دافيد عيسى
آخر ما يمكن تصوّره في مسار الانحطاط والانحدار السياسي أنْ تطاول الحملات والشائعات رجلاً ناجحاً حمى النقد الوطني في أصعب الظروف وأدقّها هو حاكم “مصرف لبنان” رياض سلامة، وأنْ يتم استهدافه من جهات مغرضة ومخرّبة، تضرب عرض الحائط كلّ ما قام به من أجل حماية واستقرار العملة الوطنيّة في أدق وأخطر ظروف مرّ ويمرّ بها لبنان.
تعرّض، وما زال يتعرّض، هذا الرجل لتهجّمات وافتراءات منها لطموحات شخصيّة تحت شعار “قوم لأقعد مطرحك”، او لعدم توظيف ابن أو زلمة فلان أو ابن أو زلمة علاّن، أو لعدم تلبية مطالب بعض السياسيّين المخالفة للقانون والتي تندرج في بعض الأحيان في خانة الفساد السياسي المعروف في لبنان، وغيره وغيره من الأمور التي لن نتطرّق إليها اليوم. وكانت في كل مرّة تتلاشى هذه الحملات وتنكشف الأكاذيب وتظهر الحقيقة التي لا يمكن لأحد أنْ يخفيها أو أنْ ينكرها.
وعندما لم تفلح عمليّات التشكيك برياض سلامة، تحوّل أصحاب هذه الشائعات وبعض حاملي الأقلام المأجورة، التي يمتهن أصحابها ثقافة الهدم بالكلمة، إلى استهدافه “بالشخصي” واعتماد الأكاذيب والتلفيقات والأساليب الحقيرة، من خلال ماكينة، لا عمل لها إلا بثّ الإشاعات وضخ الأكاذيب، والتي لا هدف لها إلا تيئيس الناس و”تكفيرهم” وتهجيرهم من بلدهم، فهم:
– تارة ينتقدون هندساته المالية التي قام بها في أخطر وأصعب المراحل الأمنيّة والسياسيّة والتي جنّبت لبنان مخاطر نقديّة وعزّزت احتياطاته واستقراره، وهنا أسأل هؤلاء ماذا كنتم تنتظرون منه أنْ يترك العملة تنهار وأنْ تدخل البلاد في المجهول؟
وبدلاً من أنْ تنتقدوا هندساته المالية لماذا لا تنتقدوا السياسيّين الذين أوصلوا البلاد إلى “التحت” الذي ليس تحت تحته تحت، نتيجة فسادهم وهدرهم للمال العام، وأجبروه على اتخاذ هكذا قرارات صعبة ليجنّب لبنان الانهيار.
– وطوراً يحمّلونه مسؤولية توقف القروض السكنيّة المدعومة متجاهلين عن سوء نيّة أنّ الدولة هي التي تحدّد سياسة القروض وليس “مصرف لبنان”، وأنّ المصارف الخاصة هي التي تعطي القروض الشخصيّة والسكنيّة والتجاريّة والعقاريّة والسياحيّة للأفراد والمؤسّسات وليس “مصرف لبنان”، وأنّ دور المصرف المركزي يقتصر على دعم قروض المصارف فقط لا غير.
– ثم يصوّبون على رياض سلامة من خلال راتبه “العالي” على ما يزعمون، ويحاولون رمي أرقام مضخّمة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام من أجل تحريض الفقراء والناس عليه من هذا الباب، وهنا أقول للناس الطيّبين لا تتأثّروا بالشائعات، فمن هو مؤتمن على أموال اللبنانيّين ومدّخراتهم وعلى الكثير الكثير، راتبه لا يتناسب مع مسؤولياته ومهامه وجهوده، أما للمحرّضين فأقول:
هل تعرفون أنّ رياض سلامة عندما طلب منه الرئيس الشهيد رفيق الحريري أنْ يترك منصبه في “ميريل لينش” ويأتي إلى لبنان ليتسلّم حاكميّة “مصرف لبنان” كان راتبه أضعاف وأضعاف ما تقاضاه ويتقاضاه في لبنان، وأنّ ما يتقاضاه رياض سلامة يتقاضاه أيّ رئيس مجلس إدارة-مدير عام مصرف خاص من المصارف اللبنانيّة الكبيرة.
– ويتحدثون تارة أخرى عن استقالته، وهي ليست واردة على الإطلاق، فهو الذي لم يهرب ولم يتهرّب يوماً عندما كانت الأزمات والأخطار في أوجّها وهو لن يفعل هذا اليوم مدركاً أنّ لبنان بحاجة إليه أكثر من أيّ وقت مضى وأنّ المؤامرة التي لم تنل من هذا البلد أمنياً وسياسياً تعاود الكرّة هذه المرّة من الباب المالي والنقدي والاقتصادي.
– ثمّ يتحدّثون عن استقالة لأسباب شخصيّة لا تسمح له أنْ يستمر في مسؤوليّات دقيقة ومرهقة، ولكنْ فاتهم أنّ رياض سلامة عندما التزم مهمة قيادة المعركة على جبهة الاقتصاد والمال والنقد وضع حياته الشخصيّة والعائليّة جانباً ولم يسأل عن جهود وتضحيات ولم يلتفت إلى أناس يلجأون دائماً إلى الكذب والحقد والعهر السياسي من أجل مصالح شخصيّة.
– واليوم هم نفسهم، وهم في قمة الإفلاس، عمدوا إلى نسج إشاعات عن صحّته وبثّها، وهذه قمّة الانحطاط الأخلاقي، متناسين أنّ صحّة الإنسان، أيّ إنسان، هي في يد الله الخالق وأنّ لا أحد فوق رأسه خيمة خصوصاً في الموضوع الصحّي… وأنّ ما يشيّعونه عن صحّة رياض سلامة في الخيال ممكن أنْ يصيبهم هم في الواقع… مع العلم أنّ صحّته والحمدلله هي بألف خير.
أيّها السادة أقول لكم أنتم جبناء لأنّكم تصوّبون زوراً على الأنقياء و”الأوادم” والذين يعملون بإخلاص من أجل وطنهم، تصوّبون على من أيديهم غير ملوثة بمال غير نظيف، وتتغاضون عمداً وخوفاً عن الغارقين والمتورّطين والفاسدين في صفقات واختلاسات وعمليّات هدر وتهريب للمال العام.
كذبكم المتفلّت يا سادة، لا يقف عند حدود ولا يُقيم وزناً لمصلحة البلاد والعباد وصولاً إلى الحديث عن إفلاس عام وانهيارات ماليّة وتعثّرات مصرفيّة، تفعلون ذلك بكل وقاحة وقلّة أخلاق وانعدام في حس المسؤوليّة الوطنيّة وتتجاهلون كلّياً التأكيدات الصادرة عن رئيس البلاد العماد ميشال عون الذي أكّد استقرار الوضع المالي وثبات الليرة اللبنانية منذ أسبوعين أمام وفد اغترابي زاره في القصر الجمهوري، وتتجاهلون كلام حاكم “مصرف لبنان” المبنيّ على أرقام ومؤشّرات تدل على متانة وثبات الوضع النقدي والمالي رغم ما يعانيه الوضع الاقتصادي الاجتماعي من ضائقة وصعوبات هي نتاج مشاكل وملفات متراكمة ومكدسة منذ سنوات والتي يعود سببها إلى الأداء السياسي الفاسد في البلاد والهدر الكبير في مؤسّسات الدولة منذ سنوات طويلة.
أيّها السادة… تكذبون وتعرفون أنّكم تكذبون، وتعرفون أنّنا نعرف أنّكم تكذبون، ومع ذلك تستمرون بكذبكم… لكن هذا لم ينفع في الماضي ولن ينفع في المستقبل.
في الختام أتوجّه إليكم لا لأخاطب ضمائركم وإنّما لأكشف أفعالكم ومراميكم الخبيثة والخطيرة وأقول لكم إذا كنتم تعرفون خطورة ما تفعلون وتُقدِمون عليه فهذه مصيبة وإذا كنتم لا تعرفون فالمصيبة أعظم، لكنّي أعرف أنّكم تعرفون.
يا سادة… إذا كنتم تريدون بإساءاتكم إلى رياض سلامة تشويه صورته فإنّكم بكلامكم وأفعالكم تُسيئون إلى لبنان، وطناً ودولة، وتضربون صموده ومناعته وتُمعِنون في سياسة تضليل وتخريب وتيئيس وإشاعة القلق الجماعي وتهجير ما تبقى من شباب…
“حلّوا عن ضهر رياض سلامة… وريحونا بقى”