أشارت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتورة عناية عز الدين، إلى أن الأزمات في لبنان تتعاظم وتتراكم وتتحول إلى أزمات وطنية باتت حلولها معقدة ومكلفة.
كلام عز الدين أتى خلال تخريج طلاب بلدة شحور، آملة في الإسراع في تشكيل حكومة وطنية جامعة تواكب مختلف التطورات وتتخذ المواقف والاجراءات الكفيلة بطمأنة الناس ومعالجة مشاكلهم وحفظ الاستقرار العام، محذرة من هدر الوقت وتضييع الفرص، وداعية النواب إلى إحترام تفويض الناس لهم وتحمل مسؤولياتهم، بما تتوجب عليه أمانة كل صوت منح لهم في صناديق الاقتراع .
وأشارت عز الدين إلى أزمة التلوث في الليطاني، هذا النهر الذي يعتبر من أهم الموارد المائية والسياحية والبيئية ، وثروة وطنية أهملت التعديات عليه وتراكمت لسنين طويلة وغاب القانون والنظام وانعدم التخطيط والرؤية للحفاظ عليه حتى اصبح في وضع حساس وخطر وباتت تكلفة اصلاح واقعه مكلفة ومرتفعة، فتحولت الأزمة من أزمة تلوث إلى ازمة وطنية حقيقية، محذرة من أن تتوالى هذه الازمات وتتوسع في ظل ترهل مؤسسات الدولة وغياب التخطيط الجدي والفعلي .
واعتبرت أن مبادرة دولة الرئيس نبيه بري لتفعيل عمل المجلس النيابي، تأتي أهميتها في سياق وقف تفاقم هذه الأزمات وتعاظمها، فأطلق في هذا الصدد ورشة لجانه، وهو عازم على دعوة المجلس للانعقاد ليمارس حقه في التشريع والقوننة وهو حق كفله الدستور ومتوائم مع مبدأ فصل السلطات.
كما أكدت عز الدين، على دور الثنائي الوطني في حزب الله وحركة امل ونشاطه على صعيد اللجان النيابية، مشيرة إلى العديد من المشاريع التي تخص الجنوب والبقاع خصوصا ولبنان عموما الموضوعة على طاولة البحث سواء في المجلس النيابي او في الحكومة بعد تشكيلها.
وأشارت إلى أن هناك متابعة متواصلة ودائمة مع دوائر الدولة ومؤسساتها ولقاءات مستمرة لمعالجة مواضيع مثل تلوث الليطاني وازمة النفايات والكهرباء وغيرها من القضايا، لكن برأيها، الامور تحتاج الى الكثير من الصبر والحكمة بسبب تعقيدات البلد وواقعه المالي والاداري .
لكنها بالمقابل، اعتبرت أن هذا الواقع المأزوم لا يتغير الا بوصول الكفاءات النزيهة والمهنية الى المناصب والمواقع . هذه الكفاءات التي يشكل فيها هؤلاء الطلبة خيرتها ونواتها كونهم المستقبل الاتي .
ثم انتقلت بالكلام إلى بلدة شحور، بلدة الارث العلمائي الزاخر، العزيزة بعلمائها وادبائها وشعرائها ومكتباتها ومساجدها وحوزتها العلمية ومدارسها الرسمية والخاصة ، البلدة الفخورة برجال الشرف والمقاومة، من ناصيف نصار الى الامام موسى الصدر ومعهما قافلة نورانية من الشهداء منذ ان كانت شحور معقل التصدي للعجرفة العثمانية وجزارها والي عكا، الى مقاومة الاحتلال الفرنسي ومن بعدها الاحتلال الاسرائيلي .
وشددت على مسؤولية الارتباط بهذا التراث وهذا الطريق لدى الطلبة والجيل الجديد، ليعلموا ان ما بناه اولئك الاعلام هو الذي أبقاهم اليوم احرارا كرام آمنين في الوطن وأعزاء مشيرة إلى ما زرعوه من علم ومعرفة وثقافة وما واجهوه مقابل الاحتلال والطغيان والتهميش، شكل العامل الرئيسي لثبات اهل جبل عامل في ارضهم وهم الذين كانوا هدفا لاطماع الكثيرين ومؤامراتهم .
فتوجهت بالشكر إلى كل هذه القامات قائلة “لكل هذه الهامات والقامات العالية والشامخة، وأمام أهالي الشهداء والجرحى والكادحين، أمام المعلمين والمربيين والعلماء والأطباء والمهندسين وطالبي العلم والمعرفة، أمام الساعيين وراء لقمة العيش الكريم والمزارعين والفلاحين، أمام حراس الأرض وأئمة المنابر، أمام المثقفين والفنانين والشعراء، أمام أهلنا الذين كانوا تلك العائلات البسيطة التي عملت بجدٍ وتصميمٍ وتعبت معنا وضحت معنا ورفعتنا على أكف الدعاء، أمام أطفال الجنوب نقف، نقبل الأيادي وننحني ونقول شكراً، شكراً، لأنكم جديرون بالحياة، لأنكم وبفضلكم كتبنا زمناً آخر، وتاريخاً آخر، وسجلنا الإنجازات تلو الإنجازات، وسجلنا الجنوب أميراً للميادين، وحققنا أول انتصار عربي على اسرائيل دون قيد أو شرط، انتصار عجزت عنه كل دول العرب وجيوشهم، وما يملكون”
كما أشارت إلى استمرار مقاومة أهل الجنوب من خلال التمسك بنهر الليطاني الذي كان مطمعا للعدو الصهيوني منذ تأسيس كيانه، حيث اثبتت الوثائق والمراسلات سعيهم الدؤوب تارة لاحتوائه بالكامل كمصدر للمياه، وطورا لاعتباره حدا شماليا لكيانهم المزعوم لدواعي دفاعية ومائية على حد سواء، مؤكدة أن الكيان الإسرائيلي لم يتخلى عن سياسته التوسعية بقولها “لا نعتقد ان يوما سيأتي تكون اسرائيل غير ذلك . فهي كما قال الامام الصدر شر مطلق”.
وأضافت مؤكدة على أن دولة الرئيس نبيه بري حذر في الايام القليلة السابقة من السرقة التدريجية للنفط والغاز من قبل العدو، أي برأيها ” سرقة عالناعم” حيث يصر على استكمال بناء الجدار الحدودي متجاهلاً نقاط التحفظ على الخط الازرق الذي هو بالاصل لم يكن الحدود الطبيعية بين لبنان وفلسطين بل هو في الحقيقة الحدود الامنية كما يراها العدو لصالح مستوطناته وثكناته .
واعتبرت أن هذه التعديات تجري في ظل صمت دولي وانحياز اميركي لا مثيل له لاسرائيل، لتمرير عملية تصفية القضية الفلسطينية وتحقيق صفقة القرن التي ليست سوى طعنة القرن، فلا قدس ولا دولة ولا عودة للاجئين ولا حقوق وطنية في الدولة القومية اليهودية، مشددة على أن هذه المؤامرات المحاكة تدفع محور المقاومة على التمسك أكثر بالمقاومة والمواجهة فقالت ” ان ما نراه ونشاهده لا يزيدنا الا تمسكا بحدود قلعتنا الوطنية المتمثلة بمعادلتنا الذهبية الماسية الجيش والشعب والمقاومة . نلوذ بها لمواجهة مكاره هذا الدهر لنحمي شعبنا وارضنا ومياهنا ونفطنا والحدود فالجنوبيون الذين اعتادوا المواجهة والمقاومة لن يتخلوا عن حقوقهم ولن يتنازلوا عن شبر من الارض او ليتر من المياه او حيز من الهواء
ونحن مطمئنون لخيارنا ووحدتنا ووفاء شعبنا وجهوزية مقاومتنا وجيشنا”
وختمت عز الدين بكلمة دعت فيها الطلبة الى فهم مقدار الامل والمسؤولية الملقاة على عاتقهم سواء بما يحملونه من ارث او ما يؤمل عليهم في صناعة الغد، وإلى المحافظة على اندفاعهم وسعيهم والمثابرة على تحصيلهم العلمي وبناء معارفهم وثقافتهم وأن يكونوا مؤمنين متنورين يحافظون على الاصالة ويتكيفون مع الحداثة.