشير موجود. فسألته، مَن يريده؟ أجاب: "من المجلس الحربي. العمليات"
أعطيتُ السمّاعة لبشير، الذي وبلحظة تبّدلت معالم وجهه، وقطب حاجبيه، وسمعته يصرخ: "له له له خربتوا العملية، خربتو الدني.... كيف بيصير هيك... وقت بيوصل فادي، خللي يحكيني ضروري". وأقفل السماعة بعصبية. ثم راح يجول في الغرفة غاضباً، قلّما رأيته بهذه الحال العصبية.
نظرت الي شقيقتي، فسألتني إيماءً عمّا يجري؟ فأجبتها لا أعلم. وحاولت أنا وصولانج لمدة عشر دقائق أن نسأله لكنه بقي على حاله يجول في الغرفة بصمت وغضب. وفجأة، توقّف، والتفت الينا وقال بصوت هادئ: "قُتل طوني فرنجية"... ساد صمت رهيب، قطعته صولانج بسؤال: كيف؟ شو صار؟ أجاب بشير: "كلفنا الشباب يعملوا عملية لجلب القبضايات الذين قتلوا المرحوم جود البايع، وكان من المفروض أن تتمّ العملية ليل الأحد- الإثنين. ولكن أجّلناها 24 ساعة، لأننا تبلّغنا أنّ طوني تعطلت سيارته وبقي في إهدن بدل العودة الى زغرتا كما العادة مساء الأحد. ولم يعاود المُخبر الإتصال، ظناً أنّ طوني نزل يوم الاثنين بعد الظهر الى زغرتا. ولكنّ العملية انطلقت، وهو كان ما زال في إهدن. يبدو أنه قُتل أثناء تبادل النار حول القصر".