الإنتخابات تدخل مرحلة حبس الأنفاس.. و«إنجاز السلطة»: الناس لا تثق بها

الإنتخابات تدخل مرحلة حبس الأنفاس.. و«إنجاز السلطة»: الناس لا تثق بها
الإنتخابات تدخل مرحلة حبس الأنفاس.. و«إنجاز السلطة»: الناس لا تثق بها

صحيفة الجمهورية

 

 

خمسة أيام تفصل عن موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار. البلد تحبسُ أنفاسَها ترقّباً لهذا الاستحقاق، والقوى السياسية تخشى مفاجآت غير محسوبة من انتخابات تجري على أساس قانون من صنعِ أيديها خلقَ إرباكات على كلّ المستويات وأيقَظ الحساسيات والعصبيات الطائفيات والمذهبيات، وأعاد نَصب المتاريس بين مفاصِل البلد، فقط من أجل مقعد نيابيّ. وعشيّة الاستحقاق دعا المجمع الأنطاكي المقدّس لبطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس إلى انتخاب أشخاص «يتمتّعون بالاستقلالية والنزاهة والكفاءة، يحبّون لبنان ويُخلصون لقضاياه ويُعلون المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية».
لم يعُد السؤال يبحث عن نتائج الانتخابات بقدر ما هو يبحث عن الصورة التي تليها، عن حال البلد الذي حوّلته الذهنية السياسية الحاكمة «عصفوريةً سياسية» ضاقت بنُزلائها؛ ممّن أصابهم مسٌّ في عقولهم ففرَّخ عندهم جنون العظمة إلى حدِّ أنّهم اعتبروا البلد ملكاً حصرياً لهم، ومِن المصابين بجنون السلطة والتحكّم بخيراتها، وحلبة الحكومة وصفقاتها المريعة وسرقاتها الموصوفة أسطعُ مثالٍ، والمصابين بجنون العربَشة على أكتاف المناصب والمواقع والرئاسات والشعارات، والمصابين بجنون الإلغاء والإقصاء والغدر والطعن في الظهر.

والمصابين بجنون الشاشات والتحليق والسفرات الحزبية على حساب الدولة، والمصابين بجنون السطو على الإنجازات ومصادرتها، والمصابين بجنون البحث عن الفتنة وزرعِ بذرتها في هذه الدائرة الانتخابية وتلك. وكذلك المصابين بجنون الجوع إلى المال سواءٌ أكان مالاً حلالاً أم حراماً، وإلى كلّ المكرمات أياً كان مصدرها أو هدفها.

إنجاز خجول

أجرَت السلطة انتخابات المغتربين، واللافتُ أنّها لا تستطيع أن تتغنّى بهذا الإنجاز الخجول، بل هي تُقاربه اليوم كحدثٍ خيرٌ أن يجري من ألّا يجري أبداً. وإذا كان الطاقم السياسي كلّه قد قاربَه إيجاباً برغم أنه غير مكتمل ودون التوقّعات، فإنه بدا إنجازاً سريع الذوبان أمام تلك الصورة البشعة التي رسمها والتي يضيف عليها يومياً ارتكابات أبشع، ليس أقلّها توظيف الدولة وأجهزتها وإداراتها ووزاراتها في خدمة بعض القوى النافذة أو المرتبطة بمراجع عليا.

وفي هذا السياق، قال مسؤول كبير لـ«الجمهورية»: «صارت ارتكاباتهم خبزاً يومياً، ويقومون بها بلا حياء أو خوف، هذا الأمر غير مقبول، لا بل مُدان، ويستوجب المساءلة، لكنّ المساءلة ممّن، وكيف يمكن لهذه المساءلة أن تحصل إذا كان من يفترض أنه مسؤول ويَعرف القانون ومتقيّد به، هو أوّل من يَرتكب المخالفات ويغطّي الارتكابات في سائر الدوائر؟»

زمن الفضيحة

في هذا الجوّ، يعيش لبنان زمنَ الفضيحة والتخلّف والخوف وليس في السلطة من يَستحي، بل هي تصِرّ على إظهار وجهها البشِع بخطاب «فرِّق تسُد»، و«دمِّر ولا تعمّر»، وتستسهل بعد الإمعان في زرع بذور التفرقة والشقاق السياسي والطائفي والمذهبي بين اللبنانيين، القول بأنّ ما بعد 6 أيار هو يوم آخر، تعود فيه عقارب الحياة السياسية إلى سابق دورانها، ويعود الرشد إلى العقل السياسي.

هذا الاستسهال لا يتلاءم مع مستوى الاحتقان الذي بلغه لبنان. فهو يَغلي سياسياً وطائفياً ومذهبياً، والمزاج الشعبي «معوكر» بالشحن والتحريض، حتى الوضع الأمني الذي تحرص المراجع الأمنية على التطمين والتأكيد بأنه ممسوك، فيما الغليان دفعَ إلى توجيه نصائح أمنية إلى مراجع سياسية كبيرة بضرورة تعزيز إجراءاتهم الأمنية أكثر من المعتاد، والتخفيف من تحرّكاتهم وتنقّلاتهم، وأخذِ الحيطة والحذر في هذه الفترة أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

والمعلومات تتحدّث عن نصائح وردت في هذا السياق إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يقال إنه عدل في آخِر لحظة عن المشاركة شخصياً في احتفال «القسَم» في صور السبت الماضي، وأيضاً إلى رئيس الحكومة .

برّي

وأكّد بري أمام زوّاره أنّ هذا الخطاب المسِمّ للحياة اللبنانية بكلّ تفاصيلها هو الجريمة الكبرى التي تُرتكب بحقّ البلد ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. وما هو غير مفهوم هو خطاب الهدمِ الذي يأتيه بعض «براغيت السياسة»، فما يتهدّم يتهدّم، ولا تنجح معه أيّ محاولات للترميم. واستمرار هذا الوضع بلا ضوابط أو كوابح سيوصل إلى كارثة، وهل ثمّة من يتخيّل حالَ البلد إذا ما حلّت -لا سمح الله- هذه الكارثة.

ويلاقيه في هذا التخوّف النائب وليد جنبلاط الذي يدعو المتشنّجين إلى النزول عن شجرة التصعيد والخطاب المؤذي للبلد. والخوف نفسُه، هو الذي يعبّر عنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، سواء من الجوّ التحريضي المسيء للبلد واستقراره، والذي تفتعله بعض القوى السياسية، أو مِن المناخ الانتخابي وما يشوب التحضيرَ لهذا الاستحقاق من مخالفات وشكاوى المواطنين ممّا يجري من تضييقٍ وإكراهٍ وارتكابات.

أمّا في المواقف الانتخابية، فأعاد بري التأكيد أمام زوّاره على جعلِ 6 أيار يومَ استفتاء حقيقي، وقال: لم يعد خافياً أنّ رأس المقاومة التي أطلَق جذوتَها السيّد موسى الصدر مطلوبٌ على مختلف الصُعد حتى مِن بوّابة الانتخابات النيابية»، مضيفاً: «إذا كان التحالف بين نبيه برّي والسيّد حسن نصرالله وبين حركة «أمل» و«حزب الله» حاجة وضرورة في السابق فهو اليوم بات قدراً، وعبَثاً يحاول المغرضون النيلَ منه لأنه صلبٌ كصخر الجنوب وسهلٌ ممتنع كسهل البقاع».

المجمع الأنطاكي

ودعا المجمع الأنطاكي المقدّس لبطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس الذي انعقد برئاسة البطريرك يوحنا العاشر يازجي «الأبناء» إلى «عدم التخاذل في ممارسة واجبهم الانتخابي».

وحضّهم «على تحكيم ضمائرهم، وانتخاب ممثليهم في الندوة البرلمانية أشخاصاً يتمتعون بالاستقلالية والنزاهة والكفاءة، يحبّون لبنان ويخلِصون لقضاياه ويُعلون المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية، ويكونون قادرين على خدمة هذا الوطن وصيانة استقلاله والمحافظة على القيَم الوطنية وعلى فرادة هذا البلد ورسالته». وأملَ أن «تكون هذه الانتخابات منعطفاً يقود إلى تدعيم الاستقرار في البلاد وانتظام عمل المؤسسات فيها وإلى فتحِ ورشةٍ إصلاحية لتمكين المواطنين وترقيتِهم اجتماعياً واقتصاديا».

«الحزب»

في الموازاة، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «إنه قد تبيَّنَ من خلال التجربة والتحالف مع « أمل» أنّ الأجدر أن يكون رئيس مجلس النواب هو الرئيس نبيه بري»، وأعلن» أنّ موضوع رئاسة الحكومة مؤجّل إلى ما بعد الانتخابات لأنه ليس واضحاً مَن الشخصُ المناسب لموقع رئاسة الحكومة».

وقال: «نحن سنواجه الفساد بما هو فساد بصرفِ النظر عن الأفراد، وإن كانوا حلفاء، وهذا له آليات خاصة، سنضع خطة تفصيلية للوصول إلى أعلى درجة ممكنة».

قاسِم، الذي كان يتحدّث لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الايرانية «إرنا» أعلنَ أنّ الحزب «لن يتركَ السلاح إلّا بعد زوال كيان العدوّ وانتهائه».

ترتيبات أمنية

إلى ذلك، وقبل أيام على فتحِ صناديق الاقتراع بدأت الترتيبات الأمنية والإدارية للأحد الانتخابي، وكشَف مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ الخطة الأمنية للجيش، تقضي برفعِ الجهوزية إلى 100% والتي تبلغ ذروتَها ليلَ السبت – الأحد وتستمرّ إلى حين صدور نتائج فرزِ صناديق الاقتراع.

وقال: «إنتشار الوحدات العسكرية على كلّ الأراضي سيكون بنفسِ الحجم من دون تمييزٍ بين منطقة وأخرى مع مراعاة بعض المربّعات الدقيقة، منها مخيّم عين الحلوة على سبيل المثال، أو بعض مخيّمات اللاجئين السوريين حيث سيصار الى اتّخاذ إجراءات استثنائية لمنع حصول الإشكالات».

وأعلن أنه سيكون الجيش قوّةً مؤازرة لوزارة الداخلية المكلّفة الإشراف على الانتخابات، حيث تمّ تجهيز 5 غرَف عمليات في المحافظات الخمس الأساسية إلى جانب غرف عمليات مركزية في اليرزة تضمّ ضبّاطاً من مختلف الأجهزة الأمنية، وجهّزت غرفة عمليات في الداخلية تضمّ ضابطاً من الجيش يتولى عملية التنسيق.

وأكّد المصدر أنّ الجيش يتمتّع بالقدرة على التحرّك على كلّ الأراضي في الوقت نفسِه، لضبطِ الأحداث الأمنية، وثمّة وحدات احتياط جاهزة للتحرّك والتدخّل وهي من الأفواج الخاصة. وأشار الى أنّ «ثمّة آلية وضِعت لتدخّلِ الجيش داخل أقلام الاقتراع، حيث يعود لرؤساء الأقلام، في حال ارتأوا أنّ هناك ما يشكّل خطراً على العملية الاقتراعية أو على المقترعين، توجيهُ كتابٍ إلى الضابط المسؤول عن القلم الذي يُخابر غرفة العمليات كي تتّخذ الإجراءات اللازمة».

وقال: «حسب المؤشّرات، ليس هناك مِن دليل على إمكانية حصول إشكالات أو خربَطة أمنية، والسقف مضبوط بالتصعيد الكلامي».

وذكّرَ المصدر بموقف قائد الجيش العماد جوزف عون خلال اجتماع دوري للضبّاط بأنّ مهمّة الجيش محصورة بتأمين الظروف الأمنية لإجراء انتخابات ديموقراطية وحرّة، فيما الأجهزة المختصة داخل المؤسسة العسكرية تتابع التعليمات الصادرة عن قائد الجيش والقاضية بعدمِ التدخّل بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، وهي مستعدّة لاتّخاذ الإجراءات اللازمة في حال وجود إثباتات تدين أيَّ ضابط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا للبنان: أعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد!