الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي تجعل الآخرين يرغبون في التقاط صورة مماثلة، هذا يمكن أن يعزز السياحة بالطبع، ولكنه له أيضا تداعيات سلبية.
مع تطور تقنيات أجهزة التصوير الذكية هواتف وكاميرات أصبح من السهل أن ينقل الفرد ما يقوم به من صور بسهولة وبحرفية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما جعل الكثير من الأفراد يقومون بالترويج للسياحة الداخلية بشكل فردي عبر الفيسبوك وإنستغرام وغيرهما من المواقع، وإذا كانت لهذه المبادرات منافع اقتصادية فلها تأثيراتها السلبية على تلك المواقع إذ تفقد جماليتها مع تدافع الأعداد الهائلة من السياح.
مياه البحر ذات اللون الفيروزي تتلألأ تحت أشعة الشمس.. قوارب الصيد تتمايل بهدوء على سطح البحيرة، التي تعكس صورة الجبال القريبة. بحيرة لاغو دي برايس في منطقة ساوث تيروليان بحنوب إيطاليا في منطقة الألب جذابة للغاية، واحة وسط المرتفعات الضخمة بالمنطقة.
ولكن على الرغم من أنها تقع بين الجبال، فإن البحيرة لا تعد مكانا خفيا، إذ يوجد على موقع إنستغرام لمشاركة الصور أكثر من 150 ألف صورة تحت اسم هاشتاغ lagodibraies# (# لاغوديبرايس) وهذا العدد يرتفع يوما بعد يوم.
وجاء في أحد التعليقات أسفل الكثير من الصور “أحتاج للذهاب إلى هناك”، أماكن مثل لاغو دي برايس أصبحت تحظى بشهرة على موقع إنستغرام.
وعلى الرغم من أن الهيئات السياحية تدعم هذه المبادرات الفردية لما لها من عائدات اقتصادية، لكن مثل هذه الأماكن لا يمكن دائما أن تتحمل هذه الشهرة الإعلامية المفاجئة على مواقع التواصل الاجتماعي، فحين كتب مدوّن إيطالي العام الماضي منشورا حول بلدة فالي فيرزاسكا في سويسرا، لم تكن البلدة مستعدة لموجة الزائرين التي تابعت المنشور.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية، أن البلدة شهدت ازدحاما مروريا امتد لكيلومترات وتوقفت السيارات في أي مكان متاح وتكدست أكوام من القمامة، مما أثر على نهرها الجبلي.
ويمتاز نهر فيرزاسكا بمياهه الصافية وحجارته الملونة لدرجة أنه يمكن رؤية قاع النهر على عمق 15 مترا وشهد في تلك الفترة تجمع العديد من السياح والمصورين الهواة والمحترفين من جميع أرجاء العالم، للاستمتاع بجمال مياهه والتقاط صور له إما من على الجسر الذي يصل ضفتي النهر وإما من أعلى الجبل الذي يحيط بالنهر.
زحمة الأقدام تفسد المكان
وتوضح هذه الواقعة القوة الكبيرة لمنصات التواصل الاجتماعي، عندما تنشر صورة معينة، يرغب الآخرون في التقاط صورة مماثلة. هذا يمكن أن يعزز السياحة بالطبع، ولكنه له أيضا تداعيات سلبية.
ويرى الخبراء أن كل شخص لديه هاتف ذكي أو جهاز لوحي أو كاميرا تصوير هو ناشر بالطبع وبمثابة شركة إعلامية سواء كان لديه 500 متابع على فيسبوك أو الملايين من المتابعين على إنستغرام، وتعتبر وسائل التواصل الحديثة طريقة سهلة للترويج للأماكن السياحية.
تقول لاورا جاجير، التي تعمل لصالح خدمة “تورزم واتش”، وهي خدمة معلوماتية لتعزيز السياحة الدائمة، “هذه الأماكن لديها سيطرة محدودة على المحتوى الذي يتم نشره عنها على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأضافت، “على المسافرين أن يدركوا التأثير الذي يخلفه سلوكهم على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الأماكن التي يزورونها والأشخاص الذين يعيشون فيها، وأن يتصرفوا بصورة مسؤولة”.
ومن خلال جولة سريعة في أي شاطئ شهير هذه الأيام، يظهر أن معظم الأشخاص لا يهتمون إطلاقا بهذه المسؤولية، هناك دائما شخص ما يتموقع من أجل التقاط صورة مثالية لعطلته، وهذا يروج إلى هذه الأماكن لأن الصورة تبدو حقيقية وتكشف جمال المكان عكس الصور الإشهارية التي تكون عادة من صناعة محترفين في التصوير لا يثق فيها الناس كثيرا.
ويشار إلى أن الشاطئ الأكثر شهرة على إنستغرام عام2018، وفقا لموقع هوليدو المعني بأماكن قضاء العطلات، هو سكالا دي توركي في مدينة صقلية الإيطالية.
وأكد متحدث باسم رابطة ريالمونتي السياحية، حيث يقع الشاطئ “لقد رصدنا هذه الظاهرة”. ولكن يبدو أن المتحدث لا يعطي اهتماما كبيرا لهذا الأمر، على الرغم من قوله، “إنستغرام والفيسبوك وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي جعلت شاطئنا أكثر شهرة وسمحت بنمو السياحة بصورة أكبر”.