تتعدد الروايات حول الإشكال الذي قلب عرس شابين من آل "مدلج" وآل "أمهز" بين بلدتي يونين وشعث إلى مجزرة، وحوّل أجمل يوم في حياتهما، ذكرى مشؤومة لعائلتي ياسين، التي فقدت إثنين من أبنائها، وزعيتر التي فقدت أحدهم أيضاً، ولباقي المدعوين في سهرة العرس.
روايات كثيرة وموت واحد
فبين من تحدث عن "بيت عتابا" و"موال" (جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي)، وقد أطلقه مطرب السهرة علي ياسين، أثار لغطاً حول من كان مقصوداً به، حين قام المطرب بتوجيه التحية لشخص من آل طالب فظن طالب زعيتر، وهو من متمولي المنطقة، أنه المقصود به، فقام باطلاق الرصاص ابتهاجاً، إلى أن أوضح له شقيق المطرب أن الموال لشخص آخر، فغضب زعيتر وأطلق النار على المطرب وشقيقه.. وبين من تحدث عن تلاسن وقع بين المطرب ونجل طالب زعيتر، تطور إلى تضارب، فتدخل طالب زعيتر لفض الإشكال، إلا أن الأمر تطور إلى إشهار الأسلحة من قبل المطرب وشقيقه، فاستفزا أبناء زعيتر وتطور الأمر إلى إطلاق للنيران في وسط الحاضرين.. يبقى السلاح المتفلت، حتى بيد من يفترض أن يبهج الحاضرين بصوته، عنوان الصورة "الهمجية" التي خلفها الإشكال، والذي لم تقتصر تداعياته على عرس إنقلب ذكرى مشؤومة للعروسين ومعازيمهما، وإنما انتقلت لتروع المدنيين الآمنين في منازلهم، وبمحيط مستشفى الريان إلى حيث نقلت جثة طالب زعيتر، لتعيش بعلبك ومحيطها مجدداً واحداً من اسوأ لياليها، التي تمددت حتى الساعة الرابعة من فجر الأحد.
حرق سيارات في المستشفى
وفقاً لتقرير أمني، فإنه عند الساعة الأولى من تاريخ يوم الأحد، أُدخل إلى مستشفى الحكمة في بعلبك كل من الجرحى علي ياسين وشقيقه عباس، ومحمد أمهز ورباب بحلق النمر، مصابين بعدة عيارات نارية من أسلحة حربية مجهولة النوع والمواصفات، جراء إشكال تخلله إطلاق نار وقع أثناء حفل في محلة مفرق بلدة يونين لأسباب مجهولة، وما لبث أن فارق الحياة كل من علي وعباس ياسين متأثرين بجروحهما، فيما حال الجريحيين الباقيين حرجة. كما أدخل الى مستشفى الريان في بعلبك جثة طالب زعيتر، جراء إصابته في الإشكال المذكور. وإلى مستشفى دار الأمل الجامعي، في دورس، أُدخل الجريحين علي طالب زعيتر وشقيقته إيلا طالب زعيتر، وحالتهما مستقرة.
فور شيوع الخبر في محلة الشراونة، حيث يقطن طالب زعيتر، عمت فورة الدم في أوساط عشيرته، التي توجهت إلى مستشفى الريان، وأفرغت غضبها بسيارات أحرقت في موقعها، وهو ما استدعى تدخل القوى العسكرية والأمنية، بناء لإشارة المدعي العام الإستئنافي في البقاع، القاضي منيف بركات.
رصاص على الجيش وموّال للواء عباس ابراهيم
في المقابل، صدر بيان عن قيادة الجيش أشار إلى أنه عند الرابعة من فجر الأحد، وأثناء قيام دورية من الجيش بتنفيذ تدابير أمنية، بعد وقوع الإشكال في حفل زفاف، تعرضت الدورية لإطلاق نار من قبل مجهولين، فردت على مصادر النيران بالمثل، وأصيب أحد عناصرها إصابة طفيفة.
المفارقة أن الحادثة وقعت عشية فصل آخر من فصول معالجة مشاكل القتل والثأر المزمنة في بعلبك، بأسلوبها العشائري أيضاً، حين اجتمعت الدولة بفعالياتها الأمنية والسياسية والحزبية، لإتمام مصالحة بين عائلتين بعلبكتين لإنهاء قضية ثأر بينهما، حدد موعدها سابقاً برعاية من اللواء عباس إبراهيم. وقد استقبل ابراهيم بموال يتحدث عن تأمين الأمن بنجاح، فيما بعلبك لا تزال تئن من السلاح المتفلت بأيدي مجموعات خارجة على القانون، بات لها "إماراتها المحمية" في مختلف أرجاء المحافظة، وهي قادرة على تحويل غضبها الفردي، أو حتى فرحها، كابوساً على أهل المنطقة، يجعلهم يفقدون الآمال باستعادة دور بعلبك في السياحة العالمية، وحتى الداخلية.
لوسي بارسخيان - المدن