وليد شقير – الحياة
كرر الادعاء العام في المحكمة الخاصة بلبنان التي تلاحق المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أمس، تأكيده انتماء هؤلاء إلى «حزب الله» وحصول اتصالات بين قياديين من الحزب وبين مسؤول الأمن والاستطلاع في القوات السورية التي كانت في لبنان العميد رستم غزالة، وبين الأخير والرئيس السوري بشار الأسد أثناء التحضير للجريمة، فيما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري بعد حضوره أمس بدء المرافعات الختامية التي تسبق صدور حكم المحكمة عام ٢٠١٩، أن «اليوم هو يوم صعب… وعندما يكون الإنسان في الموقع الذي أنا فيه اليوم يجب أن يضع مشاعره جانباً».
وحضر الحريري بداية المرافعات الختامية لفرقاء الادعاء والدفاع عن المتهمين الأربعة بارتكاب الجريمة في ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٥ ووكلاء المتضررين، واستمع في لحظات مؤثرة إلى الجزء الأول من مرافعة محامي الادعاء نايجل بورفواس، وهو جالس على مقاعد المتضررين من الجريمة الذين فقدوا أحبّة وأقارب لهم. وقال الحريري قبل أن يغادر لاهاي عائداً إلى بيروت ظهراً، أن والده و»جميع شهداء ١٤ آذار سقطوا من أجل حماية لبنان لا من أجل خرابه، ومن هذا المنطلق طالبنا منذ البداية بالعدالة والحقيقة ولم نلجأ يوماً إلى الثأر».
وقال بورفواس في مقدمة سرده وقائع الجريمة، إن «الظلمة الحالكة حلت على لبنان»، فيما سعى الحريري المكلف تأليف الحكومة الجديدة والتي تواجه ولادتها عراقيل، إلى اعتماد لغة مسؤولة رداً على أسئلة الصحافيين الذين أحاطوا به عند خروجه من المحكمة بالقول: «خلال أشهر سيصدر الحكم وعندها تتحقق العدالة ولو استغرقت بعض الوقت، ومع مرور الزمن يصبح الإنسان أكثر هدوءاً». وعن ربط تأليف الحكومة بالمحكمة الدولية وحكمها أجاب: «فليتوقفوا عن الطمع بالحقائب وعندها تتشكل الحكومة».
ورسم محامي الادعاء تلخيصاً جنائياً وسياسياً لجريمة اغتيال رفيق الحريري في مرافعته الختامية أمام غرفة الدرجة الأولى، وكرر فيها تأكيد التزام المتهمين الأربعة الذين يخضعون للمحاكمة الغيابية «حزب الله»، مؤكداً أن «الوزن القاطع للأدلة لا يترك مجالاً للشك في أن المتهمين الأربعة مذنبون». وقال إن الخبرة الواسعة لمصطفى بدر الدين تتجلى بالتحضير للجريمة، واصفاً إياه بأنه قائد عسكري من الصف الأول في الحزب. وزاد إن الهواتف الخليوية التي استخدمت في التحضير للجريمة وتنفيذها والإعلان الكاذب عن مسؤولية أحمد أبو عدس عن ارتكابها، كانت مفصولة بعضها عن بعض، في شكل لا يُعرف مَن اتصل بمن. وأشار إلى أن الشبكة الحمراء ضمت الهواتف (تم شراؤها من طرابلس لتضليل التحقيق بأن مستخدميها من طرابلس) التي استخدمت لمراقبة رفيق الحريري لدى خروجه من البرلمان، وتنسيق نقل المتفجرات إلى ساحة الجريمة ولدى تنفيذ التفجير تم التخلص منها لتضليل التحقيق. واعتبر أن هذا ترك أثراً جنائياً خادعاً لتضليل الجميع في حال النظر إلى شبكات الهاتف الأخرى لمراقبة الحريري وشراء الشاحنة التي وضعت فيها المتفجرات وتنسيق التحرك بين بدر الدين والآخرين. وعلى رغم جهودهم في تضليل العدالة فشلوا فشلاً ذريعاً، لأنه تم اختراق غطائها.
واستعاد بورفواس بعض التفاصيل المعقدة لدليل الشبكات الخمس للهواتف الخليوية التي استخدمها المتهمون، ورد على اعتبار محامي الدفاع أنها تكهنات وأدلة ظرفية قائلاً إن المحامين الأكثر تمرساً يرونها قوية.
وفي سرده الإطار السياسي للجريمة قال بورفواس إنها نفذت على خلفية التصعيد في الخطابات السياسية، وإن كل الحملات على رفيق الحريري كانت على خلفية الانتخابات النيابية المقبلة آنذاك بعد رفضه أخذ مرشحين موالين لسورية على لوائحه. وقال: «كان الحريري يعتبر أنه تهديد خطير لكل الذين تحالفوا مع سورية ومصالحها المستقبلية في لبنان، وأنه حليف للمعارضة وسيقوض الوضع القائم لخفض قيود القبضة السورية على لبنان». وفيما ذكر الادعاء في المذكرة الختامية للمحكمة أن اجتماعات عقدت بين العميد غزالة (متوفٍ) ومسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا في مقر الأمانة العامة للحزب في منطقة حارة حريك، وأن اتصالاً أجري أكثر من مرة بين غزالة ورئاسة الجمهورية في سورية، تحديداً الرئيس الأسد، قال أمس إن ذكر أسماء عدد من الدول والأشخاص والمنظمات في سرد الأربعاء لا يعني أن هناك سعياً أو حاجة للتوصل إلى استنتاجات ضد هؤلاء، لكن هذا لا يعني أن هذا ليس قرينة.
وكانت المحكمة وجهت إلى الادعاء ٢٩ سؤالاً عما تضمنته مذكرته الختامية، منها إذا كان ذكره اجتماعات غزالة ووفيق صفا وبشار الأسد يعني أنهم شركاء في مؤامرة المتهمين بجريمة الحريري، سيجيب عنه الادعاء لاحقاً. ومن الأسئلة أيضاً هل لديه دليل على أن شبكة الهواتف الخضراء تابعة لـ «حزب الله».
ووجهت المحكمة ١٩ سؤالاً إلى وكلاء الدفاع يفترض أن يجيبوا عنها عند إدلائهم بمرافعاتهم، و٤ أسئلة إلى وكلاء المتضررين.