شهدت فلسطين ومناطق بسوريا ولبنان والأردن منذ بداية شهر تموز الجاري، عدداً من الهزات الأرضية، تركّزت في أغلبها في الشمال الفلسطيني المحتل، وعلى الحدود المشتركة بين لبنان والأردن وسوريا مع فلسطين.
ودفع تتابع الهزّات التي وصل عددها لأكثر من 42 هزة، الى إثارة التساؤلات والمخاوف، حول ماهية هذه الزلازل وفيما إذا كانت مقدمة لحدوث زلازل أكبر.
وفي هذا السياق، قال خبراء في مجال رصد الزلازل إن عملية التنبؤ بوقوع زلزال كبير تعتبر من المسائل الصعبة التي يصعب التكهن بها قبل حدوثها، وقد لفت مدير مرصد الزلازل الأردني، محمود القريوتي، إلى إن النشاط الذي يحصل في طبريا في الشمال الفلسطيني، والذي بدأ بقوة 4.2 يمثل "عاصفة زلزالية"، سببها وجود صدع البحر الميت التحويلي، والذي يبدأ من خليج العقبة جنوبا، مرورا بوداي عربة، والبحر الميت، ومنطقة طبريا، إلى لبنان فغرب سوريا وصولا إلى الجنوب التركي، وهو ما يسمى بـ"صدع البحر الميت التحويلي"، وهو المسؤول عن الحركة الزلازلية النشطة حالياً.
وأضاف القريوتي إلى أنه من المستحيل التوقع بأي نشاط في المرحلة القادمة، وما يحدث، هو عبارة عن عاصفة زلزالية لا يمكن التنبؤ بزمن نهايتها، مشيرا إلى أن منطقة هذا الصدع مرت بعواصف ونشاطات زلزالية كثيرة سابقا وهي تتكرر باستمرار.
من جانبه، أوضح الخبير الجيولوجي ومدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل جلال دبيك، أن الهزات الأرضية التي حصلت، وقعت في معظمها شمالي بحيرة طبريا، وتعد إحدى أنواع النشاط الزلزالي الذي يتخلله حدوث عشرات الهزات الأرضية الخفيفة، وتحديدا في منطقة تسمى "صدع أصبع الجليل"، وهو عبارة عن انكسار أرضي، ضمن مناطق الانكسار الموجودة في فلسطين وحولها والتي تعيش حاليا حالة نشاط زلزالي.
وأشار إلى أنه وعبر التاريخ كانت هذه المناطق مركزا لزلازل أكثر قوة، منها زلزال حدث عام 1202 ميلادي، وأدى لدمار كبير في فلسطين ولبنان، وسوريا والأردن.
وأشار دبيك إلى احتواء فلسطين على أكثر من صدع، إلى جانب صدع شمال البحر الميت الذي يشهد نشاطا ملحوظا، إلى جانب صدع آخر في وادي عربة في النقب، ومنطقة الكرمل، لافتا إلى أن لكل صدع منها زمن دوري تتكرر فيه الزلازل بدرجات قوة مختلفة.
وحول احتمالية حدوث زلزال مدمر كبير، أوضح دبيك، أنه لا يمكن التنبؤ بزلزال كبير كما يشاع، وقد تحدث زلازل دون سابق إنذار، ويوجد احتمالان، "الأول: استمرار الهزات الأرضية الخفيفة في فلسطين لفترات أطول تسهم في تفريغ الطاقة وتتوقف، والثاني: قد تثير زلزالاً كاملاً، وهذا أقل حظا، ولا يمكن حسم الأمر"، مشيرا إلى أن أنظمة الإنذار المبكر الموجودة في العالم محدودة، وتعطي انذاراً مبكراً قبل 3 إلى 20 ثانية كحدّ أقصى، وهي غير متوفرة بالدول المحيطة في المنطقة حتى في "إسرائيل"، وفق تعبيره.
وأشار دبيك، إلى أن ما يميز زلازل منطقة طبريا هو حدوثها بأوقات متفاوتة، مستدركا بالقول إن المقلق فيها كونها الأكثر قوة من نظيراتها القريبة، مشيرا إلى وجود منطقة صدع الكرمل، وهي منطقة "فارعة-الكرمل"، حيث يتكرر حدوث الزلازل فيها كل 250-300 سنة، وسجل عام 1759 وقوع آخر زلزال مدمّر فيها.
أما في منطقة "بيسان-صفد"، يضيف دبيك، إلى انها تعرضت لزلزال عام 1836، كذلك في عام 1927 وقع زلزال شمال البحر الميت، وكانت قوته 6.2-6.3، وهذا الزلزال يحدث كل مئة عام، أما في منطقة وادي عربة، وبئر السبع بالقرب من مفاعل ديمونة، توجد بؤرة زلزالية، لكنها بؤرة لها زمن دوري، يحصل فيها زلزال قوي نسبيا".
ولفت دبيك، إلى أن مجموعة البؤر الزلزالية في فلسطين، تتبع لمنظومة متكاملة لحفرة الانهدام، وبالتالي، من الممكن أن تتأثر منطقة بالمسار الزلزالي لمنطقة أخرى، إلا أن ما يميز منطقة فلسطين، أن الزلازل تحدث في مراكزها الجوفية في باطن الأرض، ذات أعماق محدودة حدها الأقصى 15 كلم.
وأضاف أن النشاط الزلزالي خلال 24 ساعة الماضية، بدأ يهدأ، في إيقاعه وعدد هزاته، لافتا إلى وقوع زلزال صباح أمس الخميس، بمقياس 2.5 حسب مقياس ريختر.
وفي ذات السياق، قال دبيك، إن "منطقة فلسطين تقع على صفيحة، والأردن على صفيحة أخرى، والزلازل تحصل بسبب حركة القشرة الأرضية، وهي قطع متجاورات، وتتحرك مقتربة ومبتعدة عن بعضها، وهذه الحركة تحدث إجهادات في طبقات الأرض.
وأشار إلى أن فلسطين تتحرك كل سنة مبتعدة عن الأردن بحركة انزلاقية باتجاه الجنوب، بمعدل 3-5 مليمتر أو 5-7 مليمتر، فعلى سبيل المثال مدينة الخليل، بعد 15 مليون سنة ستكون محل مدينة العقبة، وفق هذه الحسابات".
يشار الى أن لمدينة بيروت تاريخ مرتبط بالزلازل، حيث أن آخر هزّة أرضية ضربت بيروت كانت في العام 1956، وبلغت قوّتها 6 درجات على مقياس ريختر، وتكرّر حينها الزلزال 3 مرات متتالية تفصل بين الواحدة والأخرى بضع دقائق، وتهدم على أثره 6000 منزل وتصدع عشرات الألوف، كما قتل 134 شخصاً وجرح 102.
(عربي 21-ويكيبيديا)