بدا صعباً بعد ليلة "الذل" التي أمضاها الكثير من المواطنين أمام محطات الوقود، إثر البلبلة التي أثيرت حول "إضرابها المفتوح" أو "اللا إضراب" ليل الخميس، تحديد طبيعة التحركات التي تزامنت معها على طرقات البقاع، بين إقفال كلي لطريق هنا، وإشعال للإطارات هناك، خصوصاً أن أي من هذه التحركات لم تدم أطول من فترة اشتعال عدد الإطارات القليل الذي أحضره المحتجون، من دون أي مقاومة لمرشات سيارات الدفاع المدني، التي بردت الأجواء سريعاً.
العنوان العريض الذي نفذت تحته معظم هذه التحركات كان "الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد". وقد حمل المحتجون في أحد هذه التحركات التي سجلت على طريق أبلح – بعلبك لافتات كتب على بعضها "نشالله كان انكسر اصبعي نهار اللي انتخبت"، لتتكرر عبارة "كلكن يعني كلكن" على لافتات أخرى، في إشارة الى ضيق صدر اللبنانيين بالطبقة الحاكمة عموماً.
ومع أن هذه الوقفات الاحتجاجية بدت عابرة، ولم يتجاوز عدد المشاركين في الكثير منها العشرات، غير عاكسة حجم التململ الأكبر المختبئ في المنازل، وخلف شاشات الهواتف عند اللبنانيين من جميع الانتماءات، إلا أنها بتنقلها من مكان إلى آخر، مع تركزها بشكل أساسي في شمالي البقاع، خلفت إنطباعاً لدى المارين على الطرقات التي أقفلها المحتجون جزئياً أو كليا، بأنها ليست تحركات عفوية تماماً. فما أن ينسحب هؤلاء من موقع، حتى يتجمهر غيرهم في موقع آخر، ما يؤشر إلى عمل منظم ساهم في تنقل هذه الحالة بين بلدة بقاعية وأخرى، من دون أن تتوضح كلياً هوية الجهة الداعية لمثل هذه التحركات.
وهكذا سجلت حتى بداية مساء الجمعة وقفات احتجاجية في كل من طريق أبلح بعلبك، طريق النبي عثمان في البقاع الشمالي، أوتوستراد تمنين التحتا- بعلبك، طريق رياق بعلبك، طريق الفرزل- رياق، طريق تعلبايا – سعدنايل، لتصل بعض شرارات الإطارات المشتعلة أيضاً إلى جنوب البقاع، عند تقاطع حوش الحريمة- جب جنين، إلى جانب تنفيذ وقفة احتجاجية أيضاً عند طريق المدينة الصناعية- زحلة.
وقد شغل المحتجون بهذه الوقفات المتنقلة الأجهزة الأمنية، والجيش ومخابراته، وعناصر الدفاع المدني، الذين وإن لم يتعاملوا بحزم لمنع إغلاق الطرقات، بدوا وكأنهم في لعبة كر وفر مع المحتجين.
لوسي بارسخيان - المدن