تُذكِّر حالة رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم ببرنامج "الحلقة الاضعف" الذي كانت تعرضه قناة "المستقبل" قبل سنواتٍ وهو النسخة العربية عن البرنامج البريطاني "The weakest link"، حيث يستضيف عددًا من المشتركين الذين يتنافسون فيما بينهم ضمن جولاتٍ عدّة، وفي كلّ جولة يتمّ التصويت لاخراجِ الشخص الذي يُعتبَر الحلقة الاضعف في البرنامج، لينتقِل بعدها المشتركون الى جولةٍ أُخرى قبل الاخيرة التي تنحصر فيها المنافسة بين مشتركين ومن يعطي إلاجابات الصحيحة يكون الرابح.
لكن في تلك الجولات، يمكن أن يكون "الحلقة الاضعف" هو المشتركُ الاقوى والذي أجاب على أكبرِ عددٍ من الاسئلة بصورةٍ صحيحةٍ، ولكن مصلحة المشتركين التصويت ضدَّه بهدف اخراجه ومنعِه من الوصول الى الجولة الاخيرة ويتقدَّم عليهم ويفوز.
الحريري اليوم هو "الحلقة الاضعف" في التسوية السياسيّة رغم الكثير من نقاطِ القوّة التي يمسكها بيده، والتي في المقابل تُشكِّل عائقًا أمام البعض الذي وجد أنّ الحكومة "مش ماشيي" وفق ما يخطّط أو يريد والتطوّرات العاصفة في المنطقة تجعلها "مكسر عصا" للاطراف المتنازعة التي تسعى الى استمالتها نحو الضفة حيث تريد، و"شراع الحريري" أضعف من الوقوف بوجه تلك الرياح، حتّى باتت الخشية من اسقاطها هاجسًا يوميًّا يعيشه رئيسها الباحث عن "حبلِ نجاةٍ".
الاميركي كما الايراني، يريد "رأس الحكومة" ولكن كلّ فريق وفق مصالحه وأهدافه التي يضعها في المرحلة التي تسبق التفاوض. إذ أنّ الايراني "المُنتَشي" بعمليّات الحوثيين في اليمن، يمكنه خلال ساعاتٍ قليلةٍ اسقاط الحريري عبر الشارع وربما "بروفا" يوم الاحد التي بقيَت "مجهولة الهوية" خيرُ دليلٍ على أنّ فتيل الشارع جاهزٌ ويمكنه اسقاط التسوية السياسيّة القائمة، إن لم يُبادِر الحريري الى فكّ الطوق الاميركي عن ذراع طهران في لبنان، الذي يضيق أكثر مع اصدار لوائح عقوبات جديدة على أشخاصٍ ومؤسساتٍ تابعة لحزب الله أو تدور في فلكه.
ويسعى الايراني، الى ضربِ المصالح الاميركيّة التي يُعتَبر الحريري "حارسها" وقد يلجأ في المرحلة المقبلة الى سيناريوهات أليمة للوصول الى هدفه.
ومن الجانب الاميركي، ثمة امتعاض كبير على ادارة الحريري للتسوية السياسية القائمة وشعور لدى البيت الابيض بأنّ رئيس الحكومة سلَّم أمره لفريق حزب الله وعجزه عن ادراة الملف الحكومي أوصَل الفريق الداعم لحزب الله أي التيار الوطني الحر الى التفرّدِ بكثيرٍ من القرارات وعزل أصدقاءِ واشنطن في الحكومة.
وبنظر الاميركي، فإنّ الحريري لم يُبادِر الى اتخاذ أيّ اجراءٍ من شأنه أن يُساهِم في تقويض سلطة الحزب، وكانت رسالة "الدولار" وعلى عكس ما يقال، موجّهة الى الحريري أوّلًا وهي واحدةٌ من رسائلٍ كثيرةٍ قد يصل بعضها الى "الشّخصي" كما جرى مع إعادة التحقيق في علاقة رئيس الحكومة بـ"الشقراء الافريقيّة" عبر صحيفة "نيويورك تايمز".
يُرجَم الحريري من البيت الداخلي ومن "الاصدقاء الدوليين"، لا يعلَم من يُرضي ومن يُخاصِم، هو الضعيفُ بقوَّته يُكابِر ويؤكِّد أنّه لن يستقيل، ولكنّه سُرعان ما يَستنجِد بصديقٍ علَّه يؤمِّن له استمراريّته، فيأتيه النائب زياد أسود عبر تغريدةٍ "ينسف" فيها تاريخ آل الحريري، ليتبَعه "لبنان القوي" مُحمِّلًا "الحكومة" مسؤولية تنفيذ المبادرات التي أطلقها رئيس الجمهورية وبنبرةٍ عاليةٍ فيها الكثير من التهديدِ، بعدما وجَّه التكتّل كلامه لمن "يعنيه الأمر" بأنّ " عضمنا أزرَق ولحمنا مش طري".
فهل وصلَت الرسالة الى "التريو الحزبي" ومن ضمنه تيار المستقبل الذي يتَّهِمه العهد بالوقوف وراء كلّ ما يجري لإفشالِ رئيس الجمهورية ؟ أم أنّ الحريري قذف الكرة المُلتهِبة الى ملعبِ العهد كي يحمل بعضًا من نارها؟.
علاء الخوري - ليبانون ديبايت