أطلق في مبنى كلية الزراعة والعلوم الغذائية في الجامعة الاميركية في بيروت، الميثاق الجديد لمنظمة التجارة العادلة في العالم تحت عنوان “كيف تعمل حركة التجارة العادلة في العالم لتحقيق العدالة والانصاف والاستدامة للانسان والارض”.
حضر حفل الاطلاق وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال الدكتورة عناية عزالدين، عميد كلية الزراعة والعلوم الغذائية في الجامعة الدكتور ربيع المحتار، رئيس جمعية التجارة العادلة في لبنان المحامي سمير عبد الملك وعدد من مسؤولي الجمعية، بالاضافة الى عدد كبير من ممثلي الهيئات والمنظمات والجمعيات المعنية بشؤون التنمية.
وقالت عزالدين خلال كلمة لها: “انه لمن النقاط المضيئة في العالم اليوم ان تعلو الاصوات التي ترفع شعار التجارة العادلة في زمن تقرع فيه طبول الحروب التجارية التي من المرجح في حال اندلاعها ان تخلف المزيد من الويلات واللامساواة وان تؤدي الى ازدياد نسبه الفقر في عالم لا يزال يعاني من اللاتوازن بين اغنياء يزدادون غنى وفقراء يزدادون فقرا. وكأن البشرية وللاسف وعلى الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي الكبير الذي شهدته لا تزال دون مستوى التحذير الذي اطلقه الفيلسوف افلاطون منذ القرن الخامس قبل الميلاد عندما قال “يجب ان لا يوجد بين المواطنين فقر مدقع او من جانب آخر غنى فاحش لان الاثنين منتجان لشر عظيم”. ولا شك ان اهداف التنمية المستدامة في الالفية الثالثة التي نعيش مناسبة اطلاقها الثالثة اليوم هي ايضا من النقاط المضيئة في حياتنا والمنتجة، اذا نالت حظها من الاهتمام والتبني والتطبيق لخير عظيم للعالم”.
أضافت: “الحق يقال ان العمل وفق الالتزامات المقدمة في اعلان الالفية سيساهم دون ادنى شك في التغلب على مظاهر اللامساواة الدولية المفرطة. صحيح ان السياسات المحلية للدول قد تكون رديئة وسيئة، الا ان اهمية اهداف الالفية انها تحفز على خلق بيئة مساعدة ومناخ محفز على سياسات واجراءات اكثر انسانية و توازنا”.
واعتبرت ان “العمل على ان تتوافق قوانين التجارة العالمية مع الالتزام بالتنمية البشرية، هو من أبرز التحديات التي يعيشها العالم اليوم بعد ان تبين للجميع ان العولمة وما رافقها من اتساع للتجارة، لم تساهم في تضييق فجوة الدخل بين الدول الغنية والفقيرة. وكما ورد في احد تقارير التنمية البشرية، فإن العولمة بالنسبة لاغلبية البلدان هي قصة تباعد وتهميش والمعابر بين التجارة والتنمية البشرية معقده. لذلك وللمساهمة في فكفكة ما امكن من العقد، لا بد من الضغط وبكل الوسائل، لتصبح التجارة جزءا من الحل وليس كما هو الحال اليوم جزءا من المشكلة وذلك من خلال تحويلها الى عامل لخدمة التنمية وللقضاء على الفقر والمساواة بين الجنسين، بدل ان تكون عاملا مساهما في توجه اقتصادات الدول الفقيرة والنامية الى ظروف ابعد ما يكون عن العدالة”.
ورأت أن “هذا المسار يبدأ بقوانين وسياسات تجارية تساعد الدول النامية والفقيرة على تحقيق مصالح مواطنيها كل مواطنيها دون اي تمييز مع اعادة الاعتبار للمواطن كمواطن وليس كمستهلك. مواطن يتمتع بمستوى معيشي لائق يسمح لك بالحصول على الصحة والتعليم والغذاء. مواطن تؤمن له الخدمات العامة حقوقه الاساسيه بعيدا عن خصخصتها وتحريرها في العاصمة والمدن الكبرى كما في الاطراف والارياف. ولعلنا في لبنان اكثر من يدرك اهمية هذا الامر اننا رفعنا هدف الانماء المتوازن الى مستوى النص الدستوري، بعد ان دفعنا ثمن انعدام المساواة وانعدام العدالة حربا أهلية مدمرة”.
وتابعت: “ان قرار الانخراط في مسار التجارة العادلة، يتطلب العمل وفق مبدأ الشراكة بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والنقابات والمنظمات النسائية والجامعات، ولعل لقاءنا هو احد اوضح ترجمات هذه الشراكة التي لم تبدأ اليوم، فقد سبق لوزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية ان دعمت مشروع جمعية التجارة العادلة في لبنان في مبادرة جديدة من نوعها لاطلاق عشر بلدات للتجارة العادلة في لبنان. وشملت التوعية على مستوى المبادئ ودعمت المنتجين المحليين والتعاونيات النسائية. كما سمحت الانشطة المنفذة بالاضاءة على البلدات المنتجة، وحضت أبناءها على البقاء في ارضهم وتوجهت نحو تمكين النساء والعمل على انتاج الغذاء الصحي التقليدي وشجعت المشاريع الصغيرة التي تؤمن استخدام اساليب الانتاج الصديقة للبيئة”.
وقالت: “كما أن قرار الانخراط في مسار التجارة العادلة وهذا الاهم، يتطلب ايضا من اصحاب القرار في العالم إرادة سياسية وجرأة اخلاقية وحرصا على معايير العدالة والمصداقية والكرامة والانسانية. ان نسب الفقر والجوع وانعدام الحد الادنى من المساواة، تؤكد انه لم يعد هناك المزيد من الوقت، ولعل اطلاق شرعة التجارة العادلة اليوم هو محاولة قرع جرس الانذار ولوضع المعنيين أمام مسؤولياتهم”.
وختمت: “بمناسبة الحديث عن الجرأة الاخلاقية والارادة السياسية وحس المسؤولية، اسمحوا لي ان أعرج على وضعنا الداخلي في لبنان، نحن ايضا لم يعد لدينا المزيد من الوقت. ان مؤشرات اهتراء الدولة تتفاقم يوما بعد آخر منذرة بالأسوأ. لست في معرض المبالغة. اطلالة سريعة على اوضاع النفايات والكهرباء والبطالة والازمات المتتالية على اكثر من مستوى، تؤكد هذه الحقيقة لذلك أتوجه مجددا للمسؤولين واكرر دعوتي بأن يتقوا الله بهذا الوطن وبأبنائه، والخطوة الاولى هي تشكيل حكومة في أسرع وقت لتباشر معالجة ما أمكن من الازمات”.