نظم “الحزب التقدمي الاشتراكي” ومؤسسة “فريدريش ايبرت”، مؤتمرا بعنوان “رؤية مستقبلية لقطاع النقل في لبنان”، برعاية رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط ممثلا بالنائب فيصل الصايغ، في فندق “راديسون بلو” في فردان، في حضور ممثل وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر، النائب هنري حلو، النائب السابق علاء الدين ترو، الممثل المقيم لمؤسسة “فريريش ايبرت” ارمين هاسمن، نائب رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” كمال معوض، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، المدير العام لوزارة العدل ميسم النويري، مدير البرامج والتخطيط في مجلس الانماء والاعمار الدكتور ابراهيم شحرور، ممثل قائد الجيش العقيد ماهر سري الدين، ممثل المدير العام للامن الداخلي الرائد قهوجي، ممثل المدير العام للامن العام العقيد نجم الاحمدية، المدير السابق لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، مسؤول قطاع المواصلات والنقل في البنك الدولي الدكتور زياد نكت، قائد الشرطة القضائية العميد اسامة عبد الملك، المدير العام للمؤسسة العامة للاسكان روني لحود، المدير العام لوزارة المهجرين احمد محمود، مفوض الحكومة في مجلس الانماء والاعمار وليد صافي، عضو مجلس الادارة مالك العياص، رئيس نقابة اصحاب الشاحنات شفيق القسيس، رئيس اتحاد النقل البري عبد الامير نجدي، أمين السر العام في “الحزب التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر وشخصيات.
بداية النشيد الوطني ونشيد “التقدمي”، فتعريف من الاعلامية نانسي الحاج شحادة، ثم كلمة الحزب القاها عضو مجلس القيادة نشأت الحسنية، وقال فيها: “نحو حقبة جديدة من النضال السياسي والاجتماعي” أطلقها الحزب في مؤتمره العام الاخير، وارادها عنوانا للمرحلة القادمة، من نضاله وعمله السياسي، بعد ان وجد ان الترف الفكري الذي يعيشه بعض السياسيين، لن يكون حلا للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تتفاقم ضغوطه المعيشية على المواطنيين اللبنانيين الذين باتوا بأغلبيتهم الساحقة تحت خط الفقر”.
أضاف: “إن تخبط السلطة السياسية، وإفتقادها لرؤية إقتصادية وإجتماعية واضحة المعالم والاهداف، تعالج من خلالها هموم الناس وحقهم في عيش كريم لائق يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية، وتوقف النزف الحاصل في مالية الدولة، دفع بالحزب وإنطلاقا من واجبه الوطني والاخلاقي ان يقف كعادته مع المصلحة الوطنية ومصالح اللبنانيين جميعا، الذين يتوقون لدولة قادرة وعادلة ومسؤولة. فالمؤشرات السلبية على المستوى الإقتصادي والاجتماعي، والتراجع المخيف في أداء السلطة السياسية وما ألحق بمؤسسات الدولة كافة، من ترهل وتردي وإنهيار في سلوكها وإنتاجيتها وفسادها كل ذلك إستلزم لإستمرار ثلاثية الدولة وإستقرارها: أي الإقتصاد والأمن والقضاء معالجة فورية وسريعة، بعيدا عن التجاذب والمصالح الفئوية الضيقة، وقد قبل الحزب هذا التحدي وقرر ان تكون المرحلة القادمة من عمله السياسي والحزبي الدفاع عن قيام الدولة وإلتزامها حماية المواطنين في لقمة عيشهم الكريم بعيدا عن التنظير السياسي”.
وتابع: “إن الحزب وإنطلاقا من إلتزامه الوطني ومسؤوليته تجاه الشعب بكافة فئاته وشرائحه الإجتماعية، وبعد ان اصبح العامل والطالب والموظف وذوي الدخل المحدود كما القطاعات الإقتصادية أمام مخاطر جدية تهدد مستقبل الوطن وإستقراره الإجتماعي، فأحزمة البؤس تزداد إتساعا والفقر يقرع ابواب اللبنانيين والبحبوحة إلى زوال وجدية المعالجة والمسؤولية الى إنعدام، والجميع يشهد تراجعا في أداء الدولة وإنهيارا متزايدا في هيبة السلطة وتخليها عن دورها في تقديم الرعاية والضمانات الإجتماعية وعدالتها، كل ذلك دفع بالحزب وبجدية كعادته الى تبني القضايا الاجتماعية ومتابعة ملفاتها على كل المستويات. وفي هذا المجال وبعد ان رأى الحزب عدم وجود خطة جدية شاملة ومتكاملة لتنظيم قطاع النقل وتطويره رغم أهميته ودوره في تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية لعموم المواطنين، قرر تسليط الضوء مجددا على أهمية هذا القطاع. فقطاع النقل كما تتعامل معه كل الدول هو قطاع إقتصادي بإمتياز، منتج، يطال في منافعه المواطنين ويعود عليهم بالخير ويخفف الأعباء عن كاهلهم ويساعم في نمو الإنتاج والاقتصاد الوطني”.
وأردف: “فلقطاع النقل في لبنان دور في التنمية وتنشيط النمو والإنتاج والحياة الاقتصادية بكل نواحيها. هو وسيلة اتصال وتواصل بين المناطق اللبنانية، لتنمية الريف والمناطق النائية، ووقف النزوح نحو المدن. هو حماية لأرواح اللبنانيين التي تزهق سنويا بالآلاف من جراء حوادث السير. وبقطاع نقل منظم تخفف الأعباء المالية عن الشباب والطلاب والعمال والموظفين واصحاب المهن. هو راحة وإستقرار نفسي للأفراد والمجتمع ولإنتاج الفرد الذي يقضي ساعات دون جدوى ذهابا وإيابا ليصل الى مركز عمله وسكنه. هو حماية للبيئة وتخفيف للتلوث وزحمة السير”.
وقال: “اذا كنا لا نود أن نستبق ما سيرد من مداخلات وإقتراحات، فإن من الثابت والاكيد ان معالجة قضايا قطاع يحتاج لإرادة وقرار من المسؤولين في السلطة السياسية، وفي غياب هذه الإرادة عبثا نحاول استيراد الحلول من مؤتمرات دولية ومؤسسات ومصارف خارجية، بل علينا العمل بجهد مشترك وتعاون بناء بين القطاعات المعنية التي سبق وقدمت بمعظمها ومن موقعها ومهامها اقتراحات عملية لمعالجة مشاكل هذا القطاع، الا انها لم تجد من الحكومة والمسؤولين اي تعاون إيجابي، فأهملت اقتراحاتها وطويت في الأدراج، وفي هذا السياق نأمل ان تحظى الخطط المقدمة من المصالح المعنية وبخاصة الخطة المقدمة حاليا من مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك التي اخذت جهدا مميزا من المصلحة ومديرها العام بإشراف وزير الاشغال والنقل، الدعم والاهتمام اللازم لتنفيذها، آملين من معالي الوزير متابعة هذا الملف وإعطائه الرعاية اللازمة والسير به للتنفيذ الى جانب ما تقدمه المديريات والمؤسسات الاخرى المعنية من خطط مماثلة”.
وختم الحسنية: “ان قطاعا حيويا وهاما وعلى تماس يومي بحياة المواطنين اللبنانيين ورزقهم كقطاع النقل، يستوجب تعاطيا جديا ومسؤولا معه، وهو ما هدف اليه الحزب من خلال تنظيم هذا المؤتمر الذي نأمل ان تحمل نقاشاته وتوصياته، بحضور المسؤولين عن القطاعات المعنية واصحاب الاختصاص والمشاركين جميعا، خلاصات تشكل خطوات عملية في هذا الصدد، يلتزم الحزب بالدفع من اجل تحقيقها سواء احتاجت الى قرارات من الوزير المختص او من مجلس الوزراء او احتاجت لمشاريع قوانين”.
كما ألقى هاسمن كلمة قال فيها: “لي شرف أن أمثل فريدريش إيبرت، فهذه المؤسسة تفتخر بكونها إحدى المؤسسات الدولية القليلة التي حافظت على نشاطاتها طيلة فترة الحرب الأهلية، وتعتز برؤيتها المستقبلية للبنان. منذ العام 1966، عملت مؤسسة فريدريش إيبرت على إطلاق عدد من المبادرات بهدف نشر ثقافة الديمقراطية الإشتراكية وتعزيزها، وذلك عبر مشاريع وشراكات محلية وعبر السعي لتمتين حركات العمل النقابي”.
أضاف: “بما لا يقبل الشك، يشكل قطاع النقل ركيزة أساسية لأي إقتصاد متنوع وحيوي، ويبقى هذا القطاع ضرورة للتنمية المستدامة. هذا، وبرغم أن قطاع النقل في لبنان قد نجح بتجاوز عدد من التحديات منذ نهاية الحرب الأهلية وخلال فترة إعادة الإعمار، ولا يزال يواجه سلسلة من التحديات التي يجب على الدولة مواجهتها”.
وتابع: “إن التحدي الأساسي الذي يواجه قطاع النقل يختصر بغياب إستراتيجية وطنية واضحة حياله. نتأمل من الدولة اللبنانية العمل على تطوير سياسات واضحة، متكاملة، تترافق مع أهداف وجداول عمل دقيقة. ونتمتى أيضا أن تكون هذه المشاريع قابلة للتنفيذ وغير متضاربة مع بعضها البعض. ونؤكد ضرورة تصميم المشاريع التي تستهدف قطاع النقل بشكل يفضي إلى مردود عال ونتائج قصوى، وعلى أن تلحظ هذه المشاريع قدرة المواطنين على الولوج الحر، من دون عراقيل، إلى وسائل النقل، وعلى أن تحد من التلوث الذي يؤدي إلى تآكل المواقع الطبيعية، بالأخص تلك التي ينفرد بها لبنان في محيطه في الشرق الأوسط”.
وأردف: “كانت الأسباب الآنف ذكرها الحافز الأساسي وراء إصرار مؤسسة فريدريش إيبرت على دعم هذا اللقاء اليوم، وخصوصا اننا مقبلون على حكومة جديدة، الارجح ان يكون تنفيذ الإتفاقيات التي وقع عليها في مؤتمر “سيدر” من أولوياتها. لهذا، نقف اليوم، ومن خلال هذا اللقاء، أمام فرصة مناقشة التحديات التي تواجه قطاع النقل والإتيان بمقترحات حلول فعالة وناجعة. باختصار، إن على الدولة اللبنانية، وبالأخص الوزارات التي تتعاطى مباشرة مع قطاع النقل وتتمتع بسلطات واسعة في هذا المجال، مسؤولية كبرى في ما يختص بإصلاح هذا القطاع وتطويره. هنا تجدر الإشارة إلى أن نجاح مشاريع قطاع النقل ليس منوطا بطرف واحد، بل هو نتيجة جهد مشترك بين الإدارات الرسمية و مجمل المجتمع المدني”.
وختم هاسمن متمنيا “أن يفتح هذا المؤتمر المجال أمام حوار مستمر وناجع بين الأطراف المختصة”.
ثم تحدث فنيانوس، فوجه “تحية للقيمين على هذا المؤتمر، من مشاركين ومحاضرين، لتسليط الضوء على قطاع النقل العام”، مبديا استعداده “لمتابعة ما تتوصلون اليه من توصيات، اذ لم يعد خافيا على احد الواقع الصعب الذي يعاني منه المواطن اللبناني نتيجة استفحال ازمة السير بسبب غياب منظومة متكاملة للنقل تغطي كافة المناطق اللبنانية. كما لم يعد خافيا على احد الاثار السلبية الناجمة عن العشوائية والفوضى المتحكمة بهذا القطاع منذ عقود من الزمن وانعكاساتها السلبية على كل المستويات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، كل ذلك نتيجة الاهمال المزمن المتمثل بغياب الاستثمار الجدي والمجدي في قطاع النقل العام للركاب بفرعية النقل المشترك والنقل السككي”.
وقال: “ان الازدياد المضطرد لعدد السيارات المستخدمة في تنقلات اللبنانيين اليومية نتيجة افتقار لبنان الى نظام نقل متكامل، يعتبر من ابرز العوامل المسببة لأزمة السير، لذلك لا بد من استحداث منظومة متكاملة للنقل لتمكين اللبانيين من الاستغناء عن استخدام سياراتهم الخاصة في تنقلاتهم اليومية وبالتالي تحقيق طموحاتهم وآمالهم في الحصول على خدمة نقل متكاملة ونوعية وبكلفة مقبولة، الامر الذي بات يشكل خدمة اجتماعية ملحة لمعظم شرائح المجتمع اللبناني”.
أضاف: “ان المشاريع المقتصرة على شق الطرق وتوسعتها وبناء الجسور على اهميتها والتي بلا شك تساهم في الحد من ازمة السير، تبقى حلولا آنية في ظل تزايد عدد السيارات والنمو السكاني والتوسع العمراني الحاصل في المدن والبلدات اللبنانية، فالسبيل الوحيد لحل معضلة السير يستوجب المباشرة بتنفيذ خطط والمشاريع المعنية باستحداث شبكة متكاملة للنقل المشترك تغطي كافة المناطق والبلدات اللبنانية وفقا للأولويات المتعلقة بأزمة السير الحاصلة في المدن، لاسيما ضمن مدينة بيروت الكبرى وعلى مداخلها. لذلك وانطلاقا من إدراكها للواقع القائم، قامت الوزارة بمتابعة ورعاية الجهود التي بذلتها مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك في سبيل تحقيق عدد من المشاريع الطموحة التي يمكن من خلالها الخروج من الواقع الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون نحو آفاق الحلول المتاحة:
1- مشروع النقل العام للركاب ضمن بيروت الكبرى واستخداث نظام للنقل السريع على المحور الساحلي الشمالي لمدينة بيروت بتمويل من البنك الدولي بقيمة 295 مليون دولار اميركي. يهدف هذا المشروع الى تحسين سرعة النقل العام ونوعيته للركاب ضمن بيروت الكبرى وعلى المدخل الشمالي لمدينة بيروت. وقد وافق مجلس الوزراء على اتفاقية القرض واتفاقية التمويل لهذا المشروع في جلسته المنعقدة بتاريخ 16/5/2018، على ان يأخذ مساره نحو التنفيذ خلال الفترة القريبة المقبلة.
2- مشروع النقل العام للركاب ضمن مدينة طرابلس وجوارها: لقد تم توقيع اتفاقية تعاون مع البنك الاوروبي للتثمير لتقديم المساعدة التقنية لتنفيذ مشروع متكامل للنقل المشترك ضمن مدينة طرابلس وجوراها، وذلك من خلال هبة بقيمة مليون يورو مقدمة من الاتحاد الاوروبي لمساعدة الدول المتأثرة بازمات الدول المجاورة.
3- مشروع اعادة تأهيل جزء من مسار سكة الحديد وتكريسه حصرا للنقل المشترك لتخفيف الازدحام المروري داخل مدينة بيروت وعلى مداخلها ولتأمين خدمة نقل سريعة ومنتظمة لشريحة واسعة من السكان والمواطنين. ان الحل الذي يقدمه هذا المشروع يعتمد على تكريس مسارات ستكون مخصصة لوسائط للنقل المشترك وبالتالي سيؤدي الى:
– الحد من كثافة حركة المرور على الطرق الحالية صمن مدينة بيروت.
– خلق محاور/ مسارب يمكن من خلالها تجنب الدخول الى الدخول الى داخل المدينة.
– تحقيق نظام للنقل السريع والمنتظم يتصف بالسرعة والدقة والكفاءة والقدرة على استيعاب وخدمة اعداد كبيرة من الركاب.
4- مشروع اعادة احياء خط سكة الحديد طرابلس العبودية (35 كلمترا): لقد انجزت الدراسات اللازمة لإعادة احياء هذا الخط واحيل الملف الى مجلس الانماء والاعمار لتأمين التمويل اللازم لتنفيذه.
5- مشروع خط سكة الحديد بين بيروت وطرابلس (85 كلمترا): لقد انجز الجزء الاساسي من الدراسات اللازمة لاعادة احياء هذا الخط بموجب الدعم التقني المقدم من البنك الاوروبي للتثمير.
6- إعداد مخطط توجيهي شامل لقطاع النقل السككي في لبنان: يجري العمل حاليا على اعداد دفتر الشروط المناسب ليصار الى تكليف فريق استشاري متخصص لاعداد مخطط توجيهي شامل لقطاع النقل السككي في لبنان يأخذ بعين الاعتبار الواقع القائم ومتطلبات المستقبل”.
وختم فنيانوس: “انطلاقا من ادراكي لحجم العثرات الموجودة في مختلف القطاعات والمرافق العامة، والتي باتت تستدعي المعالجة الفورية لتلبية حاجات اللبنانيين من جهة، ولوقف النزف الحاصل في الاقتصاد اللبناني من جهة اخرى، الا انني على يقين بان الحكومة اللبنانية ستعطي الاولوية للمشاريع التي تعنى بتلبية حاجات المواطنين ورغباتهم، وفي طليعتها المشاريع الاستثمارية في قطاع النقل العام من خلال تأمين الدعم المطلوب والتمويل اللازم لتنفيذها، لا سيما منها مشروعي النقل المشترك ضمن مدينتي بيروت وطرابلس للانطلاق من بعدها وبصورة تدريجية نحو باقي المدن والبلدات اللبنانية، اذ بات يمكن الافادة من الطاقات والقدرات الاستثمارية للقطاع الخاص في هذا المجال”.
من جهته قال الصايغ: “ينعقد مؤتمرنا اليوم حول النقل المشترك، كجزء من اهتمامات الحزب التقدمي الاشتراكي، التي تشمل كافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تهم المواطنين، من كهرباء وماء وصحة وبيئة وسكن وتعليم وفرص عمل وغيرها. ويسعى اللقاء الديمقراطي، برئاسة النائب تيمور جنبلاط، لوضع رؤية شاملة وخطة عملية لمقاربة كل هذه الملفات، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة. كما نعمل جادين، وسنكون جاهزين ومشاركين فاعلين، في طرح الحلول القادرة على نقل البلد إلى حال أفضل، تليق بلبنان واللبنانيين. وكما تعلمون، فإن الأرقام الصادرة عن واقع لبنان، أقل ما يقال فيها أنها مخجلة ومخيفة. ففي دراسة، تبين أنه من أصل 137 دولة، من حيث نسبة الدين العام إلى الدخل القومي، حل لبنان في المرتبة 135. وفي الكهرباء، أتى لبنان في المرتبة 134. وفي الفساد في المرتبة 123. وكبلد منافس لإقامة أعمال فيه، أتى لبنان بين أسوأ 10 دول. وفي هجرة الأدمغة حدث ولا حرج. في البطالة خمسة آلاف وظيفة ل35 ألف خريج جامعي. زحمة السير تكلف الاقتصاد اللبناني 80% من الدخل القومي، أي حوالى 4 مليار دولار سنويا”.
أضاف: “كنا قد توقعنا لهذه السنة نموا بنسبة 2,5 %، مقابل تضخم بنسبة 7 %، أي إن حجم الاقتصاد تقلص. كنا توقعنا خسائر في الكهرباء تصل إلى 1,4 مليار دولار، فتبين أنها وصلت إلى 2 مليار دولار. أقرينا سلسلة رتب ورواتب، كان يفترض أن تغطى بالضرائب الجديدة الظالمة، فتبين أنها ستكلف الموازنة مليار دولار، في السنة الأولى. بالتالي، وفي المحصلة، سنكون هذه السنة أمام عجز في الخزينة يقارب 6,5 مليار دولار، فيما كنا نتوقع 4,5 مليار دولار”.
وتابع: “نستعرض كل هذه الأرقام، ليس بهدف تيئيس الناس، أو للتسليم والقول بعدم وجود حلول. فلا شك في أن الحلول متوفرة، لكن لها مستلزمات أساسية، تبدأ بوقف فوري للترف السياسي، والدلع السياسي، ولمراهنات البعض ورهاناتهم على إمكانية هيمنة من هنا، وتسلط من هناك، وتلاعب بأسس اتفاق الطائف، عبر محاولة إدخال بعض الأعراف عليه، تخل بالتوازن السياسي الدقيق الذي أرساه اتفاق الطائف، والذي وفر استقرارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. المطلوب اليوم الاستفادة من الزخم الإيجابي الذي أفرزته جلسات مجلس النواب الأخيرة، التي دعا إليها دولة الرئيس نبيه بري؛ جلسات تشريع الضرورة التي أثبتت أنه عند الضرورة يمكن للقوى السياسية أن تتحمل المسؤولية، وأن تتعاون، وأن تنجز. فلقد أقر المجلس النيابي هذا الأسبوع 16 قانونا، منها ما يتعلق بمكافحة الفساد، وحماية كاشفيه، وإعطاء حوافز لذلك. ومنها ما يتعلق بمؤتمر “سيدر 1″، من قروض ميسرة، في مجال الصحة، ومجال البنية التحتية، من طرقات وصرف صحي؛ ومنها قانون إطار لمعالجة النفايات الصلبة؛ بالإضافة إلى قانون الوساطة القضائية الذي سيساهم في بت الخلافات التجارية بين المتنازعين، بإشراف القضاء، وبالتالي تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار الآمن في لبنان”.
وأردف: “ولكن بقيت نقطة سوداء في تلك الجلسات، أعني بها عدم تمكننا من إقرار اعتماد إضافي لأدوية السرطان والأمراض المستعصية، مع ما يعنيه ذلك من مأساة تطال شريحة واسعة من المواطنين، لكننا سنجد لها معالجة قريبة، إن شاء الله”.
وقال: “الضرورة تستدعي منا اليوم التسريع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، يرأسها دولة الرئيس سعد الحريري، وتتمثل فيها كل القوى الأساسية في البلد، وفق الأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، مع دعوتنا من يعنيهم الأمر إلى بعض التواضع وصدق النوايا. كما ندعو الجميع إلى تنازل ذاتي متبادل، لا يشكل انكسارا لأحد، بل ينعكس انتصارا لإرادة الناس، وتوقهم إلى دورة حياة طبيعية في وطنهم. والضرورة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الضاغطة، تقتضي عملا نيابيا وحكوميا استثنائيا في المرحلة المقبلة، يعوض ما خسره الناس والوطن في الفترة الأخيرة. وفي هذا السياق، نذكر بالقوانين التي أقرت بعد مؤتمر “باريس 1″ و”باريس 2″، أي منذ 15 سنة، والقاضية بتشكيل الهيئات الناظمة للقطاعات الانتاجية والحيوية التي تعني كل المواطنين، من كهرباء وماء واتصالات وطيران مدني وبيئة ونفط وغاز، لما لهذه الهيئات من دور مهم، يجنب القطاعات المنتجة تدخلات السياسيين وصراعاتهم، ويفعل عجلة الإنتاج، ويرسم إطارا عمليا لنهضة مستدامة، تنخرط فيها كل مكونات المجتمع، وتتيح لأصحاب الكفاءة أن يتبوؤا المراكز التي يستحقون، كما تسهم في الحد من هجرة الأدمغة والشباب”.
وختم الصايغ متمنيا النجاح لأعمال المؤتمر “والنجاح نراه مؤكدا، بفضل جهود الصديق الأستاذ زياد نصر، المدير العام لمصلحة السكك الحديد والنقل المشترك. وإذا كنت لم أعرج كثيرا على شؤون هذا القطاع الحيوي، فلأنني سأنضم إلى صفوف المستمعين إلى المحاضرات والدراسات القيمة لأصحاب الاختصاص الكرام، مع الوعد بأن نبقى دوما إلى جانبكم، وإلى جانب قضايا الناس، حاملين همومهم في الحزب التقدمي الاشتراكي، وطارحين أصواتهم كلقاء ديمقراطي داخل الندوة البرلمانية، ومتابعين لمطالبهم في الحكومة وفي كل موقع قرار”.
وناقشت الجلسة الاولى من المؤتمر “واقع قطاع النقل في لبنان: اشكاليات وتحديات”، فعرض القيسي للخطط والاستراتيجيات الموضوعة لقطاع النقل، متحدثا عن سياسة القطاع وخطة اصلاحه “التي تحتاج الى خطوات توافق عليها الحكومة ومجلس النواب”. كما اشار الى “ضرورة اعادة هيكلة ادارة قطاع النقل البري وتقديم الدعم المالي للقطاع”، كما تناول موضوع السكك الحديدية وخطة اعادة تفعيلها.
وتحدث الأسمر عن “آثار النقل على الاوضاع الاجتماعية وانعكاسه على دخل الفئات الشعبية”، مقترحا بعض الحلول “كوضع سياسة نقل عامة تنطلق من تخفيف استيراد السيارات وفرض الرقابة على السيارات العامة وتخفيف اسعار المحروقات ووضع اسطول للنقل المشترك يطال جميع الاراضي اللبنانية”. ودعا الى “تفعيل هذا القطاع من خلال تنظيم خطوط النقل والمواقف بين المدن والبلدات”.