أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

العهد المخيِّب للآمال

العهد المخيِّب للآمال
العهد المخيِّب للآمال

فوجىء المراقبون الذين استمعوا الى الخطاب الذي القاه الرئيس ميشال عون في حفل تخريج الضباط في عيد الجيش، بجملة مواقف متقدمة في زمن يحفل بأزمات سياسية كبيرة، منبعها الرئيس نفسه ومعه البطانة. وقد توقف كثيرون عند الفقرة التي تناول فيها دستور الطائف قائلا: "لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبّتها اتفاق الطائف، الذي يشكل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي لأي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته". فقد بدا الرئيس عون كأنه يتحدث عن واقع آخر مختلف عما تمر به البلاد، كما بدا كأنه يتحدث عن دستور الطائف الذي ما مر يوم منذ انتخابه إلا وعمل جاهدا، مع بطانته المقربة، على محاولة افراغه من محتواه، وتدميره بالتقسيط عبر ممارسات اقل ما يقال فيها انها اعادت ايقاظ الكثير من الغرائز التي كانت نائمة، وذلك في تناقض صريح مع زعمه عند انتخابه وفق تسوية رئاسية كارثية، بانه أتى ليرسّخ المصالحة اللبنانية بشكل نهائي! وما حصل خلال الأعوام الثلاثة التي مضت على وصول عون الى قصر بعبدا، انه بسلوكه السياسي، وحتى العائلي، اشعل فتيل الهواجس في طول البلاد وعرضها. وقد سبق ان قلنا اكثر من مرة ان سلوك الرئيس عون على مختلف المستويات، ما اقتصر على تولية العائلة مواقع ومناصب على نحو لم يسبقه اليه رئيس من قبل، مناقضاً كل ادبياته القديمة التي كان يحاول من خلالها تقديم نفسه معارضاً للاقطاع السياسي، وللعائلية السياسية التي لطالما تغنّى بانه جاء للاجهاز عليها، واذا بالرئيس يبني إقطاعاً عائلياً في السياسة وغيرها، ما حصل في تاريخ العائلات السياسية اللبنانية. ومن يدقق بتوزيع الاسماء والمواقع يكتشف بسهولة ان خطاب الأمس جرى مسحه بالممارسة منذ الحادي والثلاثين من تشرين الأول 2016.

بالعودة الى موضوع الطائف حيث التناقض واضح بين الاقوال والأفعال، يمكن العودة الى جانب مما قاله الرئيس نجيب ميقاتي في الإعلام أخيراً عن الممارسة السائدة منذ انتخاب عون رئيسا. فالمسلسل ما توقّف يوما، وهو مستمر في شكل منهجي، بتناغم مخيف بين طرفين يتقاسمان وظيفة الاجهاز المتدرج على دستور الطائف، عنينا "حزب الله" والرئيس عون وتياره السياسي. وقد أدى الامر في أحيان كثيرة الى إحراج رئيس الحكومة الضنين بالحفاظ على الحد الأدنى من تماسك الحكومة والاستقرار السياسي، بسبب حدة التحديات الاقتصادية الداهمة، فيما بدا جليا خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة ان عون ما حاد عن مسار ضرب دستور الطائف، مستعينا مع نسيبه ووريثه المعلن الوزير جبران باسيل بشعار "استعادة حقوق المسيحيين"، زارعاً بواسطة باسيل خطاباً تعبوياً كثيرا ما لامس حدود بث الكراهية، والتحريض الطائفي، وايقاظ الغرائز السلبية بما ذكَّر الكثيرين بمرحلة الحرب عندما كان اللبنانيون يُقتلون "على الهوية"!

لقد عارضنا انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، لكننا لحظة انتخابه احترمنا وما زلنا موقعه رئيسا لكل اللبنانيين، ولكن لا يسعنا سوى ان نعترف باصابتنا بخيبة كبيرة من جراء ما حصل في النصف الأول من ولايته على مختلف الصعد، لان الواقع سيىء، والرئيس بفشله في ان يتبوأ موقع الحَكَم الحكيم، اسهم الى جانب الحالة الشاذة التي يمثلها "حزب الله" في مفاقمة الازمة بما يتجاوز مرحلة الشغور الرئاسي بأشواط! 

علي حمادة - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى