أخبار عاجلة
حركة الأسواق التجارية خجولة! -

اقتُرحت لجنة أمنيّة - عسكريّة للتحقيق "المعلومات" خارجها

اقتُرحت لجنة أمنيّة - عسكريّة للتحقيق "المعلومات" خارجها
اقتُرحت لجنة أمنيّة - عسكريّة للتحقيق "المعلومات" خارجها

لا أحد يحسد الرئيس ميشال عون على وضع الجمهوريّة التي يترأّس سواء كان مُحبّاً له أو مُنتقداً لعدد من سياساته والتصرّفات، أو معارضاً له بل معاديّاً لكل طروحاته السياسيّة ولمواقف "تيّاره الوطني الحر" برئيسه ونوّابه ووزرائه. فالوضع الاقتصادي مُتردٍّ في البلاد، والوضع النقدي والمالي في خطر، والاستقرار الأمني والسياسي بالغ الهشاشة. وهذا ما أكّدته حادثة قبرشمون وقبلها حادثة الجاهليّة اللّتان وضعتا شعوب لبنان على حافة "المهوار" أي على حافة الانزلاق نحو الحروب الأهليّة أو الفتن على الأقل، والميثاقيّة التي يدّعي الجميع التمسّك بها هي موقف حقّ يُراد به باطل، والوحدة الوطنيّة غائبة سواء أيّام السلم الداخلي المفروض بقوّة السلاح من داخل أو من خارج أو أيّام الحروب مع اسرائيل. في اختصار الدولة في حال من "الكوما" بمؤسّساتها كلّها عدا العسكريّة والأمنيّة منها، علماً أنها تُعاني الكثير جرّاء غياب وحدة القرار والرأي والموقف، وغياب الاستراتيجيا الوطنيّة وتعدّد الولاءات وتناقضها سواء في الداخل أو في الاقليم. لكن ذلك كلّه لا يمنع حقيقة مُهمّة هي أنّ الناس بل الشعوب تريد من الرئيس عون الكثير لأنّه في سدّة المسؤوليّة، ولأنّه وعد بإصلاح وتغيير قبل وصوله إلى قصر بعبدا وبمحاربة الفساد وبناء دولة و... ولم يفِ بوعده. طبعاً لا تقع المسؤوليّة عليه وحده بل يُشاركه إيّاها زعماء "الشعوب" اللبنانيّة على تنوّعهم وتناقضهم، لكن ذلك لا يُقلّل من حجم مسؤوليّته. إذ بدلاً من أن يتصرّف كرئيس للبلاد ومن أن يسعى إلى توحيد شعوبها على صعوبة ذلك تحوّل وإلى حدّ بعيد زعيماً لـ"شعب" أو لغالبيّة "شعب" وحليفاً للأقوى في "شعب" آخر. وكان في إمكانه نظراً إلى تعذُّر توحيد "الشعوب" البقاء خارجها والعمل بصدق وإخلاص لتحسين الأوضاع بعيداً من الأقرباء والأنصار. وربّما هذا ما حاول القيام به الرئيس الراحل الياس سركيس رغم أنّ رئاسته جاءت في مرحلة حرب ضارية، ودفع الكثير جرّاء ذلك على يد الذين انتخبوه وقبلهم على يد الذين قرّروا وصوله إلى الرئاسة كما على يد "أبناء شعبه". وإذا كان نجاحه مُتعذِّراً في حينه فإنّ نجاح عون "المترفِّع" عن الجميع في هذه المرحلة كان يمكن أن تكون له نتائج معقولة وإن غير نهائيّة. كما كان يمكن أن يسمح للبنانيّين المختلفين على كل شيء بانتظار الحلول الكبرى في المنطقة التي من دونها لا حلّ نهائيّاً في لبنان. لكنّه لم يفعل وصار هو جزءاً من المشكلة مثل زميليه في رئاسة المؤسّسات الدستوريّة. علماً أن أحدهما وهو رئيس مجلس النوّاب يسعى قدر الإمكان وكلّما سنحت الظروف إلى منع التدهور. أمّا الآخر وهو رئيس الحكومة ومجلس الوزراء فنيّته قد تكون طيّبة لكن إمكاناته الخاصّة والعامّة لا تسمح بترجمتها أعمالاً ملموسة.

في أي حال لا بُدّ في هذا المجال من متابعة الكتابة عن التحرّكات التي أعقبت حادثة قبرشمون ليس لنكء جروح، وإنّما لدفع الناس إلى الحذر وعدم الانجرار فوراً إلى ردود فعل عند أي حادثة مُشابهة قبل معرفة الخبايا. وفي هذا المجال تشير المعلومات المتوافرة إلى أن وحدة الموقف داخل "القبيلة" الحاكمة مؤسّستها فقط لا تزال الخلافات قائمة بين كبارها. وقد احتدمت في المرحلة الأخيرة من دون أن يكون سببها وقوف فريق مع جنبلاط وآخر مع ارسلان. وتردّد أن إحدى "مستشارات" الرئيس كادت أن تستقيل جرّاء استفحال خلافها مع صهره الوزير باسيل، لكن المساعي أقنعتها بالعدول عن ذلك. وهي تشير أيضاً إلى أن الزعيم الدرزي الأبرز لم يكن مُطّلعاً في البداية على التحقيقات. لكن عندما كبرت الأمور وبدأ الاستغلال البشع لها طلبها من الجيش وقوى الأمن الداخلي، ولم يرَ فيها أي شيء يشير إلى مكمن لقتل الوزير الغريب أو الوزير باسيل. وتشير ثالثاً إلى أنّه في أثناء الاجتماعات بين عون و"جماعته" من مسؤولين وغير مسؤولين جرى إحصاء لمعرفة عدد الوزراء الذين سيُصوّتون للإحالة إلى المجلس العدلي والآخرين الذين سيصوّتون ضدّه. وهنا وجّه الرئيس سؤالاً أقلق الجميع. وتشير رابعاً إلى أن اقتراحاً باجراء تصويت سرّي في مجلس الوزراء حول هذا الموضوع. لكنّه لم يلقَ تجاوب أطراف آخرين لأنّه غير شفّاف وربّما غير دستوري. وتشير خامساً إلى أن اقتراحاً طُرح بتأليف لجنة من الجيش والأمن العام وأمن الدولة للتحقيق في حادثة قبرشمون وملابساتها. فرُفض من جهات عدّة سألت أين الأمن الداخلي وجهاز شعبة المعلومات فيه؟ فهي التي حقّقت. واستبعادها يعني عدم ثقة فيها ورغبة في إبعادها لأسباب متنوّعة. فهل تعمّد المعنيّون ذلك. وهل كانوا يعون أنه يحرج الحريري "الحليف" لطارحي الاقتراح اليوم وربّما موقّتاً، ويضطرّه إلى رفضه كما أنه يغضب "شعبه" وخصوصاً بعدما طُيّفت ومُذهبت الأجهزة المتنوّعة؟

في النهاية اعتبر أخصام جنبلاط أن أميركا أنقذته بـ"بيانها القصير" والرسمي في آن مُبرّرين بذلك "التسوية" التي لم "تقضِ" عليه. وإذا كان أعداؤه يعرفون أنّه وغالبيّة الدروز قادرون على تحريك أميركا وفرنسا وغيرها فلماذا "دقّوا" بهم؟ وفي النهاية أيضاً حمّل الأخصام أنفسهم جنبلاط مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي والليرة. علماً أنه حقيقة مُزمنة ومسؤوليّة تقع على الدولة والزعامات كلّها وعلى مواقفها.

لكن السؤال الذي يطرحه الناس اليوم هو هل "سيروق" باسيل ويُغيّر عادته ويتصرّف بحكمة وتعقُّل ومن دون استفزاز تلافياً لقبرشمون أخرى درزيّة أو مسيحيّة أو سُنيّة أو ربّما شيعيّة؟ لا جواب واضحاً عن ذلك. لكن غيابه عن "مجلس وزراء المصالحة" أثار القلق وبعد موقف حليفه وزير الدفاع. فهل يُقرّر الرئيس إبقاءه هادئاً بمساعدة حليفه الأكبر "حزب الله"؟

سركيس نعوم - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى