"الأرامكو" لبنانياً يُنظر اليها من خلال وقائع متعدّدة، ووفق العادة. كلما داويتُ جرحاً سال جرح. صحيح أن لبنان بعيدٌ عن "أرامكو السعودية" وعن صواريخ إيران، إلا أنه ليس بعيداً عن احتمالات النتائج والتطورات ما دام "حزب الله" ينتمي بكل قواه وجيوشه الى إيران، وما دامت حرب الصواريخ العابرة قد أجرت تجربتها الأولى على أرض المملكة العربية السعودية. وبهجمة تدميريَّة تُعتَبَر رداً على القرارات والاجراءات الماليّة، كما الحصار الاقتصادي الذي "يخبّص" الرئيس دونالد ترامب في حقوله.
هل من الضروري تنبيه المسؤولين اللبنانيّين الى ما حصل في "أرامكو"، وما قد يحصل رداً عليه، وما قد يتطوَّر الى مستوى حربيٍّ لم يكن متوقعاً؟ كل الاحتمالات واردة.
لقد اهتزَّت المنطقة العربيَّة بكل دولها، أو معظمها، نتيجة "الحدث" أو الاعتداء التدميري الذي نسبته واشنطن بكل وسائلها الى ايران. ومع الإشارة الى أن "هديَّة الصواريخ" هي برسم الرئيس الأميركي. أو رداً على اجراءاته وقراراته. أو "رسالة حربجيّة" كنموذج أَوَّلي وبسيط لما قد تتعرّض له السعودية، وربما دولة الامارات وما يحيط بها. فمن يدري؟
إذاً، من البديهي أن يكون كبار المسؤولين في بلد الانهيارات المتعاقبة على مختلف الصُعُد والمستويات قد أخذوا علماً، وباشروا فوراً اجراء اتصالات، ومشاورات، واجراءات، وما اليها، وإن كان المطلوب هو السعي الى إبعاد لبنان في وضعه الراهن عن الشظايا المتطايرة، أو المقصودة. وهذه الناحية لا يمكن الاقتراب منها من دون التفاهم مع "حزب الله"، اذا كان "الحزب" مستعداً للأخذ والرد بهذا الخصوص.
قد لا تتطلَّب التطوُّرات المحتملة دخول لبنان، مباشرة أو مداورة كطرف أو أيّ شيء بهذا المعنى. الا أن وجود إيران كطرف رئيسي، ومستهدف بعد مفاجعة الصواريخ، يحتِّم الانتباه، والسعي المسبق، وبذل الجهود، لأبعاد بلد الثماني عشرة طائفة عن نيران حروب إضافيَّة، فمن دون دَفّ بيرقص، وفهمكم كفاية.
في كل حال، لقد أُصيبت "أرامكو" بأضرار ضخمة ستؤدّي حتماً الى بلبلة وضياع في أسواق البترول. كما ستؤثر على الأسعار، وتدفع الجميع الى مواجهة ارتفاعات غير متوقعة، على ما ذُكر أمس في معرض الحديث عن الأضرار والأخطار.
من البديهي أن تهتزَّ معظم دول المنطقة العربيَّة، نتيجة هذه المفاجأة، أو المفاجعة التخريبيّة، التي لم تكن متوقَّعة. أو منتظرة. أو واردة في الحسبان، ومن هذه الزاوية.
لذا لا يستطيع المحلّلون، والمستشارون، تحديد الهدف، من دون تحميل الرئيس ترامب قسطاً وافراً من المسؤولية. وربّما كل المسؤوليَّة. فإيران ركَّزت انتقاماتها في اتجاه السعوديّة اقتناعاً منها أن البيت الأبيض سترتجُّ نوافذه وأبوابه، كصدى لهجمة شرسة بهذا الحجم. وسيأخذ علماً بأن "الضربة" ما هي إلّا "الرد الأولي" على قراراته المالية. وسعيه الى توسيع الحصار حول إيران ومشاريعها، وسيبقى ترامب جالساً وضحكته رطلٌ...
من الزاوية اللبنانيّة يمكن التعامل مع التطورات في هذا الصدد باللجوء الى الإسراع والتبكير في طرح الموضوع مع المعنيين، ومع الذين يتقنون فنون المعالجات في القضايا العسيرة والصعبة.
لا تهملوا الذيول قبل أن تبرز.
الياس الديري - النهار