ما زالت تتفاعل في الشارع قضية الناجحين في الشهادة الثانوية - نتيجة خطأ تقني ارتكبه موظف في وزارة التربية، بإضافته علامات على مادة الفلسفة - والراسبين بعد تصحيح الوزارة الخطأ. ولم يقتصر الاحتجاج على أهالي هؤلاء الطلاب، بل انضم إليهم معترضون ومشككون بأداء وزارة التربية في كيفية إدارة الامتحانات في شهادة البروفيه.
عدوى الشك
أقدم عدد من أهالي طلاب الشهادة الثانوية إلى الاعتصام وقطع الطرق أمام مبنى وزارة التربية يوم الإثنين في 19 آب الجاري، وانضم إليهم أهالي طلاب من مرحلة المتوسطة، معتبرين أن امتحانات أبنائهم مشكوك فيها أيضاً. ورغم لجوء الوزارة إلى تصحيح الخطأ، واستقالة الموظف الذي ارتكبه، ما زالت الشكوك حول أداء الوزارة تثير غضب الأهالي. فأكّدت والدة أحد الطلاب زينب ترمس، في حديث إلى "المدن"، أن اعتصامهم مفتوح حتى تصدر الوزارة إفادات بنجاح جميع الراسبين. وقالت: "الوزارة أشبعتنا كذباً. الوزير تراجع عن وعده بفتح ملف الامتحانات، ليتسنى للأهالي الاطلاع عليها والتأكد من عدم وجود أخطاء".
ورداً على استفسارنا عن أن الخطأ حصل في مسابقة الفلسفة في الشهادة الثانوية، وليس من أخطاء في نتائج الشهادة المتوسطة، لفتت المرأة إلى أن الأهالي حصلوا على معلومات عن تزوير في النتائج التي أصدرها المصححون من دون قراءتهم مسابقات أولادهم.
كاميرات ومدارس غير قانونية
ويعتبر الأهالي، وفق ترمس، أن ظلماً لحق بالطلاب بدأ بتركيب كاميرات مراقبة الامتحانات، ما أدى إلى إرهابهم الذي خفض نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية. وأضافت أن الوزارة اعتمدت على اساتذة جدد للتصحيح، خلافاً للقانون الذي يفرض مرور سنوات ثلاث تدريس ليحق للأستاذ القيام بالتصحيح. وذكرت أن طالباً نال علامة واحدة على مادة التاريخ، وبعد المراجعة تبين أنه حصل على 27 من أصل 30. وأضافت أن الأهالي يطالبون بإعادة تصحيح كل مسابقات المرشحين الذين رسبوا. لكن إمعان الوزارة في تجاهل مطالبهم، حملهم على التصعيد والمطالبة بمنح أبنائهم إفادات نجاح، واعتماد امتحانات دخول تجريها الثانويات والجامعات لقبولهم فيها.
مصادر وزارة التربية أكّدت لـ"المدن" أن الخطأ الذي حصل عولج، ومن رسب عليه التقديم لامتحانات السنة المقبلة. وشددت المصادر على عدم وجود أي خطأ في الشهادة المتوسطة، وأن الوزارة تعتمد مصححين ثلاثة من الأساتذة الأكفاء. لذا لن ترضخ الوزارة لطلب الأهالي بإعادة التصحيح أو بمنح الإفادات. وأضافت المصادر أن الدروة الاستثنائية التي تعتزم الوزارة إجراءها ستكون محصورة بالطلاب الذين حرموا من الامتحانات سابقاً، بسبب عدم حصول المدارس التي تقدموا فيها للامتحانات ترخيص قانونية.
خلافات ومؤامرة على الوزير
ويبدو أن خلافات تدور بين أهالي الطلاب وممثليهم حول الانتقادات الموجهة لوزارة التربية وكيفية معالجة الموضوع. فبينما تعتبر ترمس أن رابطة طلاب لبنان، التي أعلنت عن عدم مشاركتها في الاعتصام، مدسوسة من قبل وزارة التربية، لفت محسن مظلوم، ممثل رابطة طلاب لبنان، أنهم كرابطة لم يشاركوا في الاعتصام مفضّلين التواصل مع رئيسة دائرة الامتحانات في الوزارة أمل شعبان، لعقد لقاء معها وشرح حيثيات الموضوع. هذا رغم أنهم يعتقدون أن ما يطالب به الأهالي هدفه إنصاف الطلاب. وإذ شدد على عدم ثقة الرابطة بما قالته الوزارة عن علاجها الخطأ وصحة النتائج، لفت إلى رفض الرابطة منح الإفادات، كما يطالب بعض أهالي الطلاب، متمنياً على الوزارة إعادة الامتحانات أو تصحيحها من جديد، وتوضيح الملابسات وتطمين الأهالي.
وأشار مظلوم إلى حصولهم على معلومات عن مؤامرة معينة ضد وزير التربية، لدفعه إلى الاستقالة من منصبه، مشيراً إلى أن الخطأ الذي ارتكبه الموظف ربما كان مقصوداً كي يؤدي إلى فضيحة في البلد. ورغم تشكيك الرابطة بالنتائج ومطالبتها بتوضيحات من الوزارة، اعتبر أن من غير الجائز إلقاء جميع الأمور السيئة على عاتق الوزير، الذي قام بأمور إيجابية كثيرة منذ تسلمه الوزارة.
الوزارة تشرح
تعقيباً على اعتراض الأهالي أصدرت وزارة التربية بياناً لفتت فيه إلى أن وزير التربية كلّف التفتيش التربوي إجراء التحقيقات اللازمة لكشف كامل الملابسات المرتبطة بالخطأ التقني، الذي حصل في نتائج شهادة الثانوية العامة في فرعي الآداب والإنسانيات والاجتماع والاقتصاد. وتبين أن الخطأ حصل بسبب إدراج خانة لرقم الموضوع الذي اختاره المرشح في شبكة التصحيح، واحتساب هذا الرقم وضربه بعامل التثقيل المقرر للمادة كما يلي: رقم الموضوع ضرب 3 في فرع الانسانيات وبـ 2.5 في فرع الاجتماع والاقتصاد، ما أفضى إلى زيادة تتراوح بين 3 و9 علامات لصالح مرشحي فرع الآداب والانسانيات، و2.5 و7.5 علامات لفرع الاجتماع والاقتصاد. وبعد إجراء التصحيح اللازم تغيرت النتيجة ورسب 25 مرشحاً في فرع الآداب والانسانيات و164 مرشحاً في فرع الاجتماع والاقتصاد.
واعتبرت الوزارة أن عملية تصحيح الخطأ جرت على نحو يضمن حق المرشح بالعلامة التي منحتها اللجان الفاحصة، مشددة على أن حق المرشح بطلب إعادة النظر في الخطأ المادي فقط، المنصوص عنه في المادة الثامنة من المرسوم 5697، فإن كافة أشكال المطالبة بإعادة التصحيح أو إعادة النظر بالنتائج أو منح افادات، تعتبر غير محقة.
وليد حسين - المدن