سورية تراقب نهاية مهلة إدلب… والفصائل بين الرفض والانشقاقات وتركيا تؤكد التزامها
قضية الخاشقجي تتفاعل… وفلسطين ترفع البطاقة الحمراء للاستيطان… وبومبيو في كوريا
الحريري سيسمع ردود باسيل كما أبلغه بالتفاؤل تلفزيونياً… ومع الضيف الثالث… صار الوقت؟
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
فيما تؤكد سورية بلسان رئيسها الدكتور بشار الأسد التمسك بتفاهمات إدلب، وتراها مدخلاً لاستعادة وحدة سورية وإنهاء سيطرة التشكيلات الإرهابية على جزء من جغرافيتها، تتابع الجهات الدبلوماسية والعسكرية في سورية بالتفاصيل مجريات تطبيق تفاهمات إدلب ميدانياً عشية نهاية مهلة الشهر المتفق عليها في سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، حيث يجب أن تكون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة أصبحت خارج المنطقة منزوعة السلاح، وسط تجديد تركيا تعهداتها مع تمديد المهلة حتى منتصف الشهر، وتعلن العديد من الفصائل رفضها للتفاهمات، وتشهد العديد منها تشققات وصراعات حول التنفيذ بينما الحملة الدولية التي تشكلت تحت شعار منع عملية عسكرية في إدلب قد تفكّكت، والممانعة التركية ستفقد فعاليتها مع نهاية المهلة بالعجز عن تنفيذ التعهدات.
دولياً وإقليمياً، ارتباك إسرائيلي متواصل بمصدر القلق الذي سببته صواريخ الـ«أس 300» الروسية التي صارت سورية، والالتفاف على المأزق لا تفيد فيه مساعي التواصل الإسرائيلية بموسكو التي عبر عنها ما عمّمه مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن تفاهم على اللقاء مع الرئيس الروسي، للإيحاء بإيجابيات على خط العلاقة الروسية الإسرائيلية قد تغيّر المشهد، بعدما كانت موسكو واضحة في قرارها بتجميد أي لقاء مع قادة الكيان حتى يكتمل تسليم وتوضيع الـ«أس 300» بيد الجيش السوري منعا لأي أوهام حول جدية القرار الروسي، بينما جاءت العملية النوعية للمقاومة في عمق فلسطين المحتلة ونجاحها بقتل إثنين من المستوطنين لتؤكد لمجتمع الاستيطان أن أمنه سيبقى بخطر ما دام الاحتلال، وأن التوهم بقلق على الأمن مصدره الخارج مجرد وهم.
يتساند الإرباك الإسرائيلي بإرباك أميركي مماثل، بعدما شكلت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتلاحقة في إهانة الملك السعودي إحراجاً كبيراً، وصار البحث عن تلميع صورة الإدارة عشية الانتخابات النصفية للكونغرس يستدعي براعة وزير الخارجية مايك بومبيو في استحضار الأرانب من أكمامه، فكانت رحلته إلى كوريا الشمالية استعادة لمشهد قديم مستهلك، وظيفته الوحيدة الحديث عن تقدّم إيجابي وإنجازات، لا تلبث تغريدات جديدة للرئيس الأميركي بالتكفل بتبديدها.
القيادة السعودية المرتبكة بتصريحات ترامب، كان ينقصها الإرباك الناتج عن سلوك أرعن في التعامل مع الزيارة التي قام بها إلى القنصلية السعودية في إسطنبول الصحافي السعودي المنتمي لفريق الحكم وخطه السياسي بكل ما فيه من فضائحية في حروب سورية واليمن والموقف من المقاومة وإيران أصلاً، والمختلف حول زوايا تفصيلية تتصل بخلفيته الإخوانية. وجاء اختفاء الخاشقجي والمعلومات عن مقتله ليتسببا ببدايات أزمة تركية سعودية، تبعتها لاحقاً مواقف غربية تشير لمأزق كبير سيلاحق قيادة الرياض كلما بدا أن رواية خطف الخاشقجي أو قتله خصوصاً، صارت الأقرب إلى الواقع.
لبنانياً، تبدو عملية تشكيل الحكومة بعيداً عن التحليلات والمعلومات موضوعاً ترويجياً تلفزيونياً، حيث لا تدور المواجهات والتجاذبات ولا المشاورات حول العقد التي تفصل الضوابط التي حددها رئيس الجمهورية للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة كشرط لتوقيعه على التشكيلة الحكومية، عن الضوابط التي رسمها الرئيس المكلف للتشكيلة التي يمكن له تقديمها معدلة، بل صار على اللبنانيين النظر إلى ما يسمعونه من شاشة التلفزيون وخصوصاً من برنامج الإعلامي مرسال غانم، كل ليلة خميس، ويستمع معهم الخصوم والأصدقاء من السياسيين كمنبر لتوجيه الرسائل، بعدما افتتح الرئيس المكلف سعد الحريري إطلاق التفاؤل كحرب إعلامية استباقية، تعاونه في الضغط على التيار الوطني الحر ورئيسه، فردّ رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في اليوم الثاني بمؤتمر صحافي مخاطراً بتحميله مسؤولية العرقلة، يبدو أن الرئيس المكلف نفسه سيستمع مع اللبنانيين بالطريقة ذاتها إلى عروض باسيل لحلحلة العقد الحكومية، ليصير على اللبنانيين التساؤل عن الضيف الثالث للبرنامج نفسه والذي قد يكون النائب السابق وليد جنبلاط، لمعرفة ما إذا كانت عملية تذليل العقد في التشكيلة الحكومية ستعلن على الهواء، أم أن مهلة العشرة أيام التي حدّدها الرئيس المكلف تكون قد انتهت وزاد عليها خمسة أيام فتسقط نهائياً؟
فيما ينشغل الأتراك والسعوديون مع الولايات المتحدة بقضية الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي أعلن مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي أنه قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول، وأنّ سلطات بلاده ترجّح أن تكون العملية تمّت بمشاركة «15 سعودياً»، في موازاة اعتبار الوزير السعودي المفوّض وليد البخاري أنّ «مسرحية اغتيال خاشقجي مؤامرة ومكيدة استخبارية دبّرت بإحكام بغرض النيل من سمعة السعودية والإساءة إليها»، ينشغل لبنان بملف التأليف الحكومي الذي يبدو أنّ أفقه الإيجابي لا يزال بعيد المنال رغم الأجواء التفاؤلية التي بثها الرئيس المكلف سعد الحريري ليل الخميس.
وبينما تؤكد مصادر مطلعة على الملف الحكومي لـ «البناء» أنّ الأجواء إيجابية وأنّ هناك تقدّماً في المفاوضات لا سيما بعد ما لاقى طرح الرئيس المكلف إعطاء حزب القوات 3 حقائب خدمية ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء من دون حقيبة، تأييداً من رئيس الجمهورية.
وبينما لفتت مصادر معنية لـ«البناء» الى فيتو عوني على تولي تيار المردة وزارة الأشغال، شدّدت المصادر على أنّ حزب الله لن يرضى أن تسحب هذه الحقيبة من تكتل لبنان الحر الموحد، لتسند للاشتراكي الذي بدأ يطالب بها بعد سحب التربية منه وإعطائها للقوات. مع تشديد المصادر على أنّ حزب الله مصرّ على تولي حقيبة الصحة ولن يتراجع عن مطلبه الذي لا يلقى في الأصل أية معارضة محلية.
أما على خط القوات اللبنانية، فإنّ مصادرها حتى الساعة لا تزال تنفي تلقيها أية صيغة حكومية، مشيرة إلى أنّ الوزير باسيل لا يزال يمارس لعبة التعطيل لألف سبب وسبب، مشدّدة في حديث لـ«البناء» على انّ معيار التأليف يحدّده الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وما يقوم به الوزير باسيل هو تعدٍّ على صلاحيات الرئاسة الثالثة وتجاوز للرئيس المكلف، لافتة الى انّ المعيار الذي وضعه باسيل لن يرى النور، مشيرة الى أنّ حزب القوات يمثل ثلث الوجود المسيحي، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل على ثلث المقاعد الوزارية المسيحية من دون أية منة من أحد، مستغربة كيف أن باسيل يلجأ بين الفينة والأخرى الى اللعب بالأرقام والإحصاءات وفقاً لمصلحته.
في موازاة ذلك، تصرّ المصادر العونية لـ «البناء» على انّ التيار الوطني لم ينسف مؤتمر الحريري إنما جاء تكاملياً معه، مشيرة الى انّ حزب القوات أصبح محشوراً في الزاوية لا سيما أنه بات المعطّل الوحيد للتأليف. فهو يرفض حقيبة الدولة لنائب رئيس مجلس الوزراء، وهذا الأمر لا يصحّ، لا سيما انّ الحقائب المعروضة عليه مهمة وهي التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة. وترى المصادر أنّ النائب السابق وليد جنبلاط تعاطى بإيجابية مع كلام وزير الخارجية ودعا الى دراسة عرضه، الأمر الذي يستدعي التوقف عنده.
وكان جنبلاط كتب على «تويتر»: «لا بدّ من دراسة معمّقة وتدقيق موضوعي في العرض الأخير الذي قدّمه الوزير باسيل دون أن نسقط أهمية الطرح الذي قدمه الشيخ سعد الحريري، آخذين بعين الاعتبار انّ عامل الوقت ليس لصالحنا في التأخير. الامر الذي يصرّ عليه وينبّه من خطورته الرئيس بري ونشاركه القلق والقلق الشديد».
واعتبر النائب هادي أبو الحسن أننا «اقتربنا من الوصول إلى النتائج في الملف الحكومي، ورغم المشهد السوداوي نحن في الشوط الأخير من مسار تشكيل الحكومة ويمكن الوصول إلى نتيجة بمرونة من دون المسّ بالثوابت».
وعن موضوع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، قال: «عدم توزير أرسلان يبدو ثابتاً في المعادلة». وأضاف: «لهذا السبب نُبدي مرونة ونستطيع أن نعطي ولا يُؤخذ منّا ونشارك بتسوية ولا تُفرض علينا تسوية قسرية».
وقال النائب نواف الموسوي إن منع تشكيل الحكومة في وقت قليل، هو عمل تقوم به جهة معروفة من أجل دفع لبنان إلى التوتر والاضطراب، خصوصاً في ما يتعلق بموضوع الكهرباء، لأنه عندما تصبح هناك أزمة كهرباء واسعة، فعلينا أن نتوقع أن تصبح هناك اضطرابات شعبية، ولذلك ضرورة الانتباه من جميع المعنيين بتشكيل الحكومة وعلى رأسهم رئيس الحكومة».
من ناحية أخرى، بدا مؤكداً أمس أنّ «أوعا خيك» ذهب أدراج الرياح وأنّ ما يُحكى عن حماية اتفاق معراب في ما خصّ المصالحة المسيحية المسيحية بدّده الخلاف الذي حصل في بلدة الفرزل البقاعية بين مناصرين لحزب القوات اللبنانية من جهة، ونجل النائب ميشال الضاهر من جهة أخرى. وأكد عضو تكتل لبنان القوي في مؤتمر صحافي له في دارته في الفرزل « رفض إقامة النصب التذكاري للقوات أمام منزل العائلة في الفرزل، لأنّ المسألة أصبحت مسألة تحدٍّ وليست مسألة وضع نصب»، معتبراً أنهم «يريدون تكسير رأس ميشال ضاهر ورأس ميشال ضاهر لا يتكسّر».
وعلّق النائبان جورج عقيص وسيزار المعلوف على كلام ضاهر، مؤكدين أنّ «القوات ليست في وارد استفزاز أحد وأنّ الوقائع ثابتة ودامغة والضغوط التي مارسها على بلدية الفرزل خلفيتها الأساسية أنه لا يريد ان تزيد القوات من حضورها في الفرزل». ولفتا إلى أنّ حزب القوات لا ينتظر مكرمة النائب ضاهر الذي يحاول تعبئة فراغه السياسي من خلال الظهور بمظهر الندّ للقوات اللبنانية في منطقة زحلة».
هذا وتمّ الإفراج عن شباب القوات الذين أوقفوا في ثكنة أبلح باستثناء رئيس مركز القوات في الفرزل يوسف سيدي.
أما على خط عودة النازحين، فقد أفاد مركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين التابع لوزارة الدفاع الروسية بأن «نحو 93 سورياً عادوا إلى ديارهم من لبنان أول أمس عبر معبري جديدة يابوس وزمراني من بينهم 27 امرأة و48 طفلاً، كما عاد نحو 302 نازح إلى أماكن إقامتهم الدائمة داخل البلاد».