دعت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال الدكتورة عناية عز الدين، في افتتاح معهد النور الجامعي في النبطية، وحفل التخرج السنوي الاول لطلابه “دفعة الانتصار”، “الدولة للاهتمام الخاص بقطاع التعليم المهني الجامعي وفتح الاختصاصات ووضع الخطط لتطويره واعادة تحديد اهدافه وربطه بمتطلبات الاقتصاد اللبناني”، في حضور ممثل النائب هاني قبيسي عضو قيادة اقليم الجنوب في حركة “أمل” محمد ترحيني، وفد من قيادة الحركة في الجنوب برئاسة مسؤول الشباب والرياضة عمران حسن، المسؤول التنظيمي للحركة في المنطقة الاولى حسن سلمان، وفد من “حزب الله” برئاسة مسؤول التعبئة التربوية في الحزب حمزة غندور، منفذ عام النبطية في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” الدكتور وسام قانصو، المسؤول السياسي ل”حزب البعث العربي الاشتراكي” في الجنوب فضل الله قانصو ومدير المعهد محمد ترحيني، واجب علي قانصو والاديب الجنوبي جميل معلم وفاعليات.
ودعت عز الدين في كلمتها الدولة للاهتمام الخاص بقطاع التعليم المهني الجامعي، وقالت: “ان دولا اقتصادية كبرى كألمانيا واليابان تعتمد في نظامها التعليمي على الفروع المهنية بشكل كبير وكلا البلدين لديه تجربة مميزة على مستوى البناء والاعمار بعد تعرضهما للتدمير خلال الحرب العالمية الثانية”.
وأضافت: “ان التعليم المهني هو أحد السبل الاساسية والرئيسية للتنمية الوطنية ومعالجة العديد من الاشكاليات الاقتصادية وهو أحد أهم دعائم نهوض البلاد ونتمنى تعزيز وتطوير التعليم المهني في لبنان، نحن مقبلون ان نصبح بلدا نفطيا وبلدا غازيا من هنا اهمية التعليم المهني في هذين القطاعين، ولبنان اشترط في العقود التي أبرمها مع الشركات التي ستعمل في لبنان على ان يكون 80% من العمال من اللبنانيين وهذا يتطلب ان تطور معاهدنا المهنية البرامج التطبيقية التي لها علاقة بحقلي التنقيب وصناعات النفط والغاز وان تكون حقيقة معايير المناهج العلمية في هذه المهنيات عالية ومواكبة للمعايير العالمية”.
وقالت عز الدين: “تسرني المشاركة في احتفال تكريم الناجحين والمتفوقين من طلابنا الاعزاء، لانني اؤمن بأن هذا المسار في التحصيل العلمي هو طريقنا الى التنمية والتقدم. بل هو سبيلنا للاستمرار في الحياة الكريمة والعزيزة ولا سيما اننا في اجواء الانتصار في حرب تموز ودورتكم تحمل اسم دورة الانتصار وفي اجواء شهر آب، شهر الامام المغيب، امام العلم والتنمية والمقاومة وكلاهما، المقاومة والعلم، مصداق حي على مسار النهضة والتغيير الذي ارسى معادلات جديدة ليس فقط بما يخص منعة لبنان بوجه اسرائيل وانما ايضا معادلات اجتماعية وسياسية ساهمت برفع الحرمان والتهميش عن جزء من وطننا الحبيب ويبقى ان نستكمل هذه المسيرة في اماكن اخرى من لبنان ولا سيما البقاع وعكار”.
وتابعت: “ان المجتمع الذي يقدر العلم والمتعلمين هو مجتمع حيوي يمتلك في بنيته دينامية التطور والتجدد والتقدم لذلك لا يمكن اعتبار هذه الاحتفالات التكريمية تفصيلا بل هي جزء من الثقافة المجتمعية التي يجب ان تنظر بتقدير خاص للعلم وتعتبره قيمة هامة وميزان تفاضل وهذا ما ورد في القرآن الكريم عندما قال الله تعالى “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”؟
وقالت عز الدين: “لقد كافح آباؤنا في ظل ظروف صعبة وقاسية لتأمين العلم لنا وقد شهد ابناء الجنوب ورغم ظروف الاحتلال والحرمان نهضة علمية لامعة اثمرت في ميادين مختلفة. و لأن دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري كان الأمين على نهج المقاومة والتنمية والعلم، فامتلأ الجنوب بأجيال من المتخرجين وقامت المؤسسات التعليمية المختلفة وباتت قرانا لا تخلو من المدارس ومدننا تحوي عددا لا بأس فيه من المهنيات والمؤسسات الجامعية وفروعها وهو الامر الذي يعتبر انجازا بعدما عز في قرانا تحصيل العلوم نتيجة الحرمان والاهمال المنظم الذي عانينا منه لردح من الزمن”.
واردفت: “طبعا لا يزال الكثير من الجهد مطلوب، هناك حاجة كبيرة لافتتاح فروع جديدة للجامعة الوطنية في اكثر من مدينة جنوبية، كذلك لا بد من العناية والرعاية للتعليم الرسمي والاهتمام بالمدرسة الرسمية بما يكفل مستوى لائق من التعليم فيها خصوصا ان المدرسة الرسمية تبقى الملاذ الوحيد للطلبة من ابناء عوائلنا الطيبين، اصحاب الدخل المتوسط والمحدود وهم الشريحة الاوسع في لبنان عموما وفي الجنوب خصوصا”.
اما في التعليم المهني فيجب الاقرار ان نظرة خاطئة تشكلت حول مساره وهذا ما يجب تصحيحه. ان التركيز على التعليم المهني وايلاءه الاهمية والاهتمام يمكن ان يساعد الى حد كبير بمعالجة ازمة البطالة في لبنان. كما هو معلوم فإن 41% من اللبنانيين هم تحت سن ال24 عام و35% منهم بلا عمل.
كما ان لبنان يخرج سنويا حوالى الثلاثين الف طالب جامعي لا يأخذ منهم سوق العمل اكثر من عشرة الاف في احسن الاحوال.
والتعليم المهني قادر على تعديل هذه الارقام نحو الافضل. لأن الاختصاصات المهنية تلبي الى درجة كبيرة احتياجات السوق. اضافة الى مسألة هامة وهي ان التعليم المهني يخرج شبابا يمتلكون مهارات انتاجية وهذا ما نحن بأمس الحاجة اليه في لبنان. اختصاصات منتجة وليست ريعية. شباب يجعلوننا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ويعيدون الاعتبار لقيمة العمل والمجهود بعد ان اصبحت قيم المردود والربح السريع ولو غير الشرعي هي السائدة.
ورأت إن الدولة مدعوة بشدة للاهتمام الخاص بهذا القطاع وفتح الاختصاصات المختلفة فيه ووضع الخطط لتطويره واعادة تحديد اهدافه وربطه بمتطلبات الاقتصاد الوطني. وهنا لا بد من الاشارة الى تجارب مهمة في العالم يمكن الاستفادة منها. ان دول اقتصادية كبرى مثل المانيا واليابان تعتمد في نظامها التعليمي على الفروع المهنية بشكل كبير. ففي المانيا مثلا 80% من الطلاب ينتسبون الى التعليم المهني وكلا البلدين لديه تجربة مميزة على مستوى اعادة البناء والاعمار بعد تعرضهما للتدمير خلال الحرب العالمية الثانية.
واشارت عز الدين الى ان تجارب هذه الدول تؤكد ان التعليم المهني هو احد السبل الاساسية والرئيسية للتنمية الوطنية ولمعالجة العديد من الاشكاليات الاقتصادية وهو احد دعائم نهوض البلاد، متمنية ان “تكون انطلاقة معهدكم خطوة ثابتة في سياق تعزيز وتطوير التعليم المهني في لبنان”.
وقالت الوزيرة عز الدين: “انني وفي معرض الحديث عن واقعنا التعليمي والتنموي لا بد لي ان اصارحكم واقول لكم ان لبنان الذي يعاني العديد من الازمات لا يزال رهينة سلوك سياسي خاطىء تهدر فيه الفرص المتكررة لبناء دولة حقيقية. لقد اضعنا في ما مضى فرصة الوفاق الوطني بعد نهاية الحرب الاهلية ثم اضعنا الفرصة مجددا بعد تحرير ارضنا من الاحتلال ودخلنا في كل مرة في اتون التجاذب السياسي الطائفي وحتى المذهبي وادارة جزء من السياسيين ظهورهم للناس والوطن فيما كانت آذانهم تعطى للخارج. اليوم نحن امام فرصة جديدة وهي ايضا معرضة لخطر التلاشي. لقد انجزنا الانتخابات النيابية على قاعدة النسبية وقبلها تمكنا من طرد الارهاب من ارضنا ودحره عن جرودنا ونحن اليوم في ذكراه الاولى وقد كنا البلد الاول في المنطقة الذي يحقق هذا الانجاز دون اي منة من احد وبقوانا الذاتية المتمثلة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة”.
واضافت: “بعد كل ذلك نقف عاجزين عن تشكيل حكومة وطنية يجتمع فيه الفرقاء والقوى لتكون انطلاقة واعدة نحو بناء الدولة القوية. هذا العجز يأتي في ظل ظروف خاصة يمر فيها المحيط حيث نهايات الازمة في سوريا كما ان صراعنا مع العدو الاسرائيلي مستمر وامامنا تحدي الحفاظ على حقوقنا في المياه والنفط والحدود وهذا العدو لا يزال على عادته في التهديد والوعيد وهو يقيم المناورات تلو المناورات على حدودنا الجنوبية”.
واشارت عز الدين الى انه “رغم ذلك لا نجد عند البعض سوى التلهي في الاحجام والحصص والنكايات الضيقة والتفاصيل الصغيرة الهامشية. فإلى متى يبقى وطننا اسيرا لهذه العقلية؟ اليوم صرخة المواطنين ومطالب الفئات المختلفة ورسالة المشاركين في الانتخابات النيابية تقول “كفوا عن جعل لبنان رهينة لأطماعكم السياسية والمذهبية والفئوية. نريد ان يكون لنا دولة قوية وحكومة قادرة تعالج هذا الكم من المشاكل والازمات”، فإلى متى الانتظار”.
وشددت عز الدين ان الحكومة حاجة ومطلب اليوم قبل الغد. والمطلوب الاسراع في تشكيلها، لأن قدرة الناس على التحمل باتت تقارب شفير الانفجار. ولا يمكن لاحد احتواء وجع الناس الذي اصبح اكبر من ان يحتمل. مع ذلك ما زلنا نأمل ان يستيقظ بعض المعنيين بتشكيل هذه الحكومة من غفوة الاحجام والحصص.
على كل حال تبقون انتم ايها الطلبة الاعزاء املنا الحقيقي ورهاننا الصائب في تغيير قادم تصنعونه بجهدكم وعلمكم وحرفيتكم ومهاراتكم، تشاركون في بناء المجتمع وتنميته وتقدمه وازدهاره. فبارك الله بكم وبجهدكم وتعبكم ووفقكم للمزيد من المراتب والتقدم.
