شراء العقارات في قبرص: المسيحيون قلقون

شراء العقارات في قبرص: المسيحيون قلقون
شراء العقارات في قبرص: المسيحيون قلقون

يروي لي سمير انه قرر اخيرا شراء شقة في قبرص، تكون للاستجمام وتمضية بعض الوقت في الجزيرة الهادئة والآمنة والممتعة والقريبة من لبنان. ويضيف: "ربما تكون لنا ملجأ إن توترت الاوضاع في لبنان، او ربما موطئ قدم في انتظار الحصول على تأشيرة الى بلد اوروبي او اميركي اذا اندلعت حرب جديدة. قبرص هذه شكلت ملجأ للبنانيين كثر انتقلوا اليها زمن الحرب، وقصدها البعض بالهليكوبتر او بقوارب او سفن بحرية".

وسمير ليس سوى واحد من عشرات اللبنانيين الذين باتوا يفكرون جديا في "الاستثمار القبرصي"، أضف الى ذلك، ان الجزيرة، ولجذب الاموال المستثمرة، باتت تقدم بطاقة الاقامة الدائمة لكل شخص يشتري عقارا تفوق قيمته 300 الف اورو، وتشمل الاقامة الشخص مع عائلته. وهذه الاقامة، اذا التزم اصحابها قوانين البلد، ولم يسجلوا انتهاكات ومخالفات، تتيح لهم بعد حين، التقدم بطلب للحصول على الجنسية. ويأمل لبنانيون كثر في أن تنضم قبرص رسميا الى الاتحاد الاوروبي، فيكتسبوا الجنسية الاوروبية مباشرة.

تبرز من حين الى آخر اعلانات تحض اللبنانيين على الاستثمار العقاري في قبرص القريبة من لبنان، ببُعد لا يتجاوز الـ25 دقيقة طيراناً. ويقنع اصحاب الاعلانات "المستثمرين الجدد" بان شراء شقق في قبرص لا يهدف بالضرورة الى الاقامة هناك، وانما يمكن الافادة من تأجير تلك العقارات، الرخيصة نسبيا بالمقارنة مع الاسعار في لبنان، اذ يمكن شراء شقق متوسطة المساحة بمبالغ لا تتجاوز المئة الف دولار. وهذه الشقق والفيلات، تشكل استثمارا مرحليا وللاجيال المقبلة، ويمكن بيعها لاحقا.

لكن الملاحظ ان المقبلين على الشراء، وإن كانوا جميعا في مستوى اجتماعي معيّن ومالي مقتدر، فان غالبيتهم من المسيحيين. وإقبال المسيحيين يعود لاسباب متعددة:

اولا: ان قبرص بلد مسيحي ارثوذكسي، ترأس الجمهورية منذ استقلالها المطران مكاريوس واستمر حتى وفاته عام 1977. وقد اقبل عليها الموارنة منذ زمن بعيد، ولهم في الجزيرة مطرانية ورعايا، وقصدها مسيحيون في زمن الحرب عندما اقفلت المعابر عليهم وحوصروا، فيما كان المسلمون يقصدون دمشق. وبالتالي فان لقبرص في الوجدان المسيحي حصةً وتاريخاً.

ثانيا: ان القلق الذي يساور المسيحيين في لبنان بات وجوديا، ويلجأ معظم المسيحيين، المقتدرين طبعا، للحصول على جنسية اجنبية لابنائهم، او في الحالات الدنيا الى ضمان الحصول على تأشيرات الى تلك البلدان. وهذا القلق يدفع باتجاه خيارات مُرة ومكلفة، كمثل شراء منزل في قبرص يكون ملجأ وموطىء قدم.

ثالثا: ان إقدام مستثمرين لبنانيين على انشاء مشاريع سكنية في مدن قبرصية عدة، وتشجيعهم مواطنيهم، وتوفير التسهيلات، دفعت ميسوري الحال الى الإقدام على تلك الخطوة التي تقرب من شراء شاليه على البحر او منزل صيفي في الجبال.

رابعا: تنعم الجزيرة بهدوء واستقرار وامان ونظافة في البر والبحر، ويسودها القانون، وهي مقصد سياحي عالمي، وليس فيها صراعات حزبية، وليس فيها اصوليات، ما يجعلها قبلة للراغبين في التنعم بحياة اوروبية نسبيا.

عوامل عدة تصب في مصلحة قبرص، لكن اساسها القلق الوجودي في بلد اخذ في التراجع وليس فيه مَن يعمل على معالجة اسباب الهواجس المتكاثرة. 

غسان حجار - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى