أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

ما كان سيجعل زيارة نيويورك مختلفة

ما كان سيجعل زيارة نيويورك مختلفة
ما كان سيجعل زيارة نيويورك مختلفة

لم يحظ تبني الجمعية العومية للامم المتحدة لمبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إنشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" قبيل ايام من توجهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية بردود فعل داخلية بارزة من أحزاب أو شخصيات، بحيث لم تصدر تعليقات ترحب بما اعتبره عون "انجازا ديبلوماسيا للبنان". لم يخرج تقويم هذا الموضوع عن اطار اعتباره الارث الذي يرغب الرئيس عون في تركه كرئيس أكثر مما هو اطار عملي لتثميره في ظل عجز لبنان واقعيا وفعليا عن الاضطلاع بهذا الدور داخليا او مع الخارج، أقله في المدى المنظور. ولا يعود ذلك الى أن تداعيات حادث قبرشمون لا تزال حاضرة بقوة حتى الان على رغم لملمة ذيولها في اتجاه انفتاح رئيس الجمهورية على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والاقرار بالمصالحة في الجبل او في اتجاه العودة الى ما قبل اواخر ايار في العلاقة بين الاخير و"حزب الله"، باعتبار ان ما حصل لا يخدم التلاقي والحوار على الاطلاق، بل إن الجرح مفتوح مع أفرقاء كثر ولا سيما في الجانب المسيحي، على نحو يناقض التلاقي والحوار كليا. ولا يمكن الإنكار أن همّ اللبنانيين في مكان آخر كليا، على خلفية المخاوف المتصاعدة من اهتراء متزايد على كل المستويات يصاحبه مخاوف من انهيار اقتصادي، فيما لم يغير المسؤولون الكبار خصوصا في فريق رئيس الجمهورية حرفا في ادائهم ولا في مقارباتهم او خطاباتهم، على رغم حال الطوارئ التي يفترض ان تكون معلنة في البلد على المستوى الاقتصادي. والحال أن الانتقادات كبرت على نحو متزايد لاقتناع سياسي بأن البلد قد يكون غدا مكشوفا أكثر من أي وقت مضى على خلفية الضعف الذي أصبح عليه، وهو ما يزيد احتمالات استخدامه واللعب به. فما كان منتظرا من رئيس الجمهورية حول إيلائه الاهمية الكبرى للتلاقي والحوار وقبيل توجهه الى الامم المتحدة هو توليه بنفسه وفق ما يقول سياسيون ملفات مهمة من اجل تعزيز موقع لبنان كما تعزيز استقراره ليس اقلها الدعوة الى حوار كان هو وعد به أكثر من مرة حول الاستراتيجية الدفاعية المتعلقة بإيجاد حل لسلاح "حزب الله"، قبل ان يتراجع عن ذلك لاعتباره ان الظروف تغيرت حول هذا الموضوع. هذا الملف الذي طواه يخشى أن يكون له انعكاسات كبيرة بالنسبة الى الداخل كما بالنسبة الى الخارج.

والاهمية القصوى لما رسم سياسيا وإعلاميا لدور عون أنه لم يتولّ مهمة تهدئة حليفه الشيعي القوي بدوره، باعتباره غدا جزءا من الدولة وليس الدولة وفق ما تترك خطابات الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله انطباعات في هذا الشأن. إذ إن السقف المرتفع لهذا الاخير حول الولاء لايران واستخدام لبنان لمصلحة ايران في ظل ما تتعرض له من عقوبات الى جانب معاناة لبنان بالذات من عقوبات اميركية تطاول الحزب وتؤثر على الكثيرين من ابنائه قد تحتمل مقاربة مختلفة من رئيس عون مع الحزب من اجل تخفيف وطأة انخراط لبنان في الصراع الاقليمي والدولي، خصوصا في حملاته الموجهة ضد الدول العربية الخليجية وفي الظروف الصعبة الراهنة، فيما يتجه وضعه الاقتصادي والمالي الى درجة خطورة عالية. هناك من يعتبر أن مواقف الحزب أصابت رئيس الجمهورية وشكلت تجاوزا كبيرا له، وهو الرئيس الذي اعتبر ضامنا للحزب. لكن ليس خافيا أن كثرا يخشون أن الاندماج الكلي بين الحليفين "الاستراتيجيين" لغايات تتعلق بتأمين وصول الوزير جبران باسيل للرئاسة لاحقا قد اطاح الفرصة التي أعطيت للمسيحيين، لجهة تثبيت قواعدهم ووجودهم في المنطقة تبعا للتطورات الحربية والارهابية التي حصلت في المنطقة. إذ إن هذه الفرصة أتيحت في ما بعد لاستهداف الاقليات وهجرتهم من العراق وسوريا بعد فلسطين بحيث تم التسليم بوصول رئيس مسيحي "قوي" لاعتبارات تتصل بإعطاء الثقة بأن تفاعل هذا العامل في لبنان يخفف مخاوف المسيحيين والاقليات في المنطقة. في حين لا يرى سياسيون كثر ان زمام المبادرة والقرار استعادها المسيحيون كلاعب متوازن ووسطي ووفاقي، فيجمع من حوله المسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، وهو ما يعتقد انها فرصة تم تضييعها ويمكن تلمسها في المواقف الغالبة للدول العربية في هذا الاطار. وهذا لا يعني بالنسبة الى هؤلاء التخلي عن مبدئية الموقف السياسي مع الحزب في موضوع اسرائيل في شكل خاص وهو موضوع يخرج على الارجح عن ارادة اللبنانيين وقدرتهم لكن الشق الداخلي المتعلق بادارة البلد في ظل سعي الى ممارسة حرفية للصلاحيات لا بل توسيعها ايضا لم يسفر عن ارادة لنقل لبنان الى مكان اخر على اي مستوى كان. وذلك علما ان هناك جرحا مفتوحا ايضا في ما خص السعي العملاني الى تعديل اتفاق الطائف او تغييره قسرا بالفعل وليس بالنص. وهذه التفاصيل مهمة كونها تعني ان المسيحيين فقدوا القدرة على ممارسة القرار لجهة تأمين الحماية للبنان على رغم ان تمتع لبنان بما اعتبر بمظلة دولية لاستقراره وامنه كان يمكن ان يشكل قاعدة مهمة من اجل العمل على ذلك، بغض النظر عن واقع الاستفادة في مناصب ومواقع سلطوية على اساس انها حصة المسيحيين في الدولة.

هذه النقاط لو تمت مقاربتها على الاقل كانت ستعطي املا بان هناك جدية لانقاذ الدولة فتحسن التوقعات ازاء المعالجة المحتملة للاقتصاد وكانت ستجعل مضمون مشاركة رئيس الجمهورية في نيويورك وطبيعة لقاءاته لجهة تعزيز موقعه وموقع لبنان مختلفا كليا بعيدا من اللغة التي مل العالم سماعها من لبنان وعنه.

روزانا بومنصف - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى