رأى رئيس الجمهورية ميشال عون أن “الاستثمار في التربية والتعليم هو من أغنى الاستثمارات، لأنه يؤمّن للوطن ثروة ثابتة تتزايد سنوياً، لا تهزّها ازمات ولا تنال منها غدرات الزمان، ثروة من الأدمغة الشابة بكل ما تحمل من أحلام وإقدام وتمرّد، هي مستقبل لبنان وغده الواعد”.
وأكد عون أن “الإدمان بحد ذاته خطورة، أياً يكن المُدمَن عليه: التدخين، المخدرات، طاولة الميسر، الانترنت، لأنه يشلّ الإرادة ويستعبد الإنسان، فأنت حر بقدر ما أنت قادر على الاختيار، قادر على قول النعم واللا. ولكن، عندما لا يعود بإمكانك الاستغناء، فأنك تفقد، في مكان ما حريتك”، وأضاف: “صحيح أن الانترنت قد أحدث ثورة كبيرة في عالم المعرفة والتكنولوجيا، وفتح الآفاق على عوالم جديدة، وسهَّل الوصول إلى المعلومة، ولكن استلاب بعض تطبيقاته ومواقعه لمساحة كبيرة من وقتنا، واهتمامنا، وتفاعلنا، وقطعها أحياناً الكثير من الروابط مع الواقع، يشكلان خطورة ملحة في مجتمعاتنا”.
وتابع: “فتحت وسائل التواصل الاجتماعي خطوط لقاء بين البشر لم تكن ممكنة في السابق، لكن الخطر الذي نستشعره هو في أن يحل التواصل الافتراضي محل التواصل الحقيقي بين الناس، فتفقد العلاقات الانسانية معناها وعمقها”، مشدداً على أن “الإدمان على الانترنت وعلى الشاشة وعلى العالم الافتراضي، أوجد عزوفاً لدى الشباب عن العالم الحقيقي وعن التعاطي الجدّي بالشأن العام، فتدنّى مستوى الوعي السياسي والثقافة السياسية لدى قسم كبير منهم، ليُختزل أحياناً بسجالات متعصّبة وفارغة إلا من التطرّف والتحريض وبذاءة الكلام”.
ولفت عون الى أن “هذا ما دفعني لأوجه في كانون الثاني عام 2014 رسالة، بل نداء الى جميع رؤساء الجامعات العاملة بلبنان لفتح قاعات المحاضرات أمام المحاضرين السياسيين على اختلاف انتماءاتهم ليتعود طلابنا على الإصغاء والمناقشة الهادئة بدل أن تكون نقاشاتهم بالشارع أو بالشتم والتحريض على وسائل التواصل”، موضحاً ان “حرية التعبير حق مقدّس، ولكن هناك أيضاً مقدّسات أخرى لا يجب أن تغيب عنكم، وأولها الحقيقة التي هي سقف الحرية، فحرية التعبير إذا جافت الحقيقة لا تعود حرية بل تصبح افتراءً واعتداءً معنوياً”.
ومضى قائلاً: “هناك أيضاً كرامة الإنسان وسمعته، هي أيضاً من المقدسات، ولا يحق لأحد الاعتداء عليها، فالشتيمة وبذاءة الكلام لا يندرجان في إطار حرية التعبير، وكذلك تشويه السمعة”، متابعاً: “إن التنافس السياسي صحي، وكذلك الاختلاف في الرأي، وهما ضرورة للحياة الديمقراطية. ولكن، احذروا الخلط ما بين الاختلاف والعداوة، فخصمك السياسي ليس عدوك، هو شريكك في الوطن وكلاكما تعملان من أجل مصلحة هذا الوطن وإن اختلفت مقاربتكما وسبل العمل”.
ووعد بـ “العمل بأقصى امكاناتي، لتوحيد جهود المسؤولين السياسيين لمواجهة الفساد الذي يعطب كل مفاصل الوطن، والتوافق على خطة وطنية للنهوض الاقتصادي لتأمين فرص عمل إضافية لكم”، مضيفاً: “مع انطلاقة عمل الحكومة العتيدة التي نأمل في ولادتها القريبة، سنبدأ مرحلة جديدة من العمل والانتاج الوطني الجاد، للتخلص من أثقال الماضي السياسية والاقتصادية، واللحاق بركب الحداثة”.
كلام رئيس الجمهورية جاء في الكلمة التي ألقاها، مساء اليوم، في الاحتفال الذي أقامته جامعة سيدة اللويزة، على مسرح بشارة الراعي في حرم الجامعة الرئيسي في زوق مصبح لمناسبة ذكرى تأسيسها، وكرمت الجامعة عون خلال الاحتفال عبر منحه شهادة الدكتوراه الفخرية في الانسانيات “تقديرا لمسيرته وعطاءاته الوطنية”. كما اغتنمت المناسبة لاطلاق مبادرة وطنية مجتمعية حول مخاطر الادمان على الانترنت والتكنولوجيا.