أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

ما هي مصلحة إيران في رئاسة ثانية لترامب؟

ما هي مصلحة إيران في رئاسة ثانية لترامب؟
ما هي مصلحة إيران في رئاسة ثانية لترامب؟

لا يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرباً مباشرة وشاملة في الشرق الأوسط وربما في أماكن أخرى من العالم، حيث تشعر الدول الحليفة لبلاده بالحرج، وهو بذلك منسجم مع موقف غالبية شعبه المعارضة له والمؤيّدة. لكن ما يأخذه عليه الكثيرون من هؤلاء وأولئك هو عدم امتلاكه حتى الآن استراتيجيات شاملة داخلية وأخرى عالمية، واقتناعه بأن ما تدفعه اليه غرائزه هو البديل من الاستراتيجيا الذي سيؤمّن مصالح بلاده وقبلها مصالحه وأهمها على الاطلاق انتخابه لولاية رئاسية ثانية. وما يأخذونه عليه أيضاً هو "نجاحه" في تحقيق إنجاز سعى إليه أخصام الولايات المتحدة وأعداؤها ومنافسوها منذ انتزاعها "زعامة" العالم رغم مشاركة الاتحاد السوفياتي لها فيه، ثم منذ احتكارها إياها بعد انهياره. والانجاز هو إضعاف أميركا على الساحة الدولية واستعادة، روسيا وريثة السوفيات دوراً مهماً جداً في الشرق الأوسط، وإقامتها علاقات جديّة واعدة مع دولة حليفة لها فيه منذ عقود هي تركيا، ودعمها دولة كانت حليفة أولى لها فيه هي إيران في مشروعاتها المناهضة لها ولحلفائها في المنطقة. والإنجاز هو أيضاً خسارتها الزعامة الآحادية وقرب اضطرارها الى دخول شراكة على هذا الصعيد مع روسيا والصين وربما مع غيرهما. والانجاز هو ثالثاً إساءته أي ترامب، الى سمعة بلاده في العالم. إذ حوّلها دولةً مُرتَزِقة تساعد من يمتلك أموالاً باهظة "وإن كانت كثيرة عليه" في العالم، وذلك بحسب ما قاله لمسؤول بحريني كبير أخيراً. وقد أغضب ذلك حلفاءه الأغنياء مالياً والضعفاء عسكرياً أي المحتاجين الى مساعدة بلاده لمواجهة أعدائهم. علماً أن العداء لهم كان سببه الأول والمباشر، الى الطموحات، تبنيهم سياسات واشنطن. والانجاز هو رابعاً بدء خسارة أميركا الغرب الأوروبي الحليف لها من زمان، ثم الحليف الأوروبي الشرقي الذي هرب من روسيا بعد انهيار "والدها" السوفياتي الى أميركا طلباً للحماية وإيماناً بقيَمِها مثل الحرية والديموقراطية. واليوم يخشى هؤلاء وأولئك عودة الخطر الروسي عليهم. لكن ما يخشاه الأميركيون هو أن ضعف تحالفهم المزمن مع أوروبا الغربية والمستجد مع أوروبا الشرقية أو انهياره أذا حصل، سيضعف أميركا ويعزلها خلافاً لما يظنّه ترامب، لأن السلاح المتطوّر والمتفوّق وحده لا يؤمّن النصر على الصعيد العالمي اذا لم تواكبه تحالفات واسعة وجديّة، ولأن الصين تزحف ببطء وبثبات نحو القارات الخمس وقد وصلت الى نحو 60 أو 70 "موقع" مهمّ فيها، وأرست نفوذاً اقتصادياً مهمّاً لها داخلها. كما بدأت أخيراً تحويل بعضها مواقع عسكرية. والادعاء أن الصين لا تخيف أميركا لأنها تحتاج الى 20 أو 30 سنة لتعادل الولايات المتحدة بحثياً وعسكرياً على صحته ليس في محلّه. فإسرائيل حليفتها الوحيدة في الشرق الأوسط لا تكفي لعدم خروجه من دائرة نفوذها. والتردّد في التدخل في مناطق وأماكن عدّة في العالم المفهوم والمُبرَّر في أميركا، لا تفهمه الدول المحتاجة الى قوتها للاستمرار في ظل التحديات – الاغراءات الكبيرة والكثيرة من أخصامها.

انطلاقاً من ذلك يعطي اللبنانيون القريبون من طهران أنفسهم، تعاطي أميركا ترامب مع المملكة العربية السعودية دليلاً على بدء ضعفها، الذي لا يعني طبعاً زوال قوتها ودورها. فهذه أمور تتطلب تطورات أخرى كثيرة وزمناً طويلاً لحصولها. ويقولون أن المملكة لا تريد حرباً وكذلك إيران الاسلامية، وأن ترامب أساء إليها كثيراً بطريقة تعاطيه مع الضربة الكبيرة التي تلقتها أخيراً (أرامكو – خريص) ليس فقط بكلامه "الغرائزي"، بل بعدم توفيره الحماية الفعلية لها وببيعه مزيداً من الأسلحة لها وبطلبه ثمن استعمالها، كما عن اشتراك القوات التي سيرسلها إليها في توفير حمايتها من وكلاء إيران ومنها. في أي حال يؤكد هؤلاء أن الكلام عن الضربة الأميركية المحدودة لإيران رداً على "استباحتها" أجواء السعودية وقصفها انتاجها النفطي لا يزال كلاماً. ويستبعد المسؤولون في طهران تنفيذه لأن قرار المرشد الولي الفقيه فيها المدعوم من كل أجهزة النظام الاسلامي وقواته العسكرية وأطرافه السياسيين، سيكون هو الرد عليها بحرب شاملة. طبعاً لا يعرف أحد حجم هذه الحرب ومداها لكنها قطعاً ستكون إشعالاً للمنطقة بمشرقها وخليجها على الأقل، وربما بمناطق أخرى. فالدولة التي لم ترد وإن ضمن حدود على اسقاط إيران مباشرة طائرة لها من دون طيار متطورة جداً ثمنها 200 مليون دولار، رغم اتخاذها قراراً بذلك قبل ساعات، والتي برّرت موقفها بامتناع الإيرانيين عن إسقاط طائرة أخرى كان فيها 35 عسكرياً، دولة كهذه واضح جداً أنها لا تريد الحرب.

ماذا يريد ترامب؟

تعتبر ايران الاسلامية واستناداً الى اللبنانيين القريبين منها أنفسهم، ترامب مهووساً بالرئاسة أي تجديدها ومنشغلاً بكليته في الانتخابات الرئاسية. وهو مستعد "لدفع" أي ثمن سواء من كيسه أو من كيس بلاده وأكياس حلفائها من أجل ذلك. والثمن الذي فكّر فيه وتحدث عنه في "تغريداته" اليومية هو اجتماعه برئس الجمهورية الايراني الشيخ حسن روحاني، أو على الأقل اجتماع وزير خارجيته مايك بومبيو بنظيره محمد جواد ظريف. لكن ذلك لم يحصل وقد لا يحصل وربما لن يحصل. علماً أن التقاء الرئيسين أو الوزيرين "مصادفة" بترتيب من الأمين العام غوتيريش ومن غير حضوره في أحد ممرات الأمم المتحدة، وتبادلهما سلاماً بارداً أو مجاملة قصيرة قد يحصل. وقد ازدادت حاجته الى لقاء إيراني ما بعد فشل مفاوضاته مع حركة "طالبان" الأفغانية التي استمرت سنة، واضطراره الى إلغاء لقاء كان قرره مع قيادتها في كمب ديفيد ولم يخبر الأميركيين به الا بعد إلغائه. انطلاقاً من ذلك كانت الأسئلة التي يطرحها قادة إيران على أنفسهم هي: ما هي مصلحتنا في إنجاح ترامب؟

سركيس نعوم - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى