منال شعيا - النهار
ان يطرد رئيس لجنة نيابية ممثلين عن الوزراء في مستهل جلسة اللجنة، معنى ذلك ان الكيل طفح.
ليست المرة الاولى التي يشكو منها رؤساء لجان نيابية من عدم حضور الوزراء لجلسات اللجان، وليست المرة الاولى التي لا يلبي فيها الوزراء الدعوات الى حضور الجلسات. فالتجارب السابقة عديدة، وشكاوى رؤساء لجان نيابية سابقين وحاليين من هذه المسألة، كثيرة. انما ان يثبت رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان “سابقة” في هذا الاطار، فان الامر يدعو الى التوقف عنده.
بالامس، “طرد” عدوان ممثلي الوزراء من جلسة لجنة الادارة، والتي كانت مخصصة للبحث في موضوع الليطاني، لانه كان يطلب حضور الوزراء المعنيين.
هذه “السابقة” التي سجلها عدوان بالأمس ستتحول قاعدة ثابتة عند لجنة الادارة، فاذا كان عدوان قد اقدم عليها بدءًا من الجلسة الاولى للجنة، فان في الامر اكثر من اهمية وابلغ من دلالة. معنى ذلك، ان المسألة ستنسحب على الجلسات الاخرى، وان لا “استهتار” بعد اليوم في عمل اللجان، لاسيما حين تناقش مسائل مهمة وحساسة لا يمكن ان تنتظر بعد، مثل ملف الليطاني.
خطوة عدوان تعيد الى عمل اللجان انتظامه بعدما افتقر لأعوام عديدة الى الجدية والمتابعة، ليس بفعل النواب او تقصيرهم، بل بفعل “لامبالاة” عدد كبير من الوزراء تجاه عمل اللجان النيابية. اذ ان قلّة من الوزراء كانت تحضر جلسات اللجان النيابية الدورية، وتكتفي الغالبية بارسال ممثلين عنها، ظنًا منها ان هذا العمل ليس بالمهم وانه مجرد عمل اولي روتيني، غير منتبهة الى انه العمل الاولي التحضيري الذي يعدّ المسودة الاولية لأي تشريع واقتراح قانون. هو الأساس، الا انه غالبًا ما يجري خلف الكواليس بعيدًا عن الاعلام، لكون جلسات اللجان ليست علنية، كمثل بعض الجلسات العامة النيابية لمجلس النواب، حيث يتمادى الوزراء امام النقل المباشر، وفي حضور الاعلاميين، بعرض “انجازاتهم”، في وقت يغيبون عن الجلسات حيث لا اعلام مرّكزًا ولا شاشات.
خطوة عدوان هي الاولى من نوعها، لكون الشكاوى السابقة لعدد من رؤساء اللجان في هذا الاطار كانت تتوقف عند حدود الاعتراض اللفظي او الخطي (في حالات نادرة) ولا تصل الى حدود “طرد” ممثلي الوزراء وعدم اكمال عقد الجلسة. وربما موقف عدوان هذا يعدّ فريدا. فهو الاتي للمرة الاولى الى رئاسة لجنة الادارة اراد ان يثبت هذه المعادلة: “اول دخولو شمعة ع طولو”.
النظام الداخلي لمجلس النواب حدد في الفصل السابع منه وتحت عنوان “اعمال اللجان”، نظام الجلسات، فتقول المادة 31 منه: “يمكن للجان أن تدعو الوزير المختص الى حضور جلساتها، وللوزير أن ينتدب من ينوب عنه إلا إذا قررت اللجنة دعوة الوزير بالذات. وعندما تقرر اللجنة دعوة الوزير بالذات، على رئيسها إبلاغ الوزير القرار بواسطة رئاسة المجلس وذلك قبل الموعد بثلاثة أيام على الأقل، ويرفق كتاب الدعوة ببيان بالأعمال التي سيجري بحثها عند الاقتضاء”.
هكذا، فان دعوة الوزير الى اللجنة واضحة ومحددة في الاليات والاطر. كما ان المادة 32 من النظام الداخلي تعطي الحق “للجان المجلس في أن تطلب إلى الوزير المختص تزويدها بالمستندات والوثائق والمعلومات التي ترى الإطلاع عليها. وإذا تمنع الوزير عن إجابة الطلب، وجب رفع الأمر إلى رئيس المجلس الذي يعرض الموضوع على المجلس في أول جلسة، ويعطيه الأولوية على بقية الأعمال”.
هذه الأولوية لا جدال حولها، وفق النظام الداخلي للمجلس. وصحيح أن النظام أعطى الحق للوزراء بايفاد ممثلين عنهم، الا انه ركز ايضًا على دعوة الوزير المختص بالذات، مما يوقف اي تحليل او اجتهاد في هذا الخصوص. والاهم الا تتحول مسألة حضور الوزراء جلسات اللجان مسألة ذات مزايدات سياسية، بحيث يحضر الوزير جلسة اللجنة التي يرأسها نائب من الهوى السياسي نفسه، او ان يختار مثلا الموضوع الذي يريد ان يناقش فيه حصراً. عندها، لن يبقى اي اطار للتشريع.