44 ألف طلب فلسطيني للفرار من لبنان

44 ألف طلب فلسطيني للفرار من لبنان
44 ألف طلب فلسطيني للفرار من لبنان

بعد اعتصامين نظمتهما "الهيئة الشبابية الفلسطينية"، أمام السفارة الكندية في الأسبوعين الفائتين، وفاق عدد معتصمي نهار الخميس الفائت ألفي شخص، يتحضر الفلسطينيون لتنظيم اعتصام ثالث لطلب اللجوء الإنساني إلى استراليا يوم الأربعاء المقبل في ساحة الشهداء، قرب مبنى الأمم المتحدة ومجمع السفارات.

4 4 ألف طلب لجوء
في محله الصغير لبيع السجاد في منطقة مجمعات داوود العلي السكنية الفلسطينية قرب صيدا، يستقبل منسق المنطقة في "الهيئة" مصطفى بِللي أقرانه الفلسطينيين لإعداد ملفاتهم تمهيداً لتقديمها إلى السفارة الكندية وسواها من السفارات الأجنبية. فبعد تنظيم الاعتصام الأول منذ نحو أيام عشر، طلبت السفارة الكندية لقاء وفد منهم لمعرفة سبب الاعتصام. وبعدما أبلغوا مساعدة السفيرة الكندية أنهم يريدون اللجوء الإنساني إلى كندا، بسبب ظروفهم الصعبة في لبنان، وكان عددهم نحو سبعمئة شخص، طلبت منهم تسليمها الطلبات تمهيداً لعرضها على الحكومة الكندية، خصوصاً أن السفارة لا تستقبل طلبات الهجرة واللجوء، إلا الكترونياً. فأبلغوا مساعدة السفيرة أن عدد الفلسطينيين الراغبين باللجوء الإنساني كبير جداً، فطلبت منهم تجميع الطلبات تمهيداً للنظر فيها.


بِللّي يستقبل طلبات اللجوء

على أثر هذا اللقاء، الذي اعتبروه إيجابياً، تحركت لجان التنسيق في الهيئة الشبابية وبدأت بجمع ملفات الراغبين باللجوء. وقد وصل عدد الطلبات المقدمة إلى السفارة الكندية حتى الساعة، 44 ألف طلب للفلسطينيين القاطنين في المخيمات وخارجها، ومن بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طلب للفلسطينيين السوريين، على ما قال بللي في حديثه إلى "المدن".

ولدى سؤالنا عن عدد الطلبات الكبير المقدمة إلى السفارة الكندية، تناول بللي كيساً كبيراً تتكدس فيه نسخ آلاف الطلبات التي جمعها، كإشارة إلى عدم المبالغة في الرقم المذكور. وأردف قائلاً: "هذه الطلبات صحيحة ولأشخاص حقيقيين، فهي نسخة عن بطاقات الإعاشة التي تمنحها الأونروا للاجئين الفلسطينيين، وهي بطاقة تعريف بهم". وشرح طبيعة هذه الطلبات مؤكداً أن أغلبها لفلسطينيي 1948، وجزء قليل منها لفلسطينيي 1967، ولنحو ثلاثة آلاف فلسطيني سوري. وهناك نحو خمسمئة لبناني متزوجين من فلسطينيات يملكون بطاقة الإعاشة.

هرباً من المخيمات - السجون
في إشارة من بللي إلى رغبة الفلسطينيين العارمة بمغادرة من لبنان، قال: "ببساطة لا نملك أي حقوق في لبنان وعلى رأسها أبسطها، أي التملّك. ثم إن المخيمات الفلسطينية باتت سجوناً صغيرة تسورها الجدران الإسمنتية. وليس في لبنان عمل للبنانيين، فكيف بالفلسطينيين الذين بات عليهم اليوم الحصول على إجازات عمل، ما جعلهم غير لاجئين، بل أجانب أسوة بغيرهم من الأجانب، من دون حصولهم على الحقوق التي يتمتع بها الأجانب في لبنان. فعندما يتعلق الأمر بحق التملك، يعتبروننا لاجئين، وعندما يتعلق الأمر بحق العمل يعاملوننا معاملة الأجانب.

وبحسرة أضاف: "أنظر، أنظر كيف نعيش. هل أحدثك عن الأونروا؟ منذ العام 1993 حتى اليوم تقلصت خدماتها وتقديماتها، فباتت اليوم صفراً. في السابق، أيام الوفرة، كنا نوزع الإعاشات حتى على اللبنانيين. اليوم باتت الأنروا تدفع دولاراتخمسة للفرد كل أشهر ثلاثة بدل إعاشة. في المستوصفات الوضع ليس أفضل. نضطر إلى الوقوف على أبوابها ساعات، وجل ما فيها بعض الأدوية المسكنة للأوجاع. وعندما يعترض أحد يقولن له: الدول المانحة أوقفت تمويل الأونروا. لكن حقيقة الأمر أن المنظمة لديها عشرات آلاف الموظفين في العالم، كلفة رواتبهم أعلى بكثير من التقديمات للفلسطينيين. مثلاً المسؤول عن ملف إعادة إعمار مخيم نهر البارد يصل راتبه الشهري إلى أكثر من 25 ألف  دولار". ويحتج غاضباً: "وزِعوا تلك الأموال على الفلسطينيين، فترونهم جالسين على الحدود ينتظرون حق العودة من دون المطالبة بأي شيء آخر".

مجمع داوود العلي 
سبق لبللي أن سجّل مؤسسته الصغيرة لبيع السجاد باسم والدته اللبنانية، نظراً للصعوبة التي يواجها الفلسطيني في الحصول على الرخص المطلوبة والمبالغ الطائلة التي عليه إيداعها في المصرف. لكن بعد وفاة والدته بات صعباً عليه تجديد رخصة العمل. فوزارته طلبت منه توقيعاً من والدته المتوفاة أو نقل المؤسسة إلى اسمه، ما يتطلب منه تأمين إيداع مصرفي بستين مليون ليرة لا يملك منها إلا بعض قطع السجاد المتناثرة في محله الصغير في طبقة سفلية من بنانة قديمة في محلة مجمع داوود العلي.

إلى جانب بللي رجل ستيني من أوائل الفلسطينيين الساكنين في المجمع، فوصف كيف كانت المنطقة أرضاً بوراً قبل بدء الراحل العلي الفلسطيني بتشييد المباني السكنية فيها في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، وبيعها للفاسطينيين المقتدرين على الخروج من المخيمات. وتحولت المباني في مطلع التسعينيات مقصداً لتملك اللبنانيين شققاً فيها. ورغم تمددها العمراني، وسكن اللبنانيين فيها بكثرة، ظل المجمع يطفو على مياه الصرف الصحي بسبب غياب بنية تحتية مؤهلة. وعلى سطح الأرض ليس من مياه صالحة للشرب، أو حتى للاستخدام. فالمجمع القريب من البحر يعتمد على الآبار الارتوازية المالحة المياه. والشوارع المنشأة فوضوياً في المجمع الكبير مهترئة، وجمع نفاياته لا يحدث إلا لماماً. فشعب المجمع الفلسطيني لا أصوات انتخابية نيابية له، ولا بلدية. واللبنانيون القاطنون فيه يصوتون في أماكن قيد نفوسهم.

الرجل الستيني لم يكف عن الثناء على كلام بللي. بين الفينة والأخرى كان يقول كلمات معبرة عن مأساة الفلسطينيين في لبنان وحرمانهم من أبسط حقوقهم. فلدى سؤالنا عن إمكان أن تكون هناك صفقة ما كامنة لترحيل الفلسطينيين من لبنان، تزامناً مع "صفقة القرن"، بناءً على تعامل السفارة الكندية المستغرب معهم، جاء الجواب واضحاً: "نستطيع الحفاظ على حق العودة ونحن لاجئون في كندا، ولدينا حقوقنا الكاملة هناك. نفضّل هذا الخيار على البقاء في بؤسنا الحالي في لبنان".
وماذا عن الخطوات اللاحقة التي تعتزمون تنظيمها، إضافة إلى اعتصام الأربعاء الماضي أمام السفارة الأسترالية؟
نخطط لتنظيم اعتصامات أمام السفارات الأوروبية كلها، لطلب اللجوء الإنساني، قال بللي.

تجمع الفلسطينيين أمام السفارة الكندية، لمشاهدة الفيديو إضغط هنا

وليد حسين - المدن

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى