جرعات الدعم الخارجي هل تصل متأخرة؟

جرعات الدعم الخارجي هل تصل متأخرة؟
جرعات الدعم الخارجي هل تصل متأخرة؟

بين زيارتي رئيس الحكومة للرياض وباريس بحثا عن دعم مالي يؤجل تجرع اللبنانيين الكأس المرة لانهيار اقتصادهم وعملتهم، لا تساعد المواقف السياسية الداخلية على تدعيم موقف الحريري، بل على العكس، تؤجج التباعد مع المملكة العربية السعودية التي استهدفها كلام الأمين العام لـ"حزب الله" بعنف.

وليس واضحا ما إذا كان التكتم على النتائج العملية للزيارتين مرده الى حرص مشترك على عدم تقويضها أو الى استمرار تريث الدولتين المعنيتين بالقيام بأي خطوة عملية قبل تبيان جدية الحكومة اللبنانية في خطواتها الإصلاحية، وخصوصا أنه حتى اليوم تسير هذه الخطوات مسيرة السلحفاة، فيما عقارب الأزمة لا ترحم، وتتسارع وتيرتها مقارنة مع وتيرة الإجراءات الإصلاحية التنفيذية.

فأزمة السيولة لا تزال على حالها والى مزيد من التفاقم، مشددة الخناق على الاقتصاد، فيما تزداد التعاملات المصرفية صعوبة في ظل تشدد إدارات المصارف، بفعل توجيهات المصرف المركزي، في التضييق على زبائنها.

وقد بات واضحا ان اللبنانيين اصبحوا على دراية كاملة بالحقيقة المرة التي بلغت فصول إخفائها خواتيمها، بحيث لم يعد في الإمكان الاستمرار في التضليل، بعدما بدأ اللبنانيون يتلمسون التداعيات في شؤونهم اليومية، بدءاً من محطات البنزين وصولا الى شبابيك المصارف.

والأخطر أن السباق بات على أشده بين تسارع وتيرة الأزمة في ظل شح السيولة الذي ينذر بتفاقم سيؤدي حكما الى شل الاقتصاد، ما لم يصر الى ضخ بعض الأموال في السوق، والبطء القاتل في المعالجة بما يعكس عدم استيعاب السلطة الحاكمة، او تجاهلها، او الأخطر قبولها بأن السقوط لم يعد يقاس بالأشهر، وإنما يمكن حصوله بين ليلة وضحاها، لسبب وجيه جدا يكمن في هشاشة الاستقرار السياسي والأمني خصوصا، الذي يجعل البلاد مكشوفة على أي خطر أمني يمكن أن يؤدي الى انفلات الأمور من عقالها.

فإمساك "حزب الله" بالقرار السياسي وحتى المالي في البلاد، في الشكل المستفز الحاصل راهنا، والمواقف التصعيدية التي تصدر عن قياداته وتستحوذ على المشهد السياسي، لا تساعد على تخفيف المخاطر السياسية والعسكرية، في ظل الضغوط المتنوعة التي يتعرض لها لبنان الواقع بين فكّي كماشة العقوبات الاميركية من جهة والمواجهة الإقليمية المستعرة من جهة أخرى، تحت وطأة تهديد اسرائيلي لا يهدأ، كما لا تساعد على تسييل وعود الدعم من الأسرة الدولية، ومن دول المحيط العربي وفي مقدمها السعودية التي انتقلت من الرعاية الأخوية الى مأسسة العلاقات مع لبنان.

وإذ تستعد بيروت لاستقبال مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون تمويل الإرهاب مارشال بلينغسلي الذي يمسك بعصا العقوبات، وفي جعبته اللائحة الجديدة للتلويح بها والضغط على السلطات اللبنانية، تبقى الخطوات الحكومية دون حجم الأزمة، وسط توقعات بأن يزداد الضغط على الدولار، بما يفتح الباب واسعا أمام اتساع دائرة الضائقة الاقتصادية والمالية مع بدء الموسم التربوي، واتساع القلق في الموازاة، من أن يأتي الدعم الخارجي- اذا أتى- متأخراً.

سابين عويس - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى