يستطيع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الزعم أنه بريء من التعقيدات والاشتراكات التي خلفتها حادثة قبرشمون المفتعلة، والتي تمنع رئيس الحكومة سعد الحريري من الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، لكنه بالكاد يستطيع إقناع العقول المعلّبة ببراءته من قيادته حملة لمحاصرة وليد جنبلاط وبيئته الحزبية والشعبية. فالوسط السياسي العارف ببواطن الأمور يتحدث بلا مواربة عن الدور المركزي للحزب، بالتكافل والتضامن مع قوى محور ٨ آذار وفي مقدمها "التيار الوطني الحر" الذي شكل رأس الحربة التحريضية عبر رئيسه لجر منطقة الجبل الى حالة من التوتر، واللعب على وتر الدم الدرزي – الدرزي الذي أرهق. ولا تخفي شخصيات رفيعة في الوسط السياسي المعني، من خلال حديثها، ان الرافعة الحقيقية لمعركة المجلس العدلي هي "حزب الله"، ومن خلفه أيتام نظام بشار الأسد في لبنان، وان الهدف واضح، وقد أدرك رئيس الحكومة سعد الحريري خطورة ما يجري التحضير له من "حزب الله"، من خلال الواجهات المتعددة، لتوجيه ضربة سياسية – قضائية محكمة التحضير في ظل سيطرة رئيس الجمهورية وتياره على القضاء، وموازين القوى داخل مجلس الوزراء، وخصوصا ان الهدف الأبعد كان ولا يزال النيل من الوزير اكرم شهيب بوصفه رمزا مركزيا وتاريخيا، وأحد رفاق درب وليد جنبلاط، بما يضعف الأخير ويؤدي الى إحكام الحصار عليه. ولا يخفى على أي متابع على تواصل مع شخصيات رفيعة المستوى على صلة بالقضية -المؤامرة، ان الإصرار على إحالة القضية على الملجس العدلي يهدف الى إطلاق مسار قضائي – سياسي متدرج سيصل في نهاية المطاف الى ما يصبو اليه "حزب الله" من توجيه ضربة كبيرة لجنبلاط وبيئته الحاضنة. كما لا يخفى على المتابع لدقائق الأمور ان "حزب الله" ضغط على قوى من داخل ٨ آذار سبق ان تعاطفت مع جنبلاط لكي ينتظم تصويت ممثليها داخل الحكومة لمصلحة الإحالة على المجلس العدلي. ومعروف ان فريق رئيس الجمهورية يلعب دور الصدارة في الحملة لمحاصرة جنبلاط، أكان داخل مجلس الوزراء أم خارجه. من هنا فإن القضية – المؤمرة مرشحة لان تتفاعل اكثر في الأسابيع المقبلة، ولا سيما في ظل رفض رئيس الحكومة سعد الحريري تحويل مجلس الوزراء الى منصة لاستهداف وليد جنبلاط بهذا الشكل.
لم تأت حادثة قبرشمون من عدم. فقد سبقتها مقدمات يعرفها الجميع، وهي جزء من حملة متدرجة هدفها ليس انتزاع استسلام كامل من وليد جنبلاط، وإنما محاولة القضاء على "الاستثناء" الذي يمثله جنبلاط في التركيبة السياسية والطائفية والمناطقية للبلاد. ومن المؤسف حقا ان يكون رأس الحربة الحقيقي في هذا الموضوع تحت مظلة "حزب الله"، شخصا يؤكد كثيرون أنه لا يزال عالقا في الزمن عند "تلة ٨٨٨"!
علي حمادة - النهار