تخيلوا أن يكون الإنسان من دون جنسية وبطاقة تعريف وهوية، فكيف سينعكس هذا كله على حياته ومعيشته وحريته وحقوقه في التعليم والاستشفاء والتنقل وبناء أسرة؟! تخيلوا أن يحرم الفرد من أبسط مقومات وجوده؟
هذا ما جاء في كلمة ألقيت في مؤتمر صحافي عقدته "الحملة العالميّة لحق المساواة في الجنسيّة" في بيروت يوم الخميس 29 آب الجاري، على هامش انعقاد الاجتماع الإقليميّ لـ"المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" حول تحقيق حقوق متساوية بين الجنسين، وعلى رأسها الحق في الجنسيّة.
أسرار الأمن العام
واعتبرت المديرة التنفيذية لمنظمة النساء للتعلم لينا أبو حبيب، أن من عاش في حقبة ما قبل الحرب اللبنانية، يدرك جيداً أن لبنان اليوم ليس كما كان قبل الحرب على مستوى قمع الحريات وتجاوز حقوق الإنسان، واستسهال عدم منح المرأة أبسط حقوقها. والأسوأ أن رئيس الجمهورية رد منذ مدة قصير قانوناً إلى البرلمان يسمح لأولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من مواطنين من "دول الجوار" بالعمل من دون الحصول على إجازة عمل، علماً أن الأمر يعتبر من أبسط حقوق الإنسان. وهذا لا يبشر بالخير في ما يتعلق بحصول المرأة على حقها في منح الجنسية لزوجها وأولادها.
ولفتت أبو حبيب إلى أن الأمن العام اللبناني منع في المطار دخول سيدتين فلسطينيتين إلى لبنان، للمشاركة في الاجتماع الإقليمي لأسباب مجهولة. وأوضحت لـ"المدن" أن هاتين السيدتين حصلتا علي تأشيرات دخول، وليست المرة الأولى التي تشاركان فيها بمؤتمرات في بيروت. وإذ رد البعض السبب إلى وجود قرار حديث صدر عن وزير العمل يقضي بمنع دخول الفلسطينيين الأردنيين من حاملي جوازات سفر يوجد عليها ختم أخضر خاص بالجوء السوري، شدّدت أبو حبيب على ضرورة التحلي بالصراحة والقول إننا لا نزيد استقبال الأشخاص القادمين من دول الجوار، لا منح تأشيرة دخول لهم، وثم منعهم من الدخول إلى لبنان.
قوى سياسية داعمة
رداً على استفسار "المدن" عن مشروع اقتصر على منح الجنسية لأولاد اللبنانية الذين لم يتجاوزوا الـ 18 عاماً، ولم يشمل الأزواج، لفتت كريمة شبو من حملة "جنسيتي لي ولأسرتي" إلى أن مشروع القانون الذي قدمته رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق المرأة كلودين عون روكز مجحف في حق النساء، وهو من أسوأ القوانين المطروحة في لبنان. إذ ابتدع تمييزاً جديداً بين الرجال والنساء، وبين أولاد المرأة اللبنانية في البيت الواحد، طالما أنه شمل حق الجنسية لمن هم دون سن الثمانية عشرة عاماً فحسب، واستثنى الأزواج من حقهم في الحصول على الجنسية اللبنانية.
وشدّدت شبو على وجود قوى سياسية داعمة لحقوق النساء، وبرزت في مشاريع القوانين التي تقدم بها النائب هادي أبو الحسن عن الحزب التقدمي الاشتراكي، ورولا الطبش عن تيار المستقبل. واعتبرت أن القوى السياسية الأخرى التي تؤثر في قرارات الحكومة ما زالت ترفض حق النساء في منح الجنسية للأزواج والأبناء، بحجج واهية.
نساء الشرق الأوسط
وجاء في التقرير الذي أطلقته "الحملة" أن نحو خمسين دولة في العالم ما زالت تعتمد قوانين تمييزية بين النساء والرجال، وتمنع عن المرأة حق منح الجنسية لزوجها وأطفالها. وأظهر التقرير أن نصف الدول التي ما زالت قوانينها تمييزية موجودة في الشرق الأوسط. واعتبرت مديرة الحملة كاترين هارينغتون أن قوانين الجنسية التي تميّز بين الجنسين تضر بمصلحة الأطفال وتحرم المرأة من المواطنة المتساوية وتعوق التنمية المستدامة، وأن حل هذه المشكلة بسيط ويتمثل في التزام الحكومات بمبدأ المساواة بين الجنسين وسنّ قوانين وإصلاحات تحقق المساواة بين الرجل والمرأة في منح الجنسية.
تشمل الحملة العالمية لحقوق للمساواة في حقوق الجنسية أعضاء اللجنة التوجيهية في المساواة الآن، وصندوق المساواة في الحقوق، ومعهد انعدام الجنسية والإدماج، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة التضامن النسائي للتعلّم، ومفوضية اللاجئين النسائية، وأعضاء التحالف في إفريقيا ومنطقة الكاريبي والشرق الأوسط والجنوب وجنوب شرق آسيا. وتظم منظمات حقوقية تعنى بشؤون المرأة من دول كثيرة: لبنان ومعظم الدول العربية وكثرة من الدول الآسيوية والإفريقية.
وليد حسين - المدن