تعرضت إدلب اليوم السبت لغارات جوية روسية هي "الأعنف" منذ تهديد دمشق وحليفتها موسكو بشن هجوم على المحافظة الواقعة شمال غرب البلاد، في تصعيد يأتي غداة فشل قمة طهران في تجاوز خلافات الأطراف الثلاثة لتجنيب المنطقة براثن الخيار العسكري.
ويثير هذا التصعيد الخشية من بدء العد العكسي لإطلاق الهجوم الفعلي على إدلب، التي تشكل آخر معقل لفصائل المعارضة المسلحة وأيضا المجموعات الجهادية في سوريا، في وقت تحذر الأمم المتحدة من "كارثة"إنسانية في حال شن الهجوم الذي يهدد بنزوح قرابة800 ألف نسمة من إجمالي نحو ثلاثة ملايين يقيمون في إدلب ومناطق محاذية لها.
ونفذت الطائرات الروسية غارات على بلدات وقرى في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي بحسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، تزامنت مع إلقاء مروحيات قوات النظام أكثر من خمسين برميلا متفجرا على المنطقة إلى جانب القصف المدفعي.
وأدى القصف الجوي بحسب المرصد إلى مصرع أربعة مدنيين على الأقل بينهم طفلان.
الغارات الأعنف منذ شهر!
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن هذه الغارات تعد "الأعنف" على شمال سوريا منذ شهر، حين أوقعت غارات روسية وسورية53 قتيلا على الأقل بينهم 41 مدنيا في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي المجاور لإدلب.
وشاهد مراسل فرانس برس قرب قرية المنطار نساء يحملن أطفالهن ومسنين في حالة من الهلع وهم يجرون في أرض زراعية خشية من القصف قبل أن تستهدف مروحيات بالبراميل المتفجرة القرية، ما تسبب بتدمير عدد من المنازل.
وفي أطراف قرية عابدين التي طالتها الغارات السبت، قال أبو حسين وهو نازح من ريف حماة الشمالي "نتعرض منذ الصباح لقصف من الطيران الذي لم يتوقف عن استهدافنا". وتابع "ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة بالقرب منا، كان نهارا عنيفا.حتى الرابعة عصرا لم يفارق الطيران الأجواء".
وعلى أطراف بلدة حاس جنوب إدلب، تعرض مستشفى مشيد داخل جرف صخري لقصف جوي، أدى إلى تضرر عدد من أقسامه، وإصابة اثنين من الطاقم الطبي بجروح، وفق مصدر طبي.وشاهد مراسل فرانس برس قاعات في قسم الإسعاف تبعثرت محتوياتها من أدوية ومستلزمات طبية ومعدات على الأرض.
ودفعت وتيرة القصف مئات عدة من العائلات إلى النزوح السبت من القطاع الجنوبي في محافظة إدلب، وفق المرصد. وشاهد مراسل فرانس برس عشرات السيارات والحافلات الصغيرة محملة بالمدنيين مع حاجياتهم أثناء مغادرتها المنطقة.
وتتركز عمليات النزوح خصوصا من الريف الجنوبي الشرقي الذي يستهدف منذ أيام بقصف جوي سوري وروسي.ويتوقع أن تشهد هذه المنطقة المعارك الأولى في حال بدأ الهجوم.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)على القسم الأكبر من إدلب بينما تنتشر فصائل إسلامية أخرى في بقية المناطق وتتواجد قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.كما أن هناك وجودا لهذه المجموعة والفصائل في مناطق محاذية تحديدا في ريف حلب الغربي (شمال)وريف حماة الشمالي (وسط)واللاذقية الشمالي (غرب).
رسالة روسية لأردوغان!
وتأتي الغارات غداة قمة عقدت في طهران جمعت رؤساء إيران حسن روحاني وروسيا فلاديمير بوتين، حليفي دمشق، وتركيا رجب طيب أردوغان الداعم للمعارضة السورية المسلحة. وأخفق الرؤساء الثلاثة في تجاوز خلافاتهم حول إدلب، مع تمسكهم بمواقفهم.فشددت طهران وموسكو على ضرورة محاربة "الإرهاب "وحق دمشق في استعادة السيطرة على كامل أراضيها، بينما حذرت تركيا من "حمام دم".
لكن الزعماء الثلاثة اتفقوا برغم ذلك على مواصلة "التعاون"للتوصل إلى حل يمنع وقوع خسائر في الأرواح.
واعتبر الباحث في المعهد الأمريكي للأمن نيكولاس هيراس أن روسيا ومن خلال تصعيد قصفها على إدلب غداة القمة "تذكر تركيا بأن عليها أن تبقى في دائرة الرضى الروسية إذا أرادت تجنب كارثة مؤلمة في شمال غرب سوريا"في إشارة إلى الهجوم العسكري على إدلب.
وفي تكرار لتصريحات سابقة، قال المتحدث باسم الجيش الروسي إيغور كوناشنكوف في بيان السبت إن قياديين في "هيئة تحرير الشام" وفي "الحزب الإسلامي التركستاني"، وآخرين من الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) "اتفقوا على سيناريو يقضي بافتعال أحداث تدفع إلى اتهام القوات الحكومية السورية باستخدام غازات سامة ضد المدنيين".
وفيما دعا أردوغان وروحاني إلى ضرورة حماية المدنيين، شدد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا أمام مجلس الأمن المنعقد في نيويورك الجمعة على وجوب أن "نسمح بفتح عدد كاف من ممرات الإجلاء الطوعي المحمية للمدنيين في كل اتجاهالشرق والشمال والجنوب".
ويجري دي ميستورا محادثات مع ممثلين عن تركيا وروسيا وإيران الأسبوع المقبل في جنيف حول الأزمة في إدلب.
اشتباكات الأسايش والنظام في القامشلي
وفي موضوع متصل، تسببت اشتباكات بين قوات الأمن الكردية "الأسايش"ودورية تابعة لقوات الأمن السورية بمقتل20 عنصرا من الطرفين في مدينة القاملشي (شمال شرق) والتي يتقاسمان السيطرة عليها ونادرا ما تشهد حوادث مماثلة، بحسب ما أفاد المرصد في حصيلة جديدة.
ويتوزع القتلى بين13 عنصرا من قوات النظام مقابل سبعة قتلى من قوات الأمن الكردية.وشاهد مراسل فرانس برس في مكان الاشتباك ثلاث آليات عسكرية تابعة لقوات النظام من طراز "بيك آب" متوقفة وخالية بينما آثار طلقات الرصاص عليها وبقع دماء حولها على الأرض.وأشار إلى حالة توتر واستنفار تشهدها المدينة منذ الصباح.
فرانس24/ أ ف ب
نشرت في : 08/09/2018