في إجراء غير قانوني يخالف العقود الموقعة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تلجأ مستشفيات خاصة إلى إلزام المرضى بدفع deposit قبل الخضوع للعلاج «على سبيل التأمين»
سجلات المستشفيات الخاصة حافلة بالإجراءات التعسفية بحق العديد من المرضى، منهم من رفضت معالجتهم، ومنهم من مات أمام أبوابها مستجدياً. صحيح أن وزير الصحة جميل جبق تعهد في بداية «عهده» بـ«معاقبة أيّ مستشفى»، خاصاً كان أو حكومياً، في حال ردّه أي مريض لا يحمل مالاً. لكن للمستشفيات، دائماً، أساليبها «الالتفافية»، وآخرها «الوديعة المالية المسبقة».
في اليوم الذي سبق موعد العملية الجراحية المحددة لها، لم يكن في حساب المريضة أن إدارة مستشفى «الحياة» ستضعها «في موقف حرج». تنفيذاً لتعليمات طبيبها، توجّهَت إلى المستشفى لإجراء فحوصاتها الطبية. إلا أن عاملة مكتب الدخول«طالبتني بدفع 300 ألف ليرة سلف». وأوضحت أن هذا المبلغ هو «deposit» (عربون) يضعه المستشفى في صندوقه كـ«ضمانة تحفظ حقوقه المادية إذا تبين أن المريض عاجز عن دفع الفاتورة».
مرضى آخرون تواصلت معهم «الأخبار»، أكدوا أن مستشفيات خاصة عدة باتت تفرض السياسة نفسها، متذرعة بقوانينها الداخلية وبأن «بعض المرضى يجرون فحوصاتهم الطبية من دون أن يعودوا إلى المستشفى لإجراء عملياتهم الجراحية».
يبحث الضمان خيار تعديل العقود لإلزام مرضى «الحالات الباردة» بالدفع المسبق
المدير الطبي لـ«الحياة»، الدكتور ملحم صابر، نفى في اتصال مع «الأخبار»، اتخاذ الإدارة «أي إجراء من هذا النوع»، خلافاً لما يؤكده إيصال المريضة الذي سُطِّر قبل يومٍ من تاريخ إجراء عمليتها الجراحية، مصرّاً على أن «الأمر قد يكون سوء تفاهم ليس أكثر». فيما يؤكد رئيس مصلحة المراقبة الإدارية على المستشفيات، فؤاد حليحل، أن استحصال المستشفى على أي مبلغ مادي «على سبيل التأمين»، قبل أن يخضع المريض لجراحة، أمر «غير قانوني» و«يناقض العقود الموقعة بين الصندوق الوطني الاجتماعي والمستشفيات في لبنان». وبحسب حليحل، فإن مستشفيات عدة «تطبّق اليوم هذا الإجراء نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب»، ولأن «العديد من المرضى باتوا غير قادرين حتى على دفع فرق الضمان» (10 في المئة من قيمة الفاتورة)، مفترضاً أن لجوء المستشفيات إلى خيار الـ«deposit» قد يكون آلية لتفادي حلّ نزاعاتها عبر الدعاوى القضائية التي قد تمتد إلى سنوات طويلة.
وبانتظار ما قد يصدر في هذا الإطار عن وزارة الصحة التي لم نلقَ منها جواباً، يقول مصدر في مصلحة المراقبة الطبية لـ«الأخبار» إن «اللجنة الاستشارية الطبية العليا»، التي تتضمن مهماتها «درس القضايا التي تعرض عليها من قبل المدير العام للصندوق»، تنظر اليوم في إمكانية «تعديل العقود» نتيجة الضغوطات التي يتعرض لها «الضمان الاجتماعي» من قبل المستشفيات. ومن المرجَّح أن تشمل التعديلات «إلزام المواطنين المصنفين في خانة «الحالات الباردة»، أي غير الطارئة، بدفع مبلغ الـdeposit»، ليستثنى من الإجراء مرضى الحالات الطارئة.
زينب عثمان - الاخبار