أعلن رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان، في مؤتمر صحافي عقده في مقر المجلس، “ان الدعوة الى المؤتمر الصحفي اليوم جاءت نتيجة اقتناعٍ منا بضرورة التواصل بين المؤسسات الدستورية، ومنها المجلس الدستوري، والرأي العام، في إطار ما يسمح به موجب التحفظ وطبيعة عملنا. فنحن في دولة نص دستورها على أن نظامها جمهوري ديمقراطي برلماني، مصدر السلطات فيه هو الشعب، يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”.
وقال: “اننا حريصون أشد الحرص على تطوير تجربتنا الديمقراطية، الضاربة جذورها في أعماق المجتمع اللبناني التعددي، وعلى ترسيخ نظامنا البرلماني، وتصحيح مساره لكي يتمكن من الاستجابة لمتطلبات هذا المجتمع، وبناء دولة يسودها حكم القانون، المنضبط بالدستور القانون الأسمى في الدولة. دولة تسودها العدالة، وتتوافر فيها شروط العيش الكريم”.
اضاف: “الانتخابات ركن أساسي في الديمقراطية البرلمانية، وهي الوسيلة الوحيدة التي تنبثق بواسطتها السلطة من الشعب. والانتخابات الحرة والنزيهة هي معيار شرعية السلطة. والمجلس الدستوري عندما ينظر في الطعون الانتخابية يؤدي واجبه في حماية الدستور، وصون الديمقراطية والنظام البرلماني، وشرعية السلطة في الدولة اللبنانية، وهذه أمور تؤدي بدورها الى استعادة الشعب ثقته بمؤسساتها الدستورية، والى إعطاء صورة مشرقة عنها في العالم”.
وأعلن ان “المجلس الدستوري تلقى سبعة عشر طعنا في الانتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار، بعضها تناول الانتخابات في الدائرة بأكملها والبعض الآخر وجه ضد مرشح فائز تحديدا. وبلغ عدد المطعون في نيابتهم الأربعين”.
وقال: “لا بد من التأكيد على ان الطعن لا يوقف نتيجة الانتخاب، ويعتبر المنتخب نائبا ويمارس جميع حقوق النيابة منذ اعلان نتيجة الانتخابات، وهذا ما نصت عليه المادة 26 من قانون إنشاء المجلس الدستوري”.
اضاف: “أما الآلية التي يعتمدها المجلس الدستوري في النظر في الطعون الناجمة عن الانتخابات النيابية، فقد نص عليها قانون إنشائه وقانون نظامه الداخلي، وهي تتلخص بالتالي:
– يبلغ الطعن بالطرق الإدارية الى رئيس مجلس النواب ووزير الداخلية.
كما يبلغ الطعن مع نسخ عن مستنداته الى المطعون بصحة نيابته الذي له، خلاله مهلة خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغه، أن يقدم ملاحظاته ودفاعه مع المستندات التي في حوزته.
لكل من الطاعن والمطعون بنيابته أن يستعين بمحام واحد أمام المجلس الدستوري.
– على وزارة الداخلية تزويد المجلس الدستوري بجميع المحاضر والمستندات والمعلومات المتوافرة لديها لتمكينه من إجراء التحقيقات اللازمة. وذلك بناء على طلب رئيس المجلس الدستوري وقد نص قانون الانتخاب رقم 44/2017 في المادة 108 منه على ما يلي:
” تحفظ لدى مصرف لبنان، بصورة سرية، أوراق الاقتراع ضمن رزم تشير الى الأقلام الواردة منها، وذلك لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان النتائج، ثم تتلف من قبل وزارة الداخلية والبلديات بموجب محضر وفق الأصول ما لم تكن موضع مراجعة أو طعن أمام المجلس الدستوري.”
– يعين رئيس المجلس الدستوري مقررا أو أكثر عند الإقتضاء، من بين الأعضاء، لوضع تقرير في القضية، ويفوض اليه أو إليهم إجراء التحقيقات اللازمة، ويتمتع العضو المقرر بأوسع الصلاحيات وله بنوع خاص طلب المستندات الرسمية وغيرها، واستماع الشهود واستدعاء من يراه مناسبا لاستجوابه حول ظروف الطعن. وعلى العضو المقرر أن يضع تقريره خلال مهلة ثلاثة أشهر على الأكثر من تكليفه ويحيله الى رئاسة المجلس الدستوري.
– بعد ورود تقرير المقرر، يجتمع المجلس الدستوري فورا ويتذاكر في الاعتراض موضوع التقرير، أي في الطعن، وتبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار على ألا تتعدى مهلة إصدار هذا القرار الشهر الواحد”.
وتابع: “وهنا لا بد من التأكيد أن هذه المهل ليست مهل إسقاط إنما هي مهل حث. فالطعون التي قدمت الى المجلس الدستوري في انتخابات العام 1996، على سبيل المثال، استغرق بتها وإصدار قرارات بشأنها مدة ثمانية أشهر”.
واوضح انه “عندما يمارس المجلس الدستوري صلاحياته للبت بالطعن في صحة الانتخابات النيابية، يتمتع، إما مجتمعا أو بواسطة العضو الذي ينتدبه، بسلطة قاضي التحقيق باستثناء إصدار مذكرات التوقيف”.
واشار الى ان المجلس الدستوري يعلن بقراره صحة أو عدم صحة النيابة المطعون فيها، وفي هذه الحالة الأخيرة، يحق له إما إلغاء النتيجة بالنسبة للمرشح المطعون في نيابته وإبطال نيابته وبالتالي تصحيح هذه النتيجة وإعلان فوز المرشح الحائز على الأغلبية وعلى الشروط التي تؤهله للنيابة أو إبطال نيابة المطعون بصحة نيابته وفرض إعادة الانتخاب على المقعد الذي خلا نتيجة الإبطال”.
وقال: “مهمة المجلس الدستوري في النظر في الطعون الانتخابية تشمل صحة الانتخابات نظرا لما لها من أهمية في التعبير الصادق عن إرادة الشعب في اختيار ممثليه الذين يمارسون السلطة نيابة عنه. لذلك سنتعامل مع الطعون التي قدمت بأعلى درجات الجدية والمسؤولية، ونحن بانتظار التقرير الذي تضعه هيئة الإشراف على الانتخابات، والمفترض أن يزود به المجلس الدستوري في وقت قريب. وسنتوسع في التحقيقات الى أبعد حدود بغية إجلاء الحقيقة، والتأكد من صحة المعلومات الواردة في الطعون ومن المخالفات المشار اليها، وتحديد مدى تأثيرها على النتائج المعلنة. لذلك سندقق في محاضر فرز الأقلام المشار اليها في الطعون وفي أوراق الإقتراع عند الاقتضاء، وفي محاضر لجان القيد الإبتدائية والعليا، وفي أعمال الفرز بواسطة الكومبيوتر. وسنستدعي للتحقيق كل من نرى ضرورة للإستماع إليه. واذا كان هناك مخالفات تستوجب إعادة جمع الأصوات وإعادة تحديد الحاصل الانتخابي، وإعادة تصنيف المرشحين وفق ما ناله كل منهم من الأصوات التفضيلية، سنقوم بكل ذلك بالتأكيد بغية تصحيح نتائج الانتخابات”.
وأعلن “إن القاعدة المعتمدة في المحاكم والمجالس الدستورية عند النظر في صحة الانتخابات، تتلخص بتحديد حجم المخالفات ومدى تأثيرها على النتائج. فلا يجوز إبطال نيابة نائب منتخب إلا إذا كان هناك أسباب جدية تستوجب الإبطال، ولا يمكن التعامل بخفة مع هذا الموضوع لأنه ينبغي احترام إرادة الناخبين وخياراتهم، فليس مجرد مخالفة أو مخالفات طفيفة تؤدي الى الإبطال، فالإبطال رهن بتأثير المخالفات على النتيجة المعلنة”.
وختم: “لن نتباطأ في دراسة الطعون والبت بها، وفي الوقت نفسه لن نتسرع في اتخاذ القرارات بشأنها. فالمسؤوليات الملقاة على عاتقنا كبيرة وخطيرة، وسنؤدي واجبنا بكل أمانة وإخلاص وعلى أكمل وجه خدمة لمصلحة البلاد العليا وصونا للدستور”.