خالفت واشنطن إجماع كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تأييد وضع ميثاق عالمي غير ملزم حول الهجرة، وضربت عرض الحائط باتحاد دول العالم إزاء هذا الملف الذي أدى إلى انقسامات بأوروبا ووتر علاقتها بدول أميركا اللاتينية.
واستمرت المفاوضات -حول الميثاق التي رعاها سفيرا المكسيك وسويسرا- 18 شهرا، وسيتم التصديق رسميا عليه خلال مؤتمر دولي مقرر تنظيمه في المغرب منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبحسب راعيي النص فإن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي -التي عادة ما تتصارع بشأن ملف الهجرة- "تحدثت بصوت واحد" أثناء المفاوضات.
ويتضمن الميثاق سلسلة مبادئ بينها الدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال والاعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها، كما يحوي فهرسا للإجراءات لمساعدة الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين الإعلام وإجراءات إدماج المهاجرين وتبادل الخبرات.
وينص الميثاق على الحفاظ على "سيادة الدول" مع الاعتراف بأنه "لا يمكن لأية أمة أن تواجه منفردة ظاهرة الهجرة". ويضيف "من المهم أن توحدنا الهجرة بدلا من أن تقسمنا".
وبالنسبة للقصّر، وفي وقت تشهد فيه الولايات المتحدة إشكالية أطفال فصلوا عن أسرهم الذين دخلوا بشكل غير قانوني الأراضي الأميركية، أقر الميثاق بإمكانية الاحتجاز لكن باعتباره "وسيلة أخيرة".
وكانت منظمة العفو الدولية طالبت بأن ينص الميثاق على عدم التسامح التام إزاء احتجاز الأطفال. وانسحبت واشنطن نهاية 2017 من إعداده مؤكدة أنه يتضمن قواعد تتعارض مع سياسة الهجرة الأميركية.
من جهته، طالب رئيس الاتحاد الدولي للصليب الأحمر فرنسيسكو روكا بـ "إزالة العوائق التي تمنع تمكين المهاجرين الضعفاء من الحصول على المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية".
ويتحدث الميثاق عن "تفهم متبادل" لظاهرة الهجرة، وضرورة أن تؤدي إلى "تقاسم المسؤولية وتوحيد الرؤى" بشأن هذا الملف خصوصا وأن عدد المهاجرين في العالم يقدر بـ 258 مليون نسمة أي 3.4% من سكان الكرة الأرضية.
وفصلت الأمم المتحدة عشرين إجراء ملموسا وردت بالميثاق مثل جمع المعلومات وتوفير أوراق هوية للمهاجرين الذين لا يملكونها ومكافحة التمييز، ومنح عناية خاصة للنساء والأطفال وتمكين المهاجرين من الخدمات الاجتماعية.
وأكد الأمين العام أنطونيو غوتيريش أن المهاجرين هم "محرك خارق للعادة للنمو" مشيدا بهذا "الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية" مضيفا أنه "غير ملزم لكنه خطوة غير مسبوقة لزيادة التعاون الدولي".
وبحسب غوتيريش فإن ستين ألف مهاجر قضوا منذ عام 2000 في البحر أو الصحراء أو غيرهما، ولم يعد ممكنا الاستمرار في عدم التحرك. والوثيقة التي تقع في نحو 25 صفحة ترمي إلى "زيادة التعاون بشأن الهجرات الدولية في كافة أبعادها" ومحاربة تهريب البشر.
وأشادت لويزا آربور الممثلة الخاصة للأمين العام للهجرة بإعداد الميثاق الجديد الذي يمكن أن يترجم في المستقبل -برأيها- إلى "مزيد من الآليات المتينة". وأضافت أن الوثيقة تشكل "منصة انطلاق" للقيام بما هو أفضل بكثير.
ومن جانبه، قال السفير المكسيكي خوان كاماشو "إن الميثاق العالمي لا يفرض شيئا على أحد بل يقترح حلولا".
وكان رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة السلوفاكي ميروسلاف لاجاك قال بافتتاح المفاوضات "ليس لدينا خيار بقبول أو رفض الهجرة، هي قائمة وتحدث في كل مكان من العالم".
وأضاف لاجاك "يمكن أن ندفن رؤوسنا كالنعامة ونقول سنهتم بالأمر غدا ونوكل الأمر لأجيال لاحقة عند قيام أزمة أخرى، أو أن نتحرك ونخطط ونعد نظاما ونستجيب لهذه الظاهرة بحل عالمي".