استخدمت الشرطة العراقية الهراوات والخراطيم المطاطية لتفريق نحو 250 محتجا تجمعوا عند المدخل الرئيسي لحقل الزبير النفطي الضخم في محافظة البصرة الجنوبية اليوم الثلاثاء، وسط تصاعد للتوتر في مدن بجنوب العراق احتجاجا على تدهور الخدمات العامة، وقد دخلت الاحتجاجات الشعبية أسبوعها الثاني.
ونقلت وكالة رويترز عن رجل أمن في مكان الاحتجاج "لدينا أوامر بعدم إطلاق النار، ولكن لدينا أيضا أوامر بعدم السماح لأي أحد بالتأثير على العمليات في حقول النفط، وسوف نتخذ ما يلزم من إجراءات لإبعاد المتظاهرين عن الحقول".
وأوضح الملازم في مديرية شرطة الطاقة عبد الغفور محمود للأناضول أن المتظاهرين يطالبون بتوفير وظائف في الحقل وتأمين الخدمات العامة في قضاء الزبير.
وقال متظاهر عراقي يدعى مرتضى رحمن (22 عاما) كان يفر حافيا خشية أن تعتقله الشرطة أمام حقل الزبير إنه تعرض للضرب من الشرطة، لكنه أكد "لن أذهب حتى لو قتلتني سأبقى هنا. أريد وظيفة". وأضاف "أعيش في مكان غني بالنفط الذي يدر مليارات الدولارات بينما أعمل أنا في جمع النفايات من الناس لأطعم طفليّ، أريد وظيفة بسيطة هذا طلبي الوحيد".
كما أصيب أحد أفراد الأمن في الوجه بعدما رمى المحتجون الحجارة، في حين ألقى أفراد الأمن رمالا لإخماد إطارات أضرم فيها المحتجون النار.
وفي هذا السياق قال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق، العميد يحيى رسول، إن عدد المصابين من أفراد الأمن خلال الاحتجاجات الشعبية في محافظات جنوب العراق بلغ 262 حسب إحصاءات وزارة الصحة.
وأوضح رسول في مؤتمر صحفي أن إصابات ستة من هؤلاء حرجة، وأن ثلاثين مصابا مازالوا يرقدون في المستشفيات.
وأكد رسول عزم القوات الأمنية على حماية المتظاهرين وعدم تهاونها في التعامل مع ما وصفها بــ"الأيدي الممتدة للعبث بأمن المتظاهرين ومؤسسات الشعب".
ولا يبدو أن هناك أي مؤشرات على عدول المحتجين، الذين يتحملون وطأة الحر الشديد، عن مطالبهم. وعبروا عن غضبهم في البصرة، كبرى مدن الجنوب، والسماوة والعمارة والناصرية والنجف وكربلاء والحلة.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات في البصرة يوم 9 يوليو/تموز الجاري، وامتدادها إلى جميع المحافظات جنوبي البلاد سقط ستة قتلى في صفوف المتظاهرين حتى الآن فضلا عن عشرات الجرحى من المتظاهرين وقوات الأمن، وفق ما نقلت وكالة الأناضول عن مصادر محلية وأمنية ومحتجين.
قوات الأمن عند مدخل حقل الزبير تسلحت بالهراوات والخراطيم لقمع المتظاهرين (رويترز) |
جهود الاحتواء
واتخذت الحكومة العراقية قرارات لاحتواء الاحتجاجات، من بينها تخصيص وظائف حكومية وأموال لمحافظة البصرة، فضلا عن خطط لتنفيذ مشاريع خدمية على المدى القصير والمتوسط، لكن المظاهرات مازالت مستمرة. وتقول حكومة بغداد إن مخربين يستغلون الاحتجاجات لاستهداف الممتلكات العامة، متوعدة بالتصدي لهم.
ويعاني جنوب العراق من الإهمال منذ عقود برغم الثروة النفطية، وشوهدت أكوام النفايات في الكثير من شوارع البصرة. وتسببت المياه الراكدة ومياه الصرف الصحي في مشاكل صحية، كما أن مياه الشرب تكون ملوثة أحيانا بالطمي والأتربة في حين تنقطع الكهرباء سبع ساعات يوميا.
ومنذ سنوات طويلة يحتج العراقيون على سوء الخدمات العامة والفساد المستشري في بلد يتلقى سنويا عشرات مليارات الدولارات من بيع النفط.
ويزداد سخط السكان في العراق على الحكومة في فصل الصيف جراء الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وسط أجواء حارة تصل فيها درجات الحرارة إلى 50 مئوية.
وفي شأن متصل، بحث رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مساء الاثنين مع قادة وممثلي الكتل السياسية الاحتجاجات التي يشهدها جنوبي البلاد.
ووفق بيان صادر عن مكتب العبادي، اطلعت عليه الأناضول، فإن المجتمعين أكدوا على حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي وتفهمهم لمطالب المواطنين المشروعة والعمل على تلبيتها. ورفض قادة الكتل السياسية، وفق البيان التجاوزات التي حصلت على الممتلكات العامة والخاصة ومؤسسات الدولة والاعتداءات على القوات الأمنية.