يضع قادة الدول الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، الذين يجتمعون في طهران اليوم عنواناً طموحاً للقائهم يتلخص بالقضاء على «إرهابيي» إدلب واستعادة المنطقة التي يسيطرون عليها إلى «حضن الدولة برئاسة بشار الأسد»، وفي الوقت نفسه البحث في كيفية مواجهة التحذيرات الأميركية، وآخرها ما اطلقه الرئيس دونالد ترامب خلال استقباله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح من أن «العالم سيشعر بغضب كبير في حال حدوث مجزرة هنا، والولايات المتحدة أيضاً ستكون غاضبة».
ترامب يخشى «المجزرة» ويربط حصولها باحتمال استعمال النظام للسلاح الكيماوي، وهو عندها سيتحرك، أما في حال جرت العملية من دون كيماوي أو مجازر، فالموافقة الأميركية الضمنية على الهجوم تبدو قائمة من دون أن يعلن أحد عن الأثمان المدفوعة، والمقايضات الحاصلة. والمقايضة الأكبر هي ما ستحاول تركيا إتمامه. عشية اجتماع طهران تحدثت عن مسعى ستجريه مع الروس، بوصفهم قادة العمليات، لمنع حرب شاملة في إدلب والعودة إلى نظرية فرز المتطرفين والمعتدلين، إلا أن روسيا بدت حاسمة في السير بالمعركة حتى النهاية، من دون أن تغفل ارضاء الأتراك في ضمان حضورهم على الشريط الحدودي، وربما داخل نقاط المراقبة المقامة في إدلب بمقتضى خطة مناطق خفض التصعيد، والتعويض عن خسائر تجارهم في المحافظة السورية، والأهم تطمينهم لجهة الحضور الكردي شرقي الفرات ما يحتاج دخولاً أميركياً على خط الصفقة الكاملة.
الجميع حاضر في بحث مستقبل إدلب الذي يعتبرونه مقدمة أخيرة للبحث في مستقبل سورية، حتى أميركا الغائبة عن طهران حاضرة بقوة في خلفية مسرح العمليات بموقفها السياسي وبتحركاتها العسكرية، وإسرائيل حاضرة باحتلالها الأجواء السورية وملاحقة الإيرانيين واتباعهم على الأرض، لا يثنيها عن ذلك اعتراض نائب روسي في الدوما ولا اتفاق تعاون عسكري يوقعه الأسد مع أمير حاتمي…
الوحيد الغائب عما يجري أو يخطط له هو الرئيس السوري بشار الأسد، الذي باسم «شرعيته» يجتمع التركي والإيراني والروسي ليقرروا كيف يتحركون على الأرض السورية، ولا يكلفون أنفسهم عناء دعوته إلى العاصمة الشقيقة ولو بصفة استشارية للوقوف على رأيه بما يحصل في بلده.. وبإسمها.