نحن العرب نخلص للغير ونتجافى في ما بيننا، نبالغ في الخصومة بيننا، نتباغض ونتحاسد، وما يجمعنا هو استعراض العضلات.
ثمة فريق حبه للجمهورية التركية الصديقة، التي يرى أنها الملاذ والقدوة لعودة المجد الاسلامي، في وقت تكالبت فيه الأمم التي تنصب العداء لهذه الدولة، وقيادتها حاملة لواء الأمة والتي تتمسك بمشروعها الاسلامي ومشروعها النهضوي.
يحق للكثير من العرب ان يناصر القيادة التركية الحالية، والتي يراها حققت مكاسب مادية للأتراك أنفسهم ومعنوية للمسلمين عامة، خصوصا بعد فقدان الشخصية العربية التي ينطبق عليها ما تتصف به القيادة التركية الحالية من “كاريزما” وحضور لافت.
جميع تلك المبررات مقبولة وللجميع حرية التعبير في ما يرونه، والذي ربما يتوافق مع أفكارهم، لكن هذا لا يعني ذلك أن نقبل كل ما يقوم به الأصدقاء الأتراك، فلهم مصالحهم القومية التي هي الهدف الاسمى لتحقيقه، وإن كان على حساب المتعاطفين والمعجبين بالتجربة الاوردغانية.
فللشعب التركي الصديق كامل الاحترام والتقدير وللحكومة، التي تصنع المستحيل من أجل الأمة التركية فقط، لكننا عرب في نظرهم مهما فعلنا، فلنعد الى رشدنا ونبني وطننا العربي الكبير بثرواتنا وعقولنا.
وعلى الجانب الآخر، فريق اتجه الى منصة الدفاع عن جمهورية إيران الاسلامية الصديقة، التي يربطنا بها تلك الصِّلة التي تربطنا بالأتراك، والمصالح المشتركة والجوار، فالإيرانيون والاتراك يعملون وفق استراتيجيات لتحقيق الأمن القومي لبلدانهم بالاضافة الى الرغبة في المكاسب السياسية في الإقليم.
الايرانيون يعملون ليل نهار لمصالحهم وتثبيت مواقع النفوذ في أبرز العواصم العربية، لبناء زعامات قيادية تؤثر في القرار السياسي وتعطل ما لا ترغب به طهران.
وفي ظل الانقسام العربي والأزمة الخليجية، لم يكن الواقع العربي بأفضل حال قبل أزمتنا الخليجية، لكن حدوثها تسبب في ما نشاهده من اصطفاف مع هاتين الجمهوريتين اللتين تجتمعان على مصالح مشتركة وعلاقات متينة وتفاهم عال.
اللافت في هذه المعادلة ان محبي تركيا لا يتوافقون مع من يحب إيران، رغم أن طهران وأنقرة لديهما مشروع واحد.
ومع ذلك فإننا نبحث عن صغائر الهفوات التي يرتكبها أشقاؤنا العرب، و”نولول” على حقوقنا والظلم والديكتاتورية والقبضة الحديدية، هذا لا يعني أن واقعنا جميل والرخاء والأمن مستتب والعيش كريم، بل هناك ممارسات في دول عربية غير مقبولة.
فالقمع والجوع والأمية في تنام مخيف في الوطن العربي الكبير، مما جعل للأصدقاء موطئ قدم في بلداننا ثقافياً وأيديولوجياً وسياسياً وهو الأخطر والمعطل للاستقرار في أمة الضاد.
خلاصة القول: دافع وأيد ولكن بقدر معقول، واعلم أنهما لا يحبوننا أكثر من أنفسنا، وفي الختام نتمنى الاستقرار والرخاء لتركيا وإيران ولشعوب العالم قاطبة.