بعد ما يزيد على ثلاثة أشهر من التعثر في تأليف حكومة العهد الأولى بات معظم اللبنانيين الغيارى يتساءلون في قرارة أنفسهم لماذا هذا التأخير الذي يستنزف من رصيد العهد، علماً بأن التسوية التاريخية التي أنهت أزمة الفراغ الرئاسي القاتل وأتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أنهت الانقسام العامودي الحاصل في هذا الموقع الهام ورسمت خريطة واضحة لمستقبل وصفه أصحاب هذه التسوية بالمزدهر وبأنه سينقل لبنان من مرحلة التعثُّر والجمود القاتل إلى مرحلة الانتعاش والازدهار والتقدم.
ولولا هذه التسوية التي كان عصبها الأساسي رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيّار المستقبل سعد الحريري، ركزت في الدرجة الأولى على ضرورة انتظام المؤسسات الدستورية ونعني بالانتظام اجراء الانتخابات النيابية حتى تعود السلطة الاشتراعية إلى ممارسة دورها التشريعي والرقابي، وقيام حكومة ائتلاف وطني تضم كل المكونات السياسية والطائفية والحزبية في البلاد تأخذ على عاتقها مسؤولية لم شمل وإعادة هيكلة الوضع الاقتصادي والمالي المتردي، على ان تشكّل في الوقت نفسه الضمانة الرئيسية لانطلاقة العهد المتعثرة نتيجة الانقسامات السياسية القابضة على انفاس الدولة، فلماذا إذن استمرار وضع العراقيل في طريق الرئيس المكلف لمنعه من تأليف الحكومة، ألا يُشكّل ذلك استنزافاً للعهد الذي وعد رئيس الجمهورية بأن يكون عهده، حافلاً بالانجازات الإصلاحية الكبيرة، ولماذا لا يفي رئيس الجمهورية بالوعود التي قطعها على نفسه في أول خطاب له بعد فوزه برئاسة الجمهورية وجدده قبل الانتخابات النيابية، ومن يمنعه من أن يفي بكل الوعود التي قطعها للبنانيين، وبالتالي من الذي يعرقل تشكيل الحكومة في وقت نادت فيه كل القوى السياسية والحزبية بالتجاوب مع رغبة العهد ومن الضرورات الوطنية في الاسراع بتشكيل الحكومة.
يقولون ان العقدة المسيحية – المسيحية هي السبب، علماً بأن القوات اللبنانية قدمت كل التسهيلات المطلوبة منها حتى انها تساهلت بالنسبة إلى الاتفاق المعقد مع التيار الوطني الحر ولم تطالب بأكثر من حصتها. ثم يقولون بأن العقدة درزية علماً بأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يطالب الا بما هو حق له، تماماً كما يطالب التيار الوطني الحر، والحال نفسه بالنسبة إلى الرئيس المكلف الذي يجهد في تدوير الزوايا ويقدم التضحيات الجمة للخروج من أزمة التأليف. فمعظم اللبنانيين ان لم يكن كلهم باتوا يعرفون من يعرقل تأليف الحكومة ومن يستنزف العهد ويعيق انطلاقته الموعودة، فهل يعود هؤلاء إلى ضمائرهم ويسهلوا تأليف الحكومة؟