أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

المناورة الجديدة: محكمة عسكرية "طيعة" تعاقب جنبلاط وحزبه

المناورة الجديدة: محكمة عسكرية "طيعة" تعاقب جنبلاط وحزبه
المناورة الجديدة: محكمة عسكرية "طيعة" تعاقب جنبلاط وحزبه

أصبحت لعبة توزيع الأدوار واضحة. تارّة يصعّد النائب طلال ارسلان، مقابل إظهار اللين من حزب الله والتيار الوطني الحرّ، وطوراَ يتمسك حزب الله بالتصعيد، مقابل إبداء مواقف إيجابية من رئيس الجمهورية حيال عقد جلسة حكومة، حرصاً على العهد. لكن في المقابل لا يتخلّى عن مبدأ طرح ملف إحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي، بما يؤدي إلى انقسام حكومي عمودي ينذر بمخاطر جمّة. لعبة توزيع الأدوار هذه، تؤشر إلى خلاصة واحدة مفادها، حسبما تلخّصها شخصية سياسية نافذة: المطلوب هو رأس وليد جنبلاط.

القوى الثلاث
كانت اللعبة واضحة سياسياً، أمنياً، عسكرياً ومالياً. ولا تزال تتنقل بين أساليب مختلفة للنيل من الرجل، سواء بالمجلس العدلي أو بالمحكمة العسكرية راهناً، وعلى ضوء كل التدخلات التي تحصل مع قضاة المحكمة العسكرية لتغيير وجهة التحقيق كلياً، وإعادة رسم الحادثة في نصاب مغاير تماما لوقائع التحقيقات، وحرفها نحو مسار سياسي يخدم خصوم جنبلاط. وتلتقي مصالح القوى الثلاث على مبدأ النيل من جنبلاط. فإرسلان طامح لتعزيز دوره السياسي والدرزي، مستنداً على تحالف مع حزب الله والتيار الوطني الحرّ. ولرئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل مواقف معروفة من جنبلاط، تهدف إلى الثأر منه نتيجة نزعات قديمة وصفها جنبلاط أكثر من مرة بأنها نزعات حاقدة. كما أن عون يريد تطويع كل خصوم عهده، ويريد أن يظهر للمسيحيين بأنه الزعيم الذي كسر الأقوياء كجنبلاط حالياً، والرئيس نبيه بري سابقاً ومستقبلاً، بينما الحريري أصبح مطواعاً بين يديه. أما حزب الله، فلحساباته مع جنبلاط بعد استراتيجي، لأنه في زمن أصبح فيه الكلام الاعتراضي ممنوعاً.

تجتمع الأسباب المختلفة لهذه القوى على محاصرة وليد جنبلاط وتطويقه، بينما من الواضح أنه لا يتراجع، وليس في وارد التراجع. خصوصاً أن عموم الدروز يسيرون إلى جانب المختارة، لأنها تمثّل رمز القوة والصمود بالنسبة إليهم. وبالتالي، عندما سيستكين جنبلاط أو سيتراجع أو سيتنازل في قضايا تمس حصانة الطائفة، فإن ذلك سينعكس سلباً على الرأي العام الدرزي وعلى شعبيته. وهذا ما عايشته المختارة في الكثير من المحطات. إذ يأخذ زعماؤها مواقفهم "للتاريخ"، ولو كان الموقف على حساب حياتهم. وهذا ما تقوله السيرة التاريخية، والتي يبدو أن وليد جنبلاط لن يحيد عنها كما والده وجده وجد جده. وهو يعلم أن الخطر أصبح يطرق بابه، لكنه مصمم على المضي بإصراره، ولو كان الوحيد الذي يقول "لا"، ليس في لبنان وحسب بل من سوريا إلى فلسطين، ويعلم أنه قد يدفع ثمن مواقفه هذه، كاستعادة للتراجيديا التي اعتادت عليها المختارة.

صراع سياسي لا طائفي
صحيح أن حادثة الجبل اختصرت حالياً المعركة المفتوحة مع جنبلاط، لكنها في حقيقتها أبعد من ذلك، والمحاولات متعددة، وكانت أولاً عبر خلق شرخ درزي – درزي، والعمل على فتنة داخل الطائفة لإضعاف زعامته. وثانياً عبر الاستفزازات التي حدثت عمداً، وكادت تؤدي إلى حرب طائفية في الجبل بين الدروز والمسيحيين، وفق السياق الذي سارت عليه الأطراف المعادية لجنبلاط. لكن الرجل بعد الحادثة، لجأ إلى زيارات لمرجعيات دينية وسياسية مسيحية، للتأكيد بأن الصراع سياسي وليس طائفياً. وهذا ما جرى التشديد عليه في القمة الروحية، وما أكده أيضاً سمير جعجع، الذي أبعد شبح الانقسام الطائفي عن الجبل والبلد ككل، بوضع الأمور في نصابها السياسي.

وبما أن لعبة توزيع الأدوار تبدو واضحة، فإن رئيس الجمهورية هو الذي يصر على إحالة الملف على المجلس العدلي. وهذا كان جزءاً أساسياً من اللقاء الذي جمعه والحريري قبل عشرة أيام. وكذلك بين الحريري والوزير جبران باسيل قبل يومين. ما يؤكد أنه لا يمكن الفصل بين عون وباسيل. ورداً على الضغط الذي مورس على الحريري لعقد جلسة يطرح فيها ملف المجلس العدلي على التصويت، أصر جنبلاط على موقفه، وإلى جانبه كل من الرئيس نبيه بري والقوات اللبنانية. الأمر الذي دفع الحريري إلى البقاء على ثباته منعاً لانفجار حكومته.

جلسة حكومية؟
في المشهد العام حتى الآن، ربح وليد جنبلاط الرهان السياسي على عدم عقد جلسة حكومية يطرح فيها المجلس العدلي على التصويت. وهذه أصبحت ثابتة. بالتزامن، يأتي اتصال رئيس الجمهورية برئيس الحكومة بموجب المادة 53 من الدستور، طالباً منه عقد جلسة حكومية سريعة. قد تكون الخطوة منسقة بين الرئيسين، لكن الأكيد أن الجلسة - إذا ما عقدت أوائل الأسبوع - فلن يطرح على جدول أعمالها ولا خلالها ملف المجلس العدلي. وهنا ثمة من يطرح سؤالاً حول سبب تعطيل الحكومة طوال هذه الفترة وفق شرط الإحالة على المجلس العدلي، وفيما بعد يشاركون في الجلسة من دون طرحه على التصويت؟ الجواب السريع يأتي أن هذا يظهر النوايا المبيتة التي تهدف إلى تطويع البلد، وضرب جنبلاط، واستمرار الحرب على الصلاحيات وفرض اعراف جديدة وإملاءات سياسية. أما بحال عقدت الجلسة وطرح الملف من خارج جدول الأعمال، فهذا يعني أن الأمور ستنحو باتجاهات خطيرة.

المحكمة العسكرية وإعادة التحقيق
في المقابل، تفيد بعض المعطيات أن ارسلان وحلفاءه قد سلّموا ان يبقى الملف في عهدة المحكمة العسكرية، الأمر الذي وافق عليه جنبلاط بداية. لكن بدأت موجات من علامات الاستفهام تطرح، على خلفية بعض الممارسات، سواء من خلال الإدعاء على 21 شخصاً، بما ينسف تحقيقات شعبة المعلومات ومخابرات الجيش. وكان الهدف هو إعادة التحقيق من البداية، وفتح الباب أمام استدعاءات جديدة. وحسب ما تؤكد المصادر، أن ثمة خلافاً وقع بين أحد الوزراء المحسوبين على العهد وبعض قضاة المحكمة العسكرية، إثر محاولة وضع التحقيق في سياق يخدم وجهة نظر الطرف المناهض لجنبلاط، وتكرار سيناريوهات خبرها اللبنانيون مع المحكمة العسكرية، من قضية ميشال سماحة إلى قضية سوزان الحاج.

وحسب ما تكشف المصادر أيضاً، فقد مورست ضغوط على المحكمة العسكرية من أجل تغيير القاضي فادي صوان، الذي كان موكلاً بملف التحقيق، وتسليمه إلى قاض آخر لم يكن مناوباً. ما يظهر نوايا مبيتة للتلاعب بالتحقيقات ونتائجها. فيما تفيد المعلومات أن اتصالاً تلقته المحكمة العسكرية من قبل مقربين من إحدى المرجعيات النافذة، مطالبين بتسليم الملف إلى "قاض طيّع". هذا التعاطي مع المحكمة العسكرية، يؤشر إلى نقطتين. الأولى، أن الانتقام من جنبلاط سيكون أقسى، لأنه نجح في فرز البلد سياسياً وسجّل انتصاراً في عدم إحالة الملف على المجلس العدلي. الثانية، أن المبدأ الأساسي هو تصفية الحساب معه، للأسباب المذكورة سابقاً، ولوضع رأس حزبه على المقصلة من خلال المحكمة العسكرية، كما كان يراد للمجلس العدلي أن يفعل، طالما أن المحقق في المجلس العدلي الذي يتسلّم الملف سيكون معيناً من قبل وزير العدل.

الموقف الصلب وحزب الله 
يعرف جنبلاط وحلفاؤه مدى خطورة الوضع، والإصرار على ضربه، الذي سيكون مقدمة لضرب القوى السياسية الأخرى. ولذلك، فإن البلاد دخلت في مرحلة سياسية جديدة وضارية، بأسلحة متعددة، ولن يكون بالمقدور التراجع فيها بسهولة. ومحاولات "تركيب الملفات" في المحكمة العسكرية -حسب توصيف مصادر الإشتراكي - لن تمرّ، لأن هناك حراكاً سياسياً سيطلقه التقدمي في الأيام المقبلة لمواجهة هذا المسار والتلاعب.

في هذا السياق، بقي جنبلاط على موقفه الصلب الذي رسمه لنفسه، وهو أن "الإشكال" كما يبدو واضحاً أصبح مع حزب الله مباشرة. ولذلك تدور اتصالات متعددة لعقد لقاء بينه وبين المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل.

منير الربيع - المدن

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى