من جديد كرّر امين عام "حزب الله" حسن نصر الله اليوم كلامه الذي اعلنه سنة 2009 حيث قال حينها" أنا أفتخر أن أكون جندياً في حزب ولاية الفقيه، وولاية الفقيه أن نأتي ونقول قيادتنا وإرادتنا وولاية أمرنا وقرار حربنا وقرار سلمنا هو بيد الولي الفقيه"، والجندي كما هو معلوم لا يمتلك حريّة التحرّك، وإنما هو مجرّد بيدق، منفّذ صغير للأوامر، هدفه كما باقي الجنود حماية الملك، أو الولي الفقيه في هذه الحالة بالتحديد... فقد اطل نصر الله أمام حشد كبير، في يوم عاشوراء، من ضاحية بيروت الجنوبية، لينسف اركان ووجود الدولة اللبنانية، من دون ان يبالي بوجود رئيس جمهورية ولا بـ"عهده القوي"، ولا بأي رئيس او زعيم لبناني.
وفي حديثه قال "اليوم سنثبت المعادلات ونعزز الردع الذي يحمي بلدنا. والجيش الاسطوري الذي كان لا يقهر تحول الى جيش هوليوودي وخائف وجبان ومنسحب الى ما وراء الحدود". وعرض لتواريخ الأحزمة الأمنية التي أقامتها اسرائيل منذ العام 1978، وقال: "لأول مرة ينشىء العدو الاسرائيلي حزاما داخل الحدود في فلسطين المحتلة بعمق 5 الى 7 كلم". وأكد "عدم التخلي عن القرار 1701، على الرغم من ان اسرائيل لا تحترم هذا القرار". واشار: "إذا اعتدى العدو على لبنان، فمن حق اللبنانيين، وهو حق قانوني وشرعي وكما ورد في البيان الوزراي، ان يدافعوا عن لبنان وسيادته وكرامته. لذا، بعيدا من الضجيج في الداخل والتهديد من الخارج، أقول وأكرر، اذا اعتدي على لبنان، هذا العدوان سيرد عليه بالرد المناسب، ولا خطوط حمراء على الإطلاق. فلبنان اليوم أقوى في مواقفه"، داعياً اللبنانيين إلى أن "يثقوا بقوة لبنان، وعليهم ان يتصرفوا من موقع القوي في أي لقاء مع أي مسؤول أميركي في الحوار عن النفط والغاز والماء والحدود".
كلام نصر الله القديم الجديد، تأكيد على انه جندي مسير من قبل ولاية الفقيه الذي سلطته على الشعب السوري فقتل وهجر الملايين، ارسلته الى اليمن فارتكب مجازره الذي سيخلدها التاريخ، وكرمى لعيون ايران زرع خلاياه في الكويت، واحتجز لبنان كورقة تفاوض ارضاء للمشروع الايراني ووليه الفقيه، مناقضاً مقاربته سنة 2015 لعلاقة حزبه مع الجمهورية الاسلامية وبالخصوص مع الولي الفقيه حيث قال حينها "إذا أردتم أن أحلف يمين، أحلف يمين أن إيران لم تأمرنا بأمر، ولم تبلغنا بقرار، ولم تطلب منا أي طلب، لا في الشأن المحلي ولا في الشأن الإقليمي، أبداً. نحن قيادة مستقلة، نحن ندرس، نحن نقرر، نحن أحياناً نسترشد بآرائهم وبخبرتهم، ولكن لم يعطونا في يوم من الأيام قراراً: إفعل، لا تفعل، إقبل لا تقبل".
فبعد أن بلغت قوة الحزب ذروتها داخل الساحة اللبنانية لم يعد نصر الله محتاج لإخفاء أهدافه الحقيقيّة، وعند استعارت الخلافات الأميركية- الإيرانية خرج ليقول" إذا ما اندلعت الحرب بين الجانبين فسيكون هو وحزبه طرفاً فيها حيث سيتم فتح النار على إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية"... فجأة استفاق نصر الله على خطر إسرائيل بعدما بقي نائماً على خطرها كل السنوات الماضية، مستبدلاً إيّاه بالخطر السنّي في سوريا. وبعد انتهاء دوره في حماية المصالح الإيرانية في سوريا، عاد مجدداً إلى اسطوانته المتكررة، وطبعا الدولة اللبنانية غير موجودة بالنسبة له عندما يقرر زجّها في حروب الاخرين.