أخبار عاجلة
حركة الأسواق التجارية خجولة! -

الخنق الاقتصادي لإيران يولّد الانفجار

الخنق الاقتصادي لإيران يولّد الانفجار
الخنق الاقتصادي لإيران يولّد الانفجار

ضرب منشأتي بقيق وخريص التابعتين لشركة "أرامكو" السعودية وتعطل ٥ في المئة من امدادات العالم من الطاقة، هو من ظواهر الغليان الذي تعيشه منطقة الخليج منذ خروج الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ومن ثم لجوئه الى إحكام العقوبات على إيران وحرمانها تصدير نفطها (انخفضت صادرات ايران من ٢.٥ مليوني برميل يومياً الى ١٠٠ الف برميل يومياً).

عقوبات تلي عقوبات. هذا بديل ترامب من الحرب العسكرية التي قد تفضي الى تورط مباشر كما في افغانستان والعراق. لا يعني هذا أن حلفاء واشنطن راضون عن الاكتفاء بسياسة العقوبات وحدها. بل هم يريدون غزواً اميركياً يخلصهم من النظام في طهران، مثلما حصل مع صدام حسين و"طالبان". العقوبات في رأيهم، مهما كانت شديدة، فربما نجا منها نظام تمرس بالتعايش مع العقوبات منذ نشوئه قبل اربعين عاماً.

وفيما يتمادى ترامب في خنق ايران اقتصادياً، ثمة سؤال محوري يطرح نفسه: ماذا كان يتوقع صانعو القرار في واشنطن ان يكون رد الفعل الايراني على سياسة الخنق الاقتصادي؟ وهل كانوا فعلاً يعتقدون ان الضغط سيرغم طهران على القبول بالشروط الاميركية الـ١٢ التي اعلنها وزير الخارجية مايك بومبيو عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق في ايار من العام الماضي؟

الوقائع تدل على ان ايران المحاصرة اقتصادياً، يمكنها إدارة معادلة التوتر في المنطقة، من اليمن الى العراق وشواطئ المتوسط والى افغانستان في العمق. إيران هي لاعب رئيسي على هذه المساحة. وعمليات القصف الاسرائيلي لقطع الطريق البري بين طهران والمتوسط، تقابلها توترات في الخليج نفسه، ارتفاع في سياق الهجمات التي طاولت ناقلات للنفط، واسقاط طائرة استطلاع أميركية في حزيران، وقصف يومي من اليمن بالصواريخ والمسيّرات لمنشآت في السعودية، وصولاً الى قصف منشأتي بقيق وخريص.

واتهام ايران بالوقوف وراء الهجمات جزء من معركة التصعيد الجارية، لعل ترامب يقرر قصف منشآت نفطية ايرانية. ترامب لم يقع في هذا الفخ حتى الآن. وربما كان ثمة عاقل في ادارته يقول له ماذا يجدي قصف منشأة ايرانية هي أصلاً خارج العمل بسبب العقوبات الاميركية. والقصف الاميركي سيعطي ايران حجة كي ترد عسكريا على قواعد اميركية على امتداد المنطقة، فضلا عن ضرب البنى التحتية في دول الخليج العربية، بما يلحق بها أضراراً لن يكون من السهل تعويضها.

هذا سيناريو كارثي بكل ما للكلمة من معنى. التهدئة من الجانب الاميركي قد يكون لها ما يبررها. وما على دول الخليج العربية إلّا النزول عن شجرة التصعيد مع ايران والقبول بالحوار معها وسيلة أقل كلفة بكثير مما ستدفعه هذه الدول لترامب كي يحميها من ايران، وأقل كلفة بكثير من الخسائر التي ستصيب اقتصاداتها في حال نشوب حرب شاملة في المنطقة. وسيبدو النزف الاقتصادي والبشري الخليجي في اليمن لا شيء مقارنة بما يمكن أن يحصل اذا شبّ الحريق في المنطقة بكاملها.

لذا فإن الاجدى العودة أميركياً وخليجياً الى البحث عن وسائل تنزع فتيل الانفجار وتقي الشرق الاوسط حرباً مدمرة أخرى.

سميح صعب - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى