تحمل التطورات الجارية على المستوي الإقليمي تعقيدات لجهة المواجهة الاميركية – الايرانية، فالأزمات والصراعات متواصلة على قاعدة الأواني المستطرقة. ولأن جوهر علاقة طهران – واشنطن يتصل بالصراع في المنطقة، فإن ما يجري راهنا لا يتعدى الرهانات على تسويات بالحد الأقصى أو مقايضات بالحد الأدنى أقله في العراق ولبنان اللذين لطالما شكلا ساحتين أساسيتين للاعبَين "الدولي" و"الاقليمي".
وتربط أوساط سياسية الحل الحكومي في لبنان بمسار التطورات العراقية، في إطار ما يسمى بنظرية التقاطع بين الدولتين، بعيدا عن الربط المتكامل.
لقد جرت في العراق انتخابات نيابية ورئاسية أفضت إلى انتخاب برهم صالح رئيسا لجمهورية العراق، ومحمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب، بالتوازي مع تكليف عادل عبد المهدي تشكيل الحكومة الجديدة. وبالتالي فإن الوقائع تؤكد بطريقة أو بأخرى أن طهران وواشنطن حافظتا على نسبة معينة متساوية في الشراكة، في حين أن مصادر مطلعة على موقف حزب الله ترى في تقدير لـ"لبنان24" أن "الأسماء التي تم التوافق حولها جاءت لصالح ايران، فما حصل في العراق ليس تسوية بين الولايات المتحدة وايران، أو تسوية بين السعودية والجمهورية الإسلامية، إنما نجاح طهران في وجه واشنطن مع إمساكها باللعبة السياسية في هذا البلد".
وبناء على ما تقدم، ماذا عن لبنان؟
تثمة من يقول إن الربط بين لبنان والعراق ناتج عن أحداث سابقة لحظت تفاهمات أميركية - ايرانية في الماضي أطاحت في العام 2011 على سبيل المثال باياد علاوي الذي كان مدعوما من سورية يومذاك وفاز بالانتخابات النيابية العام 2010، لصالح نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، ودفعت من جهة أخرى حكومة الرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة أيضا في العام 2011، حيث كان للسفير الاميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان دور بارز في المقايضة مع الإيرانيين على خط بغداد – بيروت.
وتقول الأوساط أن المشهد في لبنان لن يتبلور حكوميا قبل منتصف تشرين الثاني ربطا بالتوازنات الاقليمية والترتيبات الجديدة التي ستتضح بعد الاسبوع الأول من الشهر عينه، مع تأكيد مصادر مطلعة على الموقف الأميركي لـ"البنان24" أن واشنطن قد تسمح لبغداد ببيع النفط لإيران بشكل محدود، الأمر الذي من شأنه أن يسهل تأليف الحكومة العراقية سريعا.
أما على الخط اللبناني، فتقول مصادر مطلعة لـ "لبنان 24" أن ليس هناك من قرار خارجي يقوم على منع تأليف الحكومة، وكل من يفكر عكس ذلك، لديه نقص بالمعطيات. فالعراقيل داخلية محض بمعزل عن الحماية السعودية لمصالح معراب والمختارة من دون أن يعني ذلك أن هناك موقفا "رياضياً" بمنع التأليف، مع إشارة المصادر نفسها إلى أن الأجواء التي رشحت في الأيام الماضية مع إطلالة الرئيس المكلف التي أعقبت لقاءه الرئيس ميشال عون لاتزال تميل إلى الإيجابية، وهناك فرصة للتاليف وأن الامور سوف تتبلور في الأسابيع القليلة، علما أن مصادر التيار الوطني الحر تشير إلى أن الحكومة قد تولد قبل 15 من الجاري.