سؤال من مواطن موجوع إلى نواب بيروت... أي فرص عمل قدمتموها للشباب بعد كل هذه السنوات التي تربعتم خلالها على كرسي الحكم؟ ولماذا الآن تذكر وزير الداخلية نهاد المشنوق ان بامكانه تأمين فرص عمل لألف شاب؟!... على الرغم من ان الجواب معروف، فانه لا بد وفي هذا الوقت بالتحديد الاضاءه على الحقيقة المرّة التي اذقتموها لابناء العاصمة، والاشارة الى آلاف العاطلين عن العمل من الشباب، الذين يحاربون بشكل يومي للحصول على فرصة تمكنهم من الخروج من حالة اليأس التي أصابتهم بسبب تقاعسكم عن الاهتمام بحاجاتهم.
ارتفعت نسبة البطالة في لبنان الى 60% وهي أعلى من ذلك بين خريجي الجامعات الجدد الذين يصعب عليهم إيجاد فرص عمل، حيث اقتصرت الوظائف لاسيما في زمن "تيار المستقبل" على من لديهم وساطة، والتي باتت معبراً للعمل بدلا من الكفاءة. فكان طريق البيروتي الأقصر للنجاة من طوق البطالة الذي خنقه، هو الهجرة، سواء الشرعية أو الغير الشرعية وان كان يخاطر خلالها بحياته. ومع هذا يتبجح نواب الامة في حملاتهم الانتخابية برفع شعارات فضفاضة لم يحققوا منها اي شعار على مدى كل هذه السنوات، اقلها البطالة التي تتصدر قائمة المشاكل والتي تزداد حدة يوماً بعد آخر.
منير.ز ابن "الطريق الجديدة" وهو مثال على آلاف الشباب البيروتيين، طرق كل الابواب من اجل تأمين وظيفه ولو بالحد الادنى للاجور، على الرغم من انه حامل لشهادة جامعية، الا ان احدا لم يولّه اهتماما، وبعد ان فقد الامل اتخذ قراره، راهن على القدر فإما ان يدفن في البحر او يتجاوز امواج الموت هرباً من نواب همّهم مصلحتهم فقط. هو اليوم يعيش على حافة الحياة بانتظار ان يقطع المحيطات ويصل الى بر الامان في دولة اوروبية يستطيع فيها العمل. يقول والغصة تكاد تخنقه" الجميع يعلم ان الوظائف العامة مخصصة لمن لديهم وساطة، كذلك في الشركات الخاصة، وانا للاسف شاب فقير لست قريبا لنائب ولا وزير" واضاف" الوم نفسي اني انتخبت هذه الحفنة من البشر، فهؤلاء سارقون محترفون ومنافقون يعلمون جيدا كيف يتلاعبون بمشاعر البيروتيين قبل الانتخابات ليعودوا الى حقيقتهم بعد فوزهم، اذ عندها يغلقون ابوابهم ويصمون آذانهم".
لامس البيروتيون من خلال تجاربهم أنَّه على المتقدّمين للوظائف الشاغرة في القطاع العام إجراء امتحانات خطّية وشفهية أحياناً عبر مجلس الخدمة المدنية، وعدا عن الوساطة للنجاح فانه غالباً ما تؤجل هذه الامتحانات أو تلغى، بسبب التقسيم الطائفي والمحسوبيات، حيث تدخل الأسماء ضمن البازار السياسي، وتضيع احلام البيروتيين وحقوقهم، هذا عدا عن تفكك الشركات والمصانع في السنوات الاخيرة ما يؤدي إلى تسريح العمال والموظفين والالقاء بهم في المجهول.
يعتبر خبراء الاقتصاد ان النسبة المرتفعة للبطالة التي وصلنا اليها سببها" شلل على صعيد إدارة الدولة والتوجية والإرشاد وفوضى وانفلات في سوق العمل، ووجود قيادة نقابية مرتهنة للطبقة السياسية، هذا عدا عن تدفق اللاجئين واليد العاملة السورية الرخيصة"، باختصار هم يحمّلون الحكومة ونواب الامة المسؤولية الأولى عن ارتفاع معدلات البطالة، من خلال فسادهم واعتمادهم على المحسوبيات.
على الرغم من جرح البطالة وغيره العديد من الجراح التي تسببت بها السلطة الحاكمة للبيروتيين، اطل الرئيس سعد الحريري على اللبنانيين طالبا منهم بكل وقاحة تجديد التفويض له من خلال التصويت له وللوائحه، مردداً وعوداً كاذبة لطالما وعدهم بها، والتي كان عدم تنفيذها سبباً لأوجاعهم وآلآمهم، وكانه لا يكفي البيروتي كل المعاناة التي عاشها بسببه، حيث وصل وضعه الاقتصادي الى حافة الهاوية ولا يزال الحريري ومعه المشنوق مصرّان على ان يوصلانه الى قعرها!