وسط التوقعات السلبية والقراءات المتشائمة للمشهد الحكومي بعد دخول الساحة السياسية مدار عطلة عيد الأضحى، أكدت مصادر نيابية في كتلة “المستقبل”، أن محرّكات الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري لن تتوقّف عن العمل، وذلك على الرغم من العطلة، لافتة إلى أن المساعي الهادفة إلى تسريع ولادة الحكومة مستمرة بالإيقاع نفسه، على الرغم من كل حملات الضغط التي يتعرّض لها في الآونة الأخيرة. وكشفت أن معادلة حكومة الوفاق الوطني ما زالت قائمة، ولن تنجح كل المحاولات الجارية من أجل الدفع نحو حكومة أمر واقع، في التأثير على هذه المعادلة، كما على علاقاته وتحالفاته الداخلية، كما الإقليمية على حدّ سواء.
وبصرف النظر عن غياب القيادات المعنية بالتأليف بسبب العطلة في لبنان وفي الخارج، فإن المصادر النيابية نفسها، تحدّثت عن مشاورات هادئة يقوم بها الرئيس المكلّف مع أكثر من مرجعية سياسية، وذلك بهدف التعجيل في مهمته، والوصول إلى تحقيق تقّدم ملموس، على الأقلّ بالنسبة للتفاهم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على الصيغة التي باتت شبه منجزة، والتي تستند إلى تصوّر أولي وضعه بحكومة ثلاثينية تحقّق تطلّعات كل الكتل النيابية.
وفي هذا الإطار، كشفت هذه المصادر أن الحريري، قد اتخذ قراراً حازماً بالوقوف في وجه كل الحملات التي يتعرّض لها، ومن بينها سقوف المطالب العالية، والتي وصل بعضها إلى مستوى تعجيزي لتجميد عملية تأليف الحكومة، ولذلك، فإنه لن يدخل أي تعديلات على آلية العمل التي بدأ بها منذ ثلاثة أشهر. وأضافت أن الحريري يترقّب أجوبة من “التيار الوطني الحر” بالنسبة للتسوية التي جرى التوصّل إليها بالنسبة للعقدة المسيحية في الحكومة المقبلة، وذلك، بعدما تردّدت معلومات في أكثر من مجال عن وجود “فيتو” في هذا الموضوع. وكذلك، بالنسبة للموقف المعلن من الحزب التقدمي الإشتراكي ، والذي بات محسوماً، كما نقل النائب تيمور جنبلاط إلى الرئيس المكلّف في الفترة الأخيرة، حيث لفتت المصادر ذاتها، إلى أن فريقاً ثالثاً، هو الذي يتولى البحث في تدوير الزوايا وتسوية العقدة الدرزية ، وإن كانت المصادر نفسها، لم تشأ الكشف عن طبيعة هذه الإتصالات في الوقت الراهن.
وبالتالي، فإن الحريري لم يصل إلى مرحلة تبديل الأولويات أو الأهداف بالنسبة للمسودة الحكومية التي يعمل عليها، حتى خلال إجازته الخاصة، وذلك، بغية وضع اللمسات الأخيرة عليها قبل اللقاء المرتقب مع رئيس الجمهورية، والذي لن يتأخّر كثيراً، على حدّ قول المصادر المستقبلية عينها، خاصة وأن رئيس الجمهورية يشدّد على وجوب ولادة الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن، على الرغم من كل العقبات والعقد المحلية أو الخارجية.
وفي سياق متصل، قالت المصادر نفسها، أن كل الأطراف السياسية متضرّرة من التأخير الحاصل في ولادة الحكومة الجديدة، أو على الأقلّ، من تعثّر التوافق بين كل المعنيين بالتأليف، وشدّدت على أن الرئيس المكلّف ليس الجهة الوحيدة المستهدفة اليوم من أجل تسريع عملية التأليف، بل كل الأطراف قد باتت معنية بالتعاون للوصول إلى توافق، خصوصاً بعدما باتت العقد الحكومية محصورة بالخلاف على الحصص، وليس التدخلات الخارجية في الملف الحكومي، أو في أجندة العمل السياسية على الساحة الداخلية، لا سيما لجهة العناوين المتعلّقة بسياسة النأي بالنفس.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فقد توقّعت المصادر النيابية المستقبلية ذاتها، أن يعود النقاش الحكومي من جدديد إلى النقطة التي توقّف فيها أخيراً، وأن تتم مقاربة الفيتوات وفق أسلوب مختلف عن السابق، خصوصاً وأن السقف الذي التقت عليه كل القيادات في مواقفها الأخيرة، هو ذاته، ويقضي بتكريس مناخ الوفاق من خلال حكومة وحدة وطنية لا تعزل أي فريق سياسي.