لا تزال روسيا خارج التدخل المباشر لدى الأحزاب السياسية، علما أنها بذلت وتبذل جهوداً على مستويات عدة لمساعدة لبنان على حلّ مشاكله ولا سيما على صعيد المبادرة التي أطلقتها لحل ازمة النزوح؛ فضلا عن تأكيد رئيس الجمهورية في حديث لـ"قناة روسيا اليوم" أن "موسكو كانت في طليعة الدول التي ساعدت على حل أزمة الرئيس سعد الحريري" عندما قدم استقالته في تشرين الثاني الماضي من المملكة العربية السعودية.
وفي هذا السياق، يؤكد السفير الروسي الكسندر زاسيبكين لـ"لبنان24" أن "موسكو لم تقم بأي مسعى خاص لحل الأزمة الحكومية. فموسكو تعمل في إطار الجهود المشتركة للمجتمع الدولي لحل العقدة، وتتواصل مع جميع الفرقاء في لبنان، وتشجعهم على إيجاد الحلول، ولا سيما ان المشاركة الواسعة بالنسبة الينا هي الخيار الافضل".
في موازاة ذلك، سمعت المكونات السياسية المعنية بمفاوضات تأليف الحكومة، من موفدي الاليزلية أهمية الإسراع في التشكيل بهدف الاستفادة من مقررات مؤتمر "سيدر1" قبل فوات الأوان. وبحسب مصادر مطلعة لـ"لبنان24" فان السفير برونو فوشيه حمل إلى المسؤولين نصائح من دولته باستعجال التفاهم على تشكيل الحكومة.
كل ذلك أتى قبل لقاء الرئيس العماد ميشال عون بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الجمعة في حضور الوزيرين جبران باسيل وغطاس خوري، والذي ناقش الملف الحكومي بشكل أساس، بمعزل عن تأكيد الرئيس عون عقب اللقاء ان التأليف شأن داخلي صرف. وتشدد المصادر على أن المساعي الفرنسية تجاه لبنان ليست معزولة عن الدور الذي تلعبه باريس دوما تجاه لبنان عند كل مطب أو أزمة يتعرض لها، لافتة إلى أن ماكرون معني الملف الحكومي أولاً لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، وربطاً بمؤتمر "سيدر1" ثانياً.
على رغم كل ما تقدم، خرج الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله عصر الجمعة، قائلا: "انا شخصياً لا جديد عندي في الشأن الحكومي، ولكننا نحضّ على تشكيل حكومة وحدة وطنية"، مؤكدا "أننا لسنا مزعوجين ولا محشورين". ونفى السيد وجود عوامل خارجية في مسألة التشكيل، وجزم بعدم تدخل ايران وسوريا في هذا المجال.
بالنسبة إلى مصادر مقرّبة من "حزب الله" لـ "لبنان24"، فإن السيد نصر الله رغب في إظهار استيائه من طريقة التعاطي الداخلي مع المسار الحكومي، وبعث برسالة صغيرة لكل من يعتقد ان "حزب الله" يتعرّض للابتزاز، مفادها أننا لسنا محشورين على مستوى الاقليم ولا يمكن لأحد أن يبتزنا، علما أن مصادر غربية تشير إلى أن الإجراءات الأميركية المتشددة تجاه "حزب الله" بالتوازي مع العقوبات الأميركية على الجمهورية الإسلامية في الرابع من تشرين الثاني المقبل تستدعي، بحسب المصدر عينه، من الجميع تقديم التنازلات والتصدي للتحديات الاقتصادية على وجه الخصوص.
ومع ذلك ترى مصادر مطلعة على موقف "حزب الله" أن الفرصة لم تستنفد. فالتباينات بين المعنيين حول توزيع الحصص والحقائب والمعايير الواجب اعتمادها، لم تحجب التفاؤل من أن ولادة الحكومة باتت قريبة، وأن الأمور رهن الأيام القليلة المقبلة ليتوضح الخيط الابيض من الخيط الاسود، مع إشارة المصادر عينها إلى أن رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل الذي اعتمد في حديثه الخميس الماضي عبر قناة الـmtv مقاربة حكومية قاسية لا سيما تجاه حزب "القوات اللبنانية" لم يقفل الطريق الحكومية.