امتلأت هذا المساء ساحات الشهداء ورياض الصلح والنور في طرابلس وإيليا في صيدا، بأعداد كبيرة جدا من الناس الذين جددوا شعار "كلن يعني كلن". وكانت تظاهرة بعبدا ل"التيار الوطني الحر"، قد سجلت شعارا لرئيس الجمهورية "بحبكن كلكن يعني كلكن". وبين هذه وتلك، السؤال هو من يتظاهر ضد من، بعد استقالة الحكومة والتحضير لاستشارات نيابية للتكليف ثم التشكيل الحكومي؟.
وينتظر أن تعلن في القصر الجمهوري مواعيد الإستشارات النيابية. في وقت تتواصل الإتصالات السياسية بعيدا عن الإعلام للتوافق على الحكومة الجديدة.
وفي الساحات، أطلقت دعوات إلى الإضراب العام والتظاهر غدا في كل لبنان، وهنا يسأل أهالي التلامذة عن مصير الدراسة غدا، وينتظرون جوابا من وزير التربية. فيما تدرس جمعية المصارف الموقف ما إذا كانت الدعوات الى الإضراب العام جدية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
إلى تحركين انقسم الشارع اللبناني اليوم، في ما يشبه المبارزة ذات الدلالات السياسية الواضحة. التحرك الأول قاده "التيار الوطني الحر"، على شكل تظاهرة حاشدة على طريق القصر الجمهوري في "يوم الوفا والدعم للرئيس ميشال عون".
رئيس الجمهورية قال للمتظاهرين: الساحات كثيرة ولا ينبغي أن يجعلها أحد ساحة ضد ساحة، وتظاهرة نقيضة لأخرى. وأضاف: "بحبكن كلكن يعني كلكن".
أما الوزير جبران باسيل فاعتبر أن شعار "كلكن يعني كلكن"، يجب أن يكون للمساءلة وليس للظلم. وأضاف ألا أحد يقدر على الغائنا، وأن أهل الخيانة قلائل في صفوفنا، وفي الأزمات الكبيرة يظهر أمران: الخوف ونستطيع فهمه، والخيانة التي لا نستطيع فهمها وليس لها مبرر.
وإذا كان الحراك قد حط في بعبدا في النصف الأول من النهار، فإن النصف الثاني شهد تجمعات للمحتجين في العديد من الساحات ولا سيما في وسط بيروت، تحت عناوين مثل: أحد الضغط، وأحد الوحدة، وعدنا.
أما الهدف المباشر من هذا التحرك، فهو الضغط باتجاه تشكيل حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وسط دعوات لإقفال الطرقات والإضراب العام غدا.
التحركان الميدانيان في بعبدا وبيروت، يأتيان على إيقاع غياب أي مؤشر إلى المرحلة التالية من الاستحقاق الحكومي، بانتظار نتائج الاتصالات التي يجريها رئيس الجمهورية لحل بعض العقد، حتى يأتي التكليف طبيعيا مما يسهل لاحقا عملية التأليف، بحسب ما كانت قد أفادت الرئاسة الأولى في بيان رسمي.
هذا التمهل لم يرق للزعيم "الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي غمز من قناة من يسقط الدستور تحت شعار "التأليف ثم التكليف" من أجل مصالح الاستبداد لشخص وتيار سياسي عبثي، على حد وصفه. وتعليقا على خطابات بعبدا، رأى جنبلاط أن الأمور عادت إلى المربع الأول من كلام شعبوي فارغ.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
باق باق باق، هتفت الحشود الضخمة من على الطرق المؤدية إلى قصر بعبدا في يوم الوفاء للرئيس ميشال عون، فرد العماد التحية وفي العين عبرة " كلكن يعني كلكن أنا بحبكن".
"كلكن" يعني كل اللبنانيين الصادقين الذين نزلوا إلى الشوارع بصرخة وجع في وجه فاسدين.
"الساحات كثيرة، وما حدا ياخذها ساحة ضد ساحة، وبدعي الكل للاتحاد لاقتلاع فساد عمرو عشرات السنين"، خاطب الرئيس عون اللبنانيين.
أما الوزير جبران باسيل فخاطب الحضور بالقول: "الثورة هي انتفاضة على الظلم، ولكن الثورة لا تظلم وإلا سوف تنتهي".
لم تسجل جوقة من الشتامين والسبابين في صفوف المسيرات السيارة من مختلف المناطق إلى بعبدا. فلسان حال الوافدين: نحن امتداد للأصوات المخلصة في ساحتي رياض الصلح والشهداء وفي كل الساحات، فكلنا يريد استرداد الأموال المنهوبة ومحاسبة المفسدين بعيدا عن أجندات خارجية وحسابات قطاع الطرق الداخلية.
وللذين يريدون قطع الطريق على محاسبة المفسدين بزعم عدم تشكيل حكومة جديدة، يقول رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين: "المحاسبة يجب أن تبدأ الساعة لأنها ليست مرتبطة بأي أمر آخر، وعلى القضاء أن يتحمل مسؤوليته لا سيما أن لديه ملفات وأسماء، وبعض القضاة يعلمون تماما من هم المسؤولون عن الفساد".
في الجمهورية الاسلامية الايرانية يؤكد الامام الخامنئي على قطع كل الطرق أمام رأس الافساد العالمي للدخول إلى الساحة الداخلية. فالتفاوض مع واشنطن لا يؤدي إلى أي نتيجة، فلا حدود لمطالب الأميركيين، فهم قد يبدأون من تطوير منظومتنا الدفاعية والصواريخ وينتهون بطرح قضية الحجاب الإسلامي. الامام الخامنئي علق على رأي الرئيس الفرنسي بأن لقاء واحدا مع دونالد ترامب سيحل كل مشاكل إيران، بالقول "إما أن يكون بسيطا للغاية أو أنه حليف للأميركيين".
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
"كلن يعني كلن"، أي الفاسد زائد الإصلاحي في سلة واحدة، والنتيجة الطبيعية، إفلات المرتكب من العقاب بفعل التعميم. تلك هي المعادلة التي حاول البعض إرساءها منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت.
الحالة العونية التي تحارب الفساد تاريخيا، زائد الحراك الشعبي العفوي والصادق، ناقص القوى الفاسدة التي ركبت الموجة، والوجوه المستغلة المعروفة، في سلة واحدة، والنتيجة الطبيعية إصلاح ممكن، بالأفعال كما الأقوال... تلك هي المعادلة التي أرستها تظاهرة بعبدا اليوم.
أما اعتبارا من الغد، فعوض العودة إلى قطع الطرق على الناس، فليبدأ جديا قطع الطرق على الفاسدين، ولتشكل حكومة تتجاوز المسببات التي حالت سابقا دون الإصلاح، وليقر مجلس النواب القوانين الأربعة التي تشكل العمود الفقري لمحاربة الفساد، أي رفع السرية المصرفية ورفع الحصانة واسترداد الأموال المنهوبة وإنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المرتكبة على المال العام. وليتحول شعار "سرية محاسبة استرداد" صرخة وطنية جامعة، تماما كما أصبحت ثلاثية "حرية سيادة استقلال" بعد عام 2005.
تظاهرة بعبدا اليوم أتت لتكمل لا لتنقض. فإصلاحيو لبنان مدعوون إلى توحيد الجهود، والرئيس ميشال عون معهم ويحبهم "كلن يعني كلن"، كما عبر بعاطفته الأبوية المعهودة اليوم.
أما النوايا المبيتة والأهداف الخبيثة التي عادت لتطل برأسها مباشرة بعد تظاهرة بعبدا، ففاشلة حتما ومجددا، فهي أولا باتت مكشوفة أمام الناس، وهي ثانيا لم تعد في مواجهة مع مجرد شخص أو حزب أو تيار، بل مع شعب كامل، وإلغاء شعب غاية تحقيقها يبقى دوما في حكم المستحيل.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
إنه بلد الساحات. الرئيس ميشال عون دعا في كلمته أمام متظاهري قصر بعبدا إلى اتحاد الساحات. في المقابل الحراك المدني دعا إلى التظاهر تحت عنوان "أحد الوحدة". مع ذلك فإن الساحات المختلفة لم تتوحد. فساحة الحكم ظلت بعيدة عن ساحات المعارضة ولم تلتق معها.
على طريق بعبدا تظاهرة حاشدة ل"التيارالوطني الحر" دعما لرئيس الجمهورية ولخطته الاصلاحية. في المقابل ساحات المعارضة غصت في بيروت وطرابلس وصيدا والنبطية، للضغط في سبيل الإسراع بإجراء الاستشارات النيابية.
ولكن، وبعكس ما كان متوقعا، فإن لا شيء ينبىء أن رئيس الجمهورية سيدعو حكما في بدء الأسبوع الطالع لإجراء الاستشارات الملزمة. ووفق المعلومات فإن السبب يكمن في إصرار الحكم على البحث في خريطة طريق التأليف قبل إصدار مرسوم التكليف. فالحكم يخشى من أن يكون التكليف مقدمة لمرحلة طويلة من الفراغ المتعمد. وهذا يعني أن الثقة لا تزال مفقودة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيل، ما يطرح أكثر من احتمال بالنسبة إلى إسم رئيس الحكومة المقبل.
ومن هذا المنطلق بالذات يمكن فهم أحد أبعاد التظاهرة التي نظمها "التيار" على طريق بعبدا اليوم. في الظاهر يبدو حراك "التيار" وكأنه رد على التظاهرات الشعبية التي شهدها لبنان منذ بدء الانتفاضة في 17 تشرين الأول الفائت. لكنها في العمق تحمل بعدا آخر يتعلق بما حصل بعد استقالة الرئيس الحريري. إذ تحرك الشارع المؤيد له مطالبا بعودته، فيما استمرت المطالبة باستقالة الوزير جبران باسيل.
ومن خلال تظاهرة اليوم بعث الوزير جبران باسيل برسالة إلى الحريري فحواها أن الشروط التي يضعها لترؤس الحكومة مرفوضة. وبالتالي فإنه لا يمكن أن يقصى هو عن الحكومة المقبلة فيما يبقى الحريري رئيسا لها.
بعد كل هذا المشهد يتأكد أن ولادة الحكومة المقبلة ستكون صعبة إن لم نقل قيصرية، ذاك أنها أصبحت مرتبطة بصراعين متلازمين: الأول صراع أهل السلطة مع الحراك المدني، والثاني صراع أهل السلطة بين بعضهم بعضا. ففي ظل هذين الصراعين هل يمكن الحديث بعد عن ولادة قريبة للحكومة؟.
توازيا، الوضع على الأرض يتجه نحو التصعيد. فالحشود ازدادت في الساحات، والمحاولات لقطع طريق الشفروليه عادت من جديد، وسجلت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات كثيرة لقطع طرق معينة. فهل نحن أمام اختبار جديد من اختبارات القوة في الشارع؟.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
لم ينته يوم الحشود، حتى ولو نزل إلى الساحات أهل "الوفا" وأهل "أحد الوحدة"، وكل مشهدية النهار تتغير من دقيقة إلى أخرى مع رفع الحراك الشعبي سقف التحدي والمطالب واعلانه الاضراب العام واغلاق الطرقات غدا، تحت شعار "سكر حتى ما تسكر بوجهك، وقفل حتى ما يقفل البلد"، تزامنا مع معلومات تشير إلى أن قطع الطرقات سيبدأ اعتبارا من الليلة.
مشهد النهار كان بدأ بتوافد أهل "الوفا" من مختلف المناطق، ليملاْوا الساحات المؤدية إلى القصر الجمهوري، حاملين معهم ليس فقط ثقتهم برئيس الجمهورية، وأملهم بغد أفضل، إنما أياما طويلة من الاحتقان الذي سببه السباب الذي طال العهد ورئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل.
أهل "أحد الوحدة"، ملأوا بدورهم أكثر من ساحة من الشمال إلى الجنوب إلى قلب بيروت، تمكسوا بثورتهم، ووضعوا لها أجندة مطالب محددة مطلوب من السلطة تنفيذها، وإلا لا خروج من الشارع.
بين أهل "الوفا" وأهل "أحد الوحدة" ساحتان وصرخة واحدة، ولكي تنتصر الثورة، وجب حماية كل الحركة الشعبية، والاستفادة من ضغط الشارع لتحقيق انجازات تترجم فعليا "ومش بالحكي "، فيقضى على الفساد ويعاد تشكيل السلطة، وتستعاد الثقة بين اللبنانيين ودولتهم، كما قال اليوم رئيس الجمهورية في كلمته، علما أن الثقة معدومة بين الاثنين، وتكاد تكون مفقودة بين أهل السلطة أنفسهم، هم من يفترض بهم وضع الحلول وترجمتها.
هذه الليلة، أصبحنا أمام صورة سوريالية، فالمشهد كالتالي: مواطنون لا يثقون بسلطتهم ويريدون رحيلها. وهؤلاء المواطنون يريدون أن تجد هذه السلطة الحلول. وسلطة ضاعت الثقة بين مسؤوليها، فانقطع التواصل بينهم حتى فقدت الحلول.
إنها الحقيقة الموجعة، والموضوع لم يعد موضوع استشارات وتكليف وتأليف، إنما موضوع وطن بحاجة لاستعادة ثقة.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
تظاهر "التيار" فكان عونا لساحات الثورة، وبرتقالي ما قبل الظهر الذي انتشر في بعبدا لنصرة بعبدا، أعطى دفعا لتدفق الناس بين ساحتي الشهداء ورياض الصلح موصولا بطرابلس وصيدا وصور وكفررمان. ومع ساعات المساء كانت باحات التظاهر تشهد على نبض يساوي ثمانية عشر يوم ثورة، ولا يكتفي باستقالة الحكومة، ويطالب بحكم يشبه الناس ويبدأ بأولى خطوات المحاسبة.
ومن منصات التظاهر، أعلن عن يوم إضراب الاثنين وإقفال الطرقات، بعد التماس خفة سلطوية تتعامل مع حال البلد كما لو أن شيئا لم يقع. والإضراب العام يوازيه تراخ رسمي مرفق بنكد سياسي على كل الجبهات، وأبرزها جبهة بعبدا- "بيت الوسط" حيث أهملت الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتاريخه، وقالت مصادر معنية بالتشاور إن الدعوة إذا تمت غدا فإنها ستصطدم بجلسة مجلس النواب الثلاثاء.
لكن الاستشارات أرادتها بعبدا شعبية اليوم. حيث اختبر "التيار" مدى أمواجه البشرية، فحشد في مسيرة دعم الرئيس، وسجل حضورا لا جدال فيه، لكن الجدل يكمن في خروج شارع في مقابل شارع، وهو ما عز على النفس الرئاسية فكانت إشارة من رئيس الجمهورية إلى "كثرة" الساحات، حيث لا يجب أن تكون ساحة ضد أخرى وتظاهرة ضد أخرى. ودعا عون الجميع إلى الاتحاد قائلا: إن الفساد "ما بيروح بسهولة لأنو مشلش بالأرض من عشرات السنين".
أخرج ميشال عون تظاهرة "التيار" من لونها الواحد، وخاطب الجمهور بقوله: من خلالكم أرى شعب لبنان كله. وفي لحظة كانت أشبه بالوجدانية قال عون من وحي شعار الأسبوعين معدلا: "بحبكن كلكن يعني كلكن". وجدانية عون لم تواز كشف حساب جبران باسيل. رئيس "التيار القوي" الذي تحدث بمظلومية وخاطب "التيار" بالقول: "يا شباب لا إنتو بتقبلوا ولا نحنا منقبل تنتهي الثورة ببقاء الفاسدين ورحيل الأوادم". ومن دون تسميات انتقد باسيل شركاء الحكم والوزارة.
وكانت "القوات اللبنانية" الأقرب إلى "اللطشات" العابرة لدور معراب، لاسيما عندما اعتز باسيل بأن "فخرنا إنو ما تآمرنا مع دولة خارجية على ولاد بلدنا، ولا تآمرنا مع ولاد بلدنا على دولة خارجية". وإذ دعا باسيل إلى عدم قطع الطريق على أنفسنا بمطالب سياسية يعجز تحقيقها اليوم، فإنه تحدث عن مشاريع عدة للمستقبل ومن شأنها تنظيف سياستنا والمساعدة على الخروج من الانهيار ونصبح على مشارف الدولة المدنية.
لكن لا باسيل ولا رئيس الجمهورية قدما آلية لهذه الدولة أو لاقرار المشاريع النائمة، فقصر بعبدا يتريث بالدعوة حتى إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ولم يلتقط فرصة انعقاد مجلس النواب الثلاثاء المخصصة لانتخاب اللجان والمقررين وتحويلها إلى جلسة عامة طارئة تقرر عددا من المشاريع الحالمة، فعلى جدول أعمال الهيئة العامة انتخاب اميني سر وثلاثة مفوضين، وأعضاء اللجان.. أي شعب يتعطش للجان وأمناء السر في وقت عصيب؟.