أكد النائب فؤاد مخزومي أن الأزمة الاقتصادية التي تهدد لبنان يجب أن تكون الدافع الأول للبنانيين لتخطي كل العوائق المذهبية والطائفية والنظر فقط إلى إنقاذ لبنان من أي خطر اقتصادي من الممكن أن يتعرض له، معتبراً أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود رؤية اقتصادية سليمة من شأنها تطوير البلد وخلق الوظائف للشباب، ومنوهاً بأن هذا الأمر يقع في سلم أولوياته وهو بند أساسي في عقده مع أهل بيروت. وفي ملف الحكومة، لفت إلى أن العقدة الأساسية التي تحول دون الإسراع في تشكيل الحكومة لا تكمن فقط في نسبة التمثيل إنما في الطموحات السياسية لبعض الأطراف في الداخل، داعياً إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لأن هذا الأمر من شأنه أن يعزز ثقة الخارج بلبنان ويدفعه بالتالي إلى دعمه مالياً تمهيداً لاستعادة نشاطه الاقتصادي.
كلام مخزومي جاء خلال مقابلة أجراها على تلفزيون “أن.بي.أن” مع الإعلامية مهى شمس الدين ضمن برنامج “السياسة اليوم”، لافتاً إلى أنه لمس بعد زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون انفتاحه على اقتراحات الحلول كافة، في حين أنه يصر على العديد من الثوابت وأولها أن تتمثل الأحجام الحقيقية التي أنتجتها الانتخابات النيابية في التشكيلة الحكومية. كما أكد عون على ضرورة احترام الميثاقية لئلا نستعيد مشهد العام 2006، عندما انسحب فريق معين محسوب على طائفة معينة من الحكومة وجمد عمل الدولة، خصوصاً في ظل ما يشاع عن مطالبة البعض بتفرد حزب واحد بتمثيل طائفته. في وقت أكد مخزومي على ضرورة تطبيق المعايير التي تحكم اختيار الوزراء بشكل يلغي الحصرية ويحفظ التعددية داخل الطوائف وحق الجميع بالتمثيل. ورفض الدخول في دهاليز الطائفية والمذهبية التي تؤدي حتماً إلى الدمار، مشيراً إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تهدد لبنان يجب أن تكون الدافع الأول للبنانيين لتخطي كل العوائق المذهبية والطائفية والنظر فقط إلى إنقاذ لبنان من أي خطر اقتصادي من الممكن أن يتعرض له.
ولفت مخزومي إلى أنه عرض الملف الاقتصادي خلال لقائه مع الرئيس عون، مشيراً إلى أن هنالك مؤشرات مؤكدة، خصوصاً من جانب البنك الدولي تشير إلى أن لبنان مقبل على أزمة اقتصادية في حال لم يصل اللبنانيون إلى تشكيل حكومة سريعاً وتمرير القوانين التي لها علاقة بمؤتمر “سيدر”، والتي ستفتح المجال لدعم لبنان مالياً واقتصادياً، معتبراً أنه من غير الممكن تعليق كل الملفات الملحة لحين تشكيل الحكومة، خصوصاً أن الرئيس المكلف سعد الحريري يعوّل على مؤتمر “سيدر” بعد ولادة التشكيلة الحكومية. لذا من الضروري طمأنة الدول المانحة من خلال سن القوانين التي تظهر لبنان بصورة جديدة أمام المجتمع الدولي الذي أخذ على عاتقه مساعدة هذا البلد.
وأبدى مخزومي تخوفه على الوضع الاقتصادي اللبناني، خصوصاً في شأن سعر صرف الليرة، لافتاً إلى أنه في العام 1992 عندما أسقطت حكومة الرئيس عمر كرامي كان الدين العام حينذاك مليار دولار وسعر صرف الليرة 800، ولكن فجأة ارتفعت هذه القيمة لتصبح 2800 ليرة، فتم استصدار سندات خزينة بفوائد بلغت 45% وخُفض سعر صرف الليرة إلى 1500 ليرة، ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا حافظ مصرف لبنان على ميزانين: الأول سعر صرف الليرة الثابت والثاني هو الفوائد المرتفعة التي تدخل في تمويل السوق العقاري.
وأشار مخزومي إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود رؤية اقتصادية سليمة من شأنها تطوير البلد وخلق الوظائف للشباب، منوهاً بأن هذا الأمر يقع في سلم أولوياته وهو بند أساسي في عقده مع أهل بيروت. واستنكر ما يسمى بعمليات الهندسة المالية التي تمت في العام 2016 والتي هدفت إلى جذب المزيد من الودائع بالدولار وتعزيز موجودات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية وامتصاص السيولة المتراكمة بالليرة لدى المصارف ومنع تحويلها إلى المضاربة ودعم ربحيتها ورساميلها. واعتبر أن هذه العمليات رتبت أكلافاً باهظة قدّرت بنحو 15 مليار دولار على 10 سنوات، مشيراً إلى أن ما قام به سلامة هو أنه استقطب الدولار لكن بكلفة عالية كلفت المواطن اللبناني فؤائد مرتفعة، الأمر الذي تسبب بعجز متنام في الموازنات العامة وتراكم الديون على الخزينة، في وقت أفادت هذه السياسة كل من أقرض الخزينة أو أودع بالليرة في المصارف.
وأضاف: النموذج الذي اعتمده لبنان منذ العام 1993 حتى اليوم أصبح هشاً ومفلساً، داعياً إلى ضرورة العمل الجدي لإعادة إصلاح البنية الاقتصادية، واعتماد سياسة تنموية اقتصادية من شأنها تحريك السوق اللبناني، ورافضاً اللجوء مرة جديدة إلى تطبيق اتفاق التبادل SWAP لأنه سينعكس سلباً على الاقتصاد بسبب الزيادة المتراكمة للفوائد، خصوصاً في ظل رفع المصارف أسعار فوائدها إلى 15%، مقابل إيداع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال مبالغ مالية بالدولار تحولها المصارف إلى الليرة.
وعن العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة، لفت مخزومي إلى أن المشكلة لا تقتصر فقط على الحقائب، لافتاً إلى أن تسمية الحقائب بالسيادية وغير السيادية لم يعد مقبولاً بعد اليوم، مشيراً إلى ضرورة الالتفات إلى تشكيل حكومة تكون على قياس بلدنا الصغير، ومعتبراً أن الكتل النيابية تبالغ في عرض مطالبها، لا بل إنها تشترط الحصول على وزارات بعينها وعلى عدد كبير من المقاعد. ولفت إلى أنه من غير المنطقي أن يضم مجلس وزراء أكثر من 30 حقيبة وزارية في بلد لا يتعدى الـ4 مليون و200 ألف نسمة، مقارنة بروسيا التي لا يضم مجلس وزرائها سوى 10 حقائب وأميركا 17 حقيبة. وتساءل ساخراً لماذا لا يشكلون حكومة من 70 وزيراً ويتبادلوا أماكنهم مع النواب؟
وأشار إلى ظهور عقبات إضافية أمام تشكيل الحكومة، تمثلت الأولى بطرح رئيس الجمهورية ميشال عون اسم الوزير جبران باسيل مرشحاً للرئاسة الأولى، الأمر الذي فتح باكراً معركة رئاسة الجمهورية، مبدياً تخوفه من الوصول إلى الفراغ الرئاسي في حال لم تتم الانتخابات الرئاسية، خصوصاً في ظل محاولة كل طرف سياسي الحصول على الثلث المعطل في الحكومة لكي يغلق الباب أمام أي طرف آخر بأن يحدد مصير الانتخابات الرئاسية. ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية تعتبر أن شريكيها الأساسيين هما “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” اللذين يتطلعان إلى الحصول على 11 معقد وزاري بما يؤمن حصولهما على الثلث الضامن. وهذا ما يسعى إليه “التيار الوطني الحر ” أيضاً.
ولفت مخزومي في هذا الإطار إلى أن لا داعي لإعطاء حصة وزارية لرئيس الجمهورية طالما أنه ممثل عبر وزراء “التيار الوطني الحر”، معتبراً أن هذه الآلية اعتمدت فقط في عهد الرئيس ميشال سليمان لدواع انتخابية خلال اتفاق الدوحة، إذ منحت حصة وزارية لسليمان وقتها لكي يكون له دور في الانتخابات النيابية، معتبراً أن التمديد للمجلس النيابي في العام 2009 سمح لهذا الاتفاق بأن يتكرس كعرف، رافضاً الاستمرار به لأنه غير جائز في ظل وجود الدستور اللبناني والميثاق.
ولفت إلى أن الحكومة دونها عراقيل خارجية أيضاً، خصوصاً بعد التطورات في إدلب، والكلام الذي صدر عن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان عن أن المعركة لا تزال قائمة ولكنها محدودة في انتظار إعادة التموضع وتقسيم المنطقة، الأمر الذي يؤكد أن ما من خاسر أو رابح في الداخل اللبناني.
واعتبر أن العراقيل الخارجية لا تظهر جلياً لأن أحداً من الأطراف السياسية يعترف بالإملاءات التي يتلقاها من الخارج، بالرغم من أن معظمهم لا يتحرك سوى بأوامر الأطراف الإقليمية، نظراً لارتباطاتهم الخارجية على الصعيد العقائدي والمالي.
وأكد مخزومي أن أصحاب القرار في السلطة لا يستعجلون تشكيل الحكومة، لافتاً إلى أن التوافق على شكل الحكومة سيعيدنا إلى التركيبة عينها التي شهدتها حكومة العام 2016، مشيراً إلى أن الرهان على تشكيل حكومة تدوم طيلة فترة العهد على مدى 4 سنوات أمر غير واقعي وأكبر من إمكانيات لبنان في هذه المرحلة، ذلك أن التغيرات الإقليمية التي تجري لا تسمح ببقاء الحكومة لأكثر من سنة. ودعا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لأن هذا الأمر من شأنه أن يعزز ثقة الخارج بلبنان ويدفعه بالتالي إلى دعمه مالياً تمهيداً لاستعادة نشاطه الاقتصادي.
ولفت إلى أنه لمس خلال حضوره جلسات اللجان النيابية المشتركة إلى أن هنالك العديد من الشخصيات الجديدة التي دخلت الندوة البرلمانية والتي تتمتع بنفس جديد وإقبال على التغيير، فهي تطرح التساؤلات الجدية، الأمر الذي يدلّ على أن بإمكانها أن تكون العين الساهرة على صوابية التعامل مع الملفات. وأشار إلى أنه لا بدّ من تصويب الأفكار ومعرفة أن المجتمع الدولي لن يهبنا المال إنما سيكون ديناً مترتباً على الدولة اللبنانية. وأكد مخزومي أنه ومعظم الوجوه الجديدة الحاضرة اليوم في مجلس النواب لن يقبلوا بمعادلة رفع اليد كما كان يحصل في زمن الوصاية السورية ولن يعطوا الثقة على أي من الملفات التي تحيط بها علامات الاستفهام، لافتاً إلى أن الخبرات التي يمتلكها معظم من دخل المجلس مؤخراً كفيلة بأن تسأل وتحاسب وتراقب سير عمل الملفات.
وجدد مخزومي الدعوة إلى تشكيل كتلة إقتصادية داخل المجلس من رجال الأعمال والصناعيين الذين نجحوا في الخارج والداخل والذين لا مصالح أو أعمال لديهم مع الدولة، معتبراً أن من شأن هذه المجموعة الحؤول دون استمرار الفساد وجذب المساعدات من الخارج.
ولفت إلى العرف السائد في لبنان والذي يقضي بأن كل من يدخل المجلس النيابي لا يكتفي بدورة واحدة، معتبراً أن هذا الأمر لم يعد متاحاً بعد اليوم لأن المواطنين لن ينتخبوا من أطلق الوعود دون الوفاء بها. وأكد أنه شخصياً أعلن أنه سيتخلى عن راتبه وعن مختلف المخصصات والتعويضات من مجلس النواب كي يكون صادقاً مع من انتخبه ومع الشعب اللبناني الذي يرزح تحت ظروف معيشية صعبة.
وتحدث مخزومي عن الحملات التي شنت ضده قبيل الانتخابات النيابية والمعركة الشرسة التي تعرض لها، حتى أنه عُرف من عدة مصادر أن فؤاد مخزومي نجح معه نائب ورجح أن يكون اثنان. لكنه أكد أنه بالرغم من كل العقبات التي اعترضت طريقه إلا أنه نجح بأصوات ناخبيه، لافتاً إلى أنه سيضع كل خبراته اليوم في العمل الجدي لأن من انتخبه وضع ثقته فيه وهو لن يخيّب أمل من آمن به، ومشدداً على جهوزيته الكاملة لمناقشة ومعالجة غالبية الملفات التي تهم اللبنانيين، وسيوظف علاقاته الإقليمية والدولية في هذا الإطار.
وعن تطلعاته ومشاريعه واقتراحاته للعمل التشريعي، لفت مخزومي إلى أن الأولوية في لبنان هي للاقتصاد، معتبراً أن الوزارات السيادية في البلد اليوم يجب أن تكون كل من وزارة المال والاقتصاد والنفط، وتقع على عاتقها مسؤولية إنعاش الاقتصاد اللبناني وفتح المجال لإطلاق دورة اقتصادية فعالة.
وأشار إلى العديد من المشاكل الاقتصادية في هذا الإطار أولها أزمة البطالة التي يعاني منها الشباب اللبناني، لافتاً إلى أن الحلّ يكون بإيجاد فرص عمل، معتبراً أن أمامنا اليوم منفذ اقتصادي مهم من خلال الدخول في إعادة إعمار سوريا، خصوصاً المعبر الحدودي بين لبنان وسوريا والذي يجب على لبنان أن يتوصل إلى اتفاق ديبلوماسي بشأنه مع الجانب السوري.
ولفت في هذا الإطار إلى ضرورة أن تحسم الحكومة قرارها بشأن العلاقة مع سوريا، معتبراً أن موقف الرئيس سعد الحريري غير مستغرب، خصوصاً في ظل ما يدور اليوم من وقائع على صعيد المحكمة الدولية، ولكن عليه كرئيس مكلف أن يحدد السياسة التي يجب أن يتبعها لبنان مع سوريا التي يتبادل معها السفراء، الأمر الذي يعني وجود علاقات ديبلوماسية بين البلدين. وأشار إلى أنه لا يمكن أن نستمر باعتماد سياستين مع سوريا، مؤكداً على ضرورة أخذ القرار الحاسم فإما أن نسحب السفير اللبناني من سوريا لأن أي اعتداء من قبل بلد معين على سيادة بلد آخر يحتم قطع العلاقات بينهما، أو أن نؤكد على بقاء العلاقات الديبلوماسية، خصوصاً بعدما وافقت الحكومة اللبنانية على تعيين سفير لبناني في سوريا.
وأكد على ضرورة اعتماد الواقعية في التعاطي مع ملف العلاقة اللبنانية – السورية، مشيراً إلى أنه لا يمكن التغاضي عن حقائق الجغرافيا، ومن الضروري إيجاد معادلة سياسية ديبلوماسية بالحد الأدنى تحدد كيفية التعاطي مع الدولة السورية، لأن هذا الأمر من شأنه إنعاش الاقتصاد اللبناني.
وبالعودة إلى المعبر الحدودي، لفت مخزومي إلى أن هذا المعبر من شأنه تأمين إيرادات من الصادرات اللبنانية ما بين مليار ومليار و200 ألف دولار في السنة، الأمر الذي يخفف من الدين العام المتراكم على لبنان.
وعن مستقبل العلاقة بين سوريا ولبنان، لفت مخزومي إلى أن السؤال في هذا الإطار يجب أن يوجه لرئيس الحكومة الذي منح الثقة من قبل المجلس النيابي وأصدر القرار بتعيين سفير لبنان في سوريا وذهب إلى سوريا، لكنه عاد وقرر الاتجاه إلى قطع العلاقات معها، مشيراً إلى أنه كنائب أعطى الثقة للحريري، والدستور اللبناني يقضي بأن ترسم الحكومة السياسة الخارجية للبلد، لذا نحن جميعاً بانتظار البيان الوزاري للرئيس الحريري وخطة عمله التي سيحدد ضمنها العلاقة مع سوريا.
وأضاف: كما تقع على عاتق الحريري أيضاً مسؤولية تحديد مصير ملفين أساسيين هما النازحين السوريين والاستراتيجية الدفاعية، مشيراً إلى أن هذين الملفين كانا يناقشان في الماضي على طاولات الحوار من قبل أشخاص غير منتخبين. في وقت أكد أنه وغيره الكثير من النواب سيرفضون مبدأ عقد الاتفاقات خارج مؤسسات الدولة، مذكراً بما حصل في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتخب في العام 2008 بعدما مهد اتفاق الدوحة الطريق لتوليه رئاسة الجمهورية ولإجراء الانتخابات النيابية في العام 2009، لكن مجلس النواب مدد لنفسه حينذاك على مدى 9 سنوات. ولكي يحافظ سليمان في حينها على موقعه ودوره كرئيس للجمهورية استحدث ما يسمى بطاولة الحوار وعقد اتفاق بعبدا، وهو اتفاق بعيد من المؤسسات الدستورية.
واعتبر أنه مع انتخاب مجلس نيابي من قبل الشعب، من الضروري عودة القرار في مختلف الملفات إلى هذا المجلس، مشدداً على ضرورة أن تناقش كل الملفات داخله حصراً وسنرفض طرحها على طاولة حوار، لأن النواب مسؤولون أمام الشعب عن معالجة الملفات الاستراتيجية في البلد.
وفي معرض الحديث عن ملف التشريع، لفت مخزومي إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد أنه يتجه إلى افتتاح الدورة التشريعية، مشيراً إلى أن الجدل الحاصل في هذا الإطار غير مجدٍ لأن السلطة الأعلى في البلد هي المجلس النيابي، وأحداً لا يمكنه منعه من أن يلتئم ويناقش ويحضر لمشاريع قوانين، لافتاً إلى أن الحكومات الماضية حولت إلى المجلس حوالى 39 مشروع قانون يتعلقون بالخصخصة والشفافية والنفط والغاز والوساطة القانونية ومؤتمر سيدر، ومعتبراً أن مصلحة المواطن تقتضي التشريع اليومي. وتساءل: ماذا إذا تأخر تشكيل الحكومة لمدة سنة هل تتوقف معالجة الملفات والمشاريع في البلد؟
ولفت مخزومي إلى أن العقدة الأساسية التي تحول دون الإسراع في تشكيل الحكومة لا تكمن فقط في التمثيل إنما في الطموحات السياسية لبعض الأطراف في الداخل، مشيراً إلى أن عقد التشكيل لا تقتصر فقط على كونها عقد مسيحية ودرزية إنما أيضاً لا يمكن التغافل عن العقدة السنية، إذ إن هنالك اليوم 27 نائباً سنياً في المجلس النيابي، تضم “كتلة المستقبل” 17 نائباً مع النائب نهاد المشنوق ما لم يخرج من الكتلة، في وقت هنالك 10 نواب من خارج عباءة الحريري وهم ينقسمون ما بين 4 مستقلين و6 أطلقوا على تجمعهم تسمية المعارضة، وهي التسمية التي اعتبرها غير مناسبة، لافتاً إلى أنها تعني أننا صرفنا النظر عن مستوى التمثيل النيابي وركزنا فقط على مستوى الطائفة والمذهب، كما أنها تعني أنهم معارضة ضد السنة والمسيحيين والشيعة. وأضاف: إذا كنا نريد تطبيق معادلة أن يكون هنالك وزير لكل 4 نواب فمن الطبيعي أن يمثل النواب الـ10 بنائبين على أقل تقدير.
وشدد مخزومي إلى أنه شخصياً لا ينتمي إلى هذه المعارضة فهو مستقل، ولا يمكن اعتباره أيضاً نائباً من “تيار المستقبل”، فهو ترشح خلال الانتخابات النيابية كمنافس لهذا التيار، مشيراً إلى أنه لا يدخل في أي كتلة إن كانت مع “تيار المستقبل” أم ضده ما لم يطلع على خطة عمل اقتصادية تنموية واضحة لهذه الكتلة. وتابع: نحن كنواب انتخبنا لكي ننجز مشاريع حياتية تحسن من الوضع المعيشي للمواطن.
ولفت مخزومي إلى أن الانتخابات برهنت اليوم أن معادلة الحصرية في التمثيل لم تعد مجدية، داعياً الحريري إلى الاعتراف بالتعددية التي كرستها نتائج الانتخابات وبالتالي الانفتاح على النواب السنة واختيار أحدهم لمساعدته على بناء الدولة ومعركته ضد الفساد المستشري. وأضاف: النواب السنة الـ10 ينقسمون ما بين 6 أطلقوا على نفسهم تعبير المعارضة السنية و4 مستقلين، مقترحاً أن يفاوض الحريري على الأقل مع هؤلاء المستقلين الذين يحق لهم بوزير واحد.
ولفت مخزومي إلى أنه موجود ولن يرفع علم أي طرف. وقال: إذا آثر الحريري التواصل معنا نحن جاهزون لأي تعاون، علماً أننا كلفناه وأعطيناه الثقة لتشكيل الحكومة، أما إذا رفض التواصل فهذا شأنه، معتبراً أن أهل بيروت انتخبوه كنائب وليس كوزير وهو يطمح لممارسة موقعه كنائب ومحاسبة الحكومة. وتابع: ما يهمنا هما موضوعين أساسيين الأول هو العقد الذي أبرمناه مع أهل بيروت والذي دعونا الحريري لتبني مضامينه، لا سيما أنه يركز على المشاكل التي برزت مؤخراً إلى الواجهة كالكهرباء والنفايات والمستشفيات والتعليم والمساحات الخضراء والأمن وقضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأسعار الدواء وتلوث الشاطئ والتعديات على الأملاك البحرية. والثاني هو بحث ملفي الاستراتيجية الدفاعية والنازحين السوريين داخل المجلس النيابي حصراً. وقال: إذا أثبت الحريري نيات جدية لمقاربة هذين الموضوعين فإننا سنعطيه صوتنا في جلسة الثقة ونمد يد العون لمعالجة كل المشاكل التي يعاني منها أهل بيروت واللبنانيين، أما إذا ثبت العكس فإنني سأكون في صف المعارضة.
وأشار إلى أن جميع الأطراف السنية وحتى المعارضين اتفقوا على أن يشغل الرئيس سعد الحريري منصب رئاسة الحكومة لأنه الأصلح والأقوى، مشيراً إلى أنه شخصياً مصرّ على استمرار تكليف الحريري تشكيل الحكومة، وذلك لأن الأخير أخذ على عاتقه تنفيذ مشاريع مؤتمر “سيدر” ومن غير الممكن أن يأخذ أحد مكانه في هذا الإطار، لذا فالأجدى أن نتيح له المجال كي يبرهن للعالم أن بإمكانه أن ينجح في ما كلف به.
وعن الفرضية التي تقول بأن مخزومي مرشح لتكليفه تشكيل الحكومة بدلاً من الحريري، لفت إلى أن هذا الكلام غير صحيح، مشيراً إلى أنه إذا كان لا مفرّ من استبدال الحريري بشخصية أخرى لتكليفها تشكيل الحكومة، فعلى هذه الشخصية أن تكون محط توافق وجسر حوار وتواصل بين جميع الأطراف وعلى تواصل مباشر مع الحريري نفسه لأنه من غير المعقول تكليف رئيس حكومة غير مطلع على كل مجريات التطورات السياسية والاقتصادية، وإلقاء المسؤولية على عاتقه وهو غير ملم بكل ما يجري وبكيفية إدارة الملفات. في وقت أشار مخزومي إلى أن الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة لا يمكن أن تأتي فقط بقرار داخلي إنما يلزمها توافق إقليمي، معتبراً أن هذا التوافق قائم في هذه المرحلة حول الحريري فقط.
وعن الكلام الذي يتم تداوله عن محاولات لإفشال العهد، أكد مخزومي أن هذا الكلام غير دقيق وهو كلام صحفي بحت، لافتاً إلى أن هنالك عرف سائد بين الأوساط اللبنانية أنه بقدر ما يتم التسويق لفكرة أن شخصاً ما ضعيف ويتعرض للهجوم بقدر ما يشتد عصب الشارع، ومعتبراً أن هذه الآلية تعتمدها كل الطوائف ولا تقتصر فقط على “التيار الوطني الحر”. وأضاف: هذا الأمر شهدناه أيضاً في الشارع السني، خصوصاً عندما تم الحديث عن سحب الصلاحيات من الحريري. وأشار مخزومي إلى أن هذه الأساليب لم تعد مقبولة بعد اليوم، فالأمر الواقع في هذا المرحلة هو وجود رئيس للجمهورية باق لمدة 4 سنوات ورئيس مجلس نيابي تم انتخابه بأكثرية ساحقة ورئيس حكومة تصريف أعمال مكلف تشكيل حكومة، لذا المطلوب اليوم هو النظر بجدية إلى مستقبل أبنائنا في هذا البلد وتأمين معيشة لائقة للمواطن اللبناني والعمل على إعادة تصويب الوضع الاقتصادي الذي دخل مرحلة الخطر.
ولفت مخزومي إلى أن باب داره مفتوح أمام جميع المواطنين وهو يعقد الاجتماعات مع الناس نهار الجمعة من كل أسبوع، مشيراً إلى أن ما يسمعه من الجميع هو حالة الإحباط التي أصابت اللبنانيين، خصوصاً أنهم يسمعون الأطراف السياسية التي تتنازع على الحقائب والوزارات السيادية وغيره وما من أحد فكر بالمواطن نفسه ومعيشته ومستقبله وأبناءه.
وأكد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن على الحريري أن يعلن عن تشكيلته ويمضي في التشكيل تحت أي مسمى كان، لافتاً إلى أننا إذا وصلنا إلى العام 2019 ولم تتشكل الحكومة عندها سنصل حتماً إلى حكومة تكنوقراط.
وفي معرض الحديث عن ملف النفايات، أكد مخزومي أن حل أزمة النفايات لا يمكن أن يكون من خلال اعتماد خيار من بين الخيارين المتاحين إما الطمر أو الحرق، لافتاً إلى أن ما أعلنته بلدية بيروت عن أن العاصمة مسؤولة عن حلّ أزمة نفاياتها غير مقبول، لأن بيروت ليس لديها المساحات الكافية، مؤكداً أن الجغرافيا تلعب الدور الأساس في هذا الإطار. ولفت إلى أن الحلّ بحسب رأي العديد من الخبراء البيئيين يكون على عدة مراحل بدءاً من الفرز في المنازل ثم الفرز في المراكز المخصصة لذلك، ثم استحداث المطامر البيولوجية وأخيراً الاتجاه لحرق النفايات التي من الممكن الاستفادة منها لإنتاج الطاقة.
وأشار إلى أن العديد من الخبراء أكدوا أن نسبة النفايات غير العضوية في بيروت ليست مرتفعة إلى الحد الذي يُبرر معها الاتجاه نحو خيار المحارق، رافضاً موقف بلدية بيروت الذي يخير الناس ما بين المحارق أو المطامر. واقترح الاستفادة من الجبال التي شوهتها الكسارات، والاستعانة بمتخصصين يقومون بتغليفها بطريقة عازلة وينشئون فيها المطامر، لافتاً إلى أن هذه الأماكن من الممكن أن تتحوّل في ما بعد إلى محميات.
وأشار إلى أن الرماد المتطاير الناتج عن المحارق هو عبارة عن مواد خطرة وسامة يجب أن تتلف بطريقة سليمة لأنها تؤذي الناس، وهذا الأمر يتطلب المراقبة الجدية والحاسمة. وتوقف عند عدم عرض البلدية أي من المعلومات والتفاصيل التقنيةـ لافتاً إلى أنه لا يمكن تبني خيار المحارق بالطريقة التي عرضت، إنما على المحارق أن تكون ضمن مشروع متكامل. وأشار إلى أن المساحات غير كافية في بيروت، لذا من الضروري وضع خطة طوارئ على مساحة كل لبنان.
وعن ملف المياه، لفت مخزومي إلى إسرائيل لطالما كانت تطمع في مياه لبنان، مؤكداً أننا في بلدنا نتكلم عن المشاكل ولكننا لا نعرف كيفية حلها، مشيراً إلى أن مجلس الإنماء والإعمار أعلن أن كلفة تنظيف المياه هي 930 مليون دولار، متسائلاً كيف نمد الشركة التي فشلت في الإدارة والإشراف على مشروع الليطاني بالمال وهي لم تقم أصلاً بواجبها في تنظيف وإصلاح النهر. وشدد على ضرورة تغيير كل هذه المعادلات وإعادة النظر بالأمور وتلزيم الشركة المناسبة لإدارة هذا المرفق الحيوي في لبنان لإعادة إصلاحه.
من جانب آخر نوّه مخزومي بالحضور الذي فاق الـ35 نائباً الذين اجتمعوا في جلسة لجنة المال، مشيراً إلى أن هذا الأمر يدلّ على الجدية في التعامل مع الملفات. وتابع: أكد الوزير علي حسن خليل خلال الجلسة أن لبنان لا يملك المال الكافي لإدارة الاستثمارت التنموية، وجلّ ما نقوم به هو صرف المال في غير مكانه بالرغم من أننا بحاجة لهذا المال لتنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر “سيدر”، داعياً إلى أخذ القرار الحاسم من قبل السلطة التنفيذية لإدارة الملفات بجدية وحرص.
وختم مخزومي الكلام بالحديث عن ملف النفط والغاز، مثنياً على خطوة إقرار قانون دعم الشفافية في قطاع البترول، ومعتبراً أنها مهمة جداً لأن هذا القانون سيبعد الملف النفطي عن التسييس والمحاصصة وسينظم عمل هذا القطاع الذي سيوفر المزيد من فرص العمل للشباب اللبناني. وأضاف: كما أن انطلاقة دورة التنقيب عن النفط والغاز وفتح الباب أمام ائتلاف الشركات الدولية هي خطوة إيجابية أيضاً لأن ملف النفط والغاز هو الأمل الجديد للبنانيين ويجب التعامل معه بشفافية وإبعاده عن الفساد والمحاصصة. وتابع: نحن في منتدى الحوار الوطني تبنينا موضوع النفط والغاز منذ أكثر من 3 سنوات، ولن نتوقف عن دعم هذا الملف، مشيراً إلى أنه سيعمل من موقعه في مجلس النواب على الدفع باتجاه إنشاء الصندوق السيادي الذي نطمح أن يحفظ المال العام، والعمل على أن يكون المجتمع المدني والخبراء والإعلام مشتركين في الإشراف عليه لابعاده عن المحاصصة وتحقيق الشفافية المطلقة.