جاءت مواقف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ، لتعيد تصويب الأمور وتحسم كل الجدل المثار بشأن التكليف الذي دخل شهره الرابع، من منطلقات دستورية يتسلح بها الرجل في مواجهة الذين يعملون على عرقلة مهمته، من خلال وضع الشروط عليه والمطالبة بحصص وحقائب تفوق قدرته على التحمل، في حين لم يعد خافياً على أحد، رغبة التيار الوطني الحر بالحصول على أحد عشر وزيراً، بغية الإمساك بالثلث المعطل وهو مالا يمكن أن يقبل به الرئيس المكلف، مهما اشتدت الضغوطات عليه.
وفيما تتجه الأنظار إلى اللقاء المنتظر بين الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري في الساعات المقبلة، سيحاول الرئيس المكلف من خلال اجتماعات يجريها مع عدد من القيادات السياسية، إجراء قراءة جديدة للمسار الحكومي، على أمل أن ينجح في تدوير الزوايا، بهدف الخروج من المأزق الذي لا يبدو بحسب مقربين من “بيت الوسط”، أن هناك امكانية للخروج منه، طالما بقي رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل ، متمسكاً بشرطه الذي لم يحد عنه منذ اليوم الأول للتكليف، وهو الحصول على ثمانية وزراء لفريقه السياسي، إضافة إلى ثلاثة لرئيس الجمهورية، أي السعي للإمساك بقرار الحكومة وجعل مصيرها بين يده، إضافة إلى الشرط الآخر الذي يضعه باسيل وهو التمسك بتوزير النائب طلال إرسلان، لقطع الطريق على حصر التمثيل الدرزي برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بدعم قوي من الرئيس عون ، ما يجعل الأمور على درجة عالية من التعقيد، تجعل الرئيس المكلف عاجزاً عن إحداث تقدم حقيقي في عملية تشكيل الحكومة .
وفي المعلومات المتوافرة لصحيفة “اللواء”، أن الرئيس المكلف سيعطي مهلة لـ”المعرقلين”، بهدف دفعهم لتغيير موقفهم في غضون أسبوعين أو ثلاثة على أبعد تقدير، من أجل تسهيل الولادة الحكومية، وإلا فإنه سيسمي الأشياء بأسمائها ويدل بأصابعه على هؤلاء المعرقلين الذين باتوا معروفين، حيث يضعون مصالحهم على حساب مصالح اللبنانيين والبلد، في وقت يظهر بوضوح أن الوزير باسيل يتحمل مسؤولية كبيرة في عدم تشكيل الحكومة ، لأسباب عديدة يأتي في مقدمها، إصراره على تحجيم “القوات اللبنانية”، من خلال عدم قبوله بإعطائها أربعة وزراء وهو حقها الطبيعي، بعد أن أصبحت ممثلة في المجلس النيابي بـ16 نائباً، وكذلك الأمر تنكره لرئيس “الإشتراكي” بحقه في حصر التمثيل الدرزي بحزبه.
مما تقدم لا يبدو أن فرص تشكيل الحكومة جدية، ما لم يأخذ رئيس الجمهورية المبادرة ويقنع “صهره”، بأن مصلحة البلد أهم من الحصول على 11 وزيراً، وبالتالي فإن الكرة في ملعب الرئيس عون الذي يعطيه الدستور إلى جانب الرئيس المكلف، حق إصدار مراسيم الحكومة الجديدة، لإن استمرار الضغوطات على الرئيس الحريري المتسلح بالدستور لن تقود إلى شيئ، وسيبقى الوضع في دائرة المراوحة، إلى أن يقتنع باسيل وغيره، بأن عنادهم لن يعود عليهم بشيء.