تكشف أوساط سياسية في 14 آذار، عن أن الأجواء المتنامية حول تسارع الحلول للمأزق الحكومي، لا تتماهى مع الوقائع الفعلية التي تتداولها الحلقات الضيقة للقوى المعنية، والتي تشير إلى أن أي تطوّر دراماتيكي مرتبط بالملف الحكومي ما زال معلّقاً على حصول لقاء وتفاهم ما بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل.
واشارت المصادر الى ان اللقاء بين الحريري وباسيل تأجل الى يوم الاحد بسبب مواعيد مسبقة لباسيل. وتقول المعلومات ان الحريري ابدى انزعاجه من تأجيل اللقاء.
واعتبرت الأوساط، أن كل المؤشّرات التي تسجّل منذ عودة الحريري إلى بيروت مساء الأحد الماضي، تدلّ على أن إشكاليات العلاقة ما بين طرفي التسوية الرئاسية ليست بسيطة، وإن كانت القيادات لا تزال تتحدّث عن علاقة طبيعية، وعن متانة في خطوط التواصل رغم السجالات المتعدّدة التي تسجّل ما بين الطرفين، وكان آخرها التغريدات ما بين نائبي «المستقبل» وتكتّل «لبنان القوي» محمد الحجار وزياد أسود. وقد برز في هذا السياق، الموقف المعلن من كل من الحزب التقدمي الإشتراكي و«القوات اللبنانية» بعد جملة مشاورات مع الرئيس المكلّف، أن تجاوز العقدتين المسيحية والدرزية قد بات ممكناً، ولكن المعبر إلى تحقيق هذا الأمر يكون من خلال خطوة مقابلة من «التيار الوطني الحر»، وذلك بعيداً عن كل ما يتم تسويقه بالنسبة لتوازن القوى داخل السلطة. وشدّدت الأوساط ذاتها، أن الجميع اليوم، وبصرف النظر عن الظروف الصعبة، قد بات عازماً على المواجهة للوصول إلى ما يعتبره حقاً طبيعياً ومكتسباً بفعل المعيار الدستوري والمنطق السياسي الذي كرّسته الإنتخابات النيابية الأخيرة. وبالتالي، فإن الصمت المشوب بالحذر ما زال يسجّل على جبهة «التيار الوطني الحر»، كما تقول الأوساط عينها، وذلك، على الرغم من إعلان البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد زيارته قصر بعبدا، بأن ولادة الحكومة قد باتت وشيكة.
وكشفت الاوساط أن العقد التي كانت تعوق التأليف لم تعد قائمة، ذلك أن خارطة الطريق لحلّها قد رُسمت، ووافق عليها غالبية المعنيين بالإستحقاق الحكومي، ولم يبقَ إلا الخطوة النهائية والمتمثّلة بحلّ عقدة حصة «التيار الوطني الحر» مع حصة رئيس الجمهورية.
وفي حين شدّدت الأوساط، على أن تعثّر التأليف، والذي كان يربطه «التيار الوطني» بتأثّر الرئيس المكلّف بالتدخلات الخارجية، قد بات واضح الأسباب، أكدت أن المواقف الخارجية باتت تدفع اليوم، ومن خلال نصائح تبلّغها الرئيس الحريري من أكثر من موفد ديبلوماسي في الأيام الماضية بوجوب الإسراع في تشكيل الحكومة قبل انزلاق الوضع الإقليمي إلى المجهول، فيما لو تحقّقت السيناريوهات التي تتحدّث عن مواجهة أميركية ـ إيرانية في المنطقة انطلاقاً من البوابة السورية.
وبحسب هذه الأوساط نفسها، فإن التلهّي بالأولويات الداخلية على حساب حماية لبنان من العاصفة الإقليمية التي تتهدّد المنطقة، يجعل كل الأطراف شريكة في تحمّل المسؤولية عن أي أزمة قد تضع لبنان داخل نفق مظلم وتعرّضه لتداعيات ليست فقط إقتصادية، بل أمنية في الدرجة الأولى.
وسط هذه الأجواء، تابعت الأوساط السياسية عينها، ان أزمة التأليف تبدو مرشّحة لأن تطول لبضعة أسابيع إضافية، إلا إذا نجح كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيــس المكــلّف في الوصول إلى صيغة تمنع الذهاب نحو أي مغامرة قد تنتج عن حسابات خاطئة لدى بعض الأطراف الداخلية، وتؤدي إلى تعميم حال التعطيل الحكومي من التأليف إلى مجالات أخرى.