أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

الدراما السنّيّة: هل تحوّلهم طائفة في صراع الطوائف؟

الدراما السنّيّة: هل تحوّلهم طائفة في صراع الطوائف؟
الدراما السنّيّة: هل تحوّلهم طائفة في صراع الطوائف؟

لاستعادة الدور الطبيعي الفاعل لرئاسة الحكومة، لا يمكن الإكتفاء بزيارة رؤساء الحكومات السابقين إلى المملكة العربية السعودية. فاقتصار الزيارة على شخصيات سنّية ثلاث بما تمثّل، واختزال عنوانها على دعم صلاحيات رئاسة الحكومة (بمعزل عن الحديث عن الطائف والدستور)، لن يحققا النتائج المبتغاة، أو المتوخاة من إعادة البحث عن دعم سعودي جديد للبنان.

محاصصة الدوحة
أسوأ ما يمكن أن يتكرّس على الصعيد السياسي المحلّي والإقليمي، هو العودة إلى متاريس طائفية أو مذهبية. والدليل أن الانتقاد البسيط للتسوية المحلية التي أرسيت في العام 2016 في الدوحة، هو قيامها على مبدأ تقاسم طائفي ومذهبي للسلطة، بحصر المواقع والمناصب في دوائر طائفية: الحصة السنّيّة للرئيس ، والمسيحية للتيار الوطني الحرّ بصفته الأقوى مسيحياً، والحصة الشيعية لحزب الله وحركة أمل.

لكل طائفة مرجعيتها؟!
في هذا السياق يمكن لزيارة رؤساء حكومات سابقين إلى المملكة بحثاً عن دعم لرئيس الحكومة الحالي، أن يضع السعودية في خانة لن تصب في مصلحتها على المدى البعيد، لأنها توفر الدعم "المعنوي" للسنة فقط. وهذا المنطق يخدم وجهة نظر إيران وحزب الله استراتيجياً، ويخدم وجهة نظر التيار العوني الذي يستثمر في الخطاب الشعبوي داخل البيئة المسيحية، بينما حزب الله قادر على اختزال الشيعة عامةً في إطار المعادلة المفتوحة إقليمياً، على قاعدة أن لكل طائفة مرجعيتها.

زيارات غير شكلية
يتعارض هذا المنطق، عملياً، مع عنوان أساسي تطرحه المملكة العربية السعودية: الحفاظ على عروبة لبنان. والعروبة لا يمكن اختزالها في السنّة، ويجب ألا تكون  الزيارة يتيمة، ولا بد من استعادة الحيوية والحركية السياسية في لقاءات مكثفة ومماثلة لقوى لبنانية أخرى من مختلف الطوائف. ولا بأس في أن تستضيف المملكة رؤساء جمهورية سابقين، والرئيس حسين الحسيني، وأحزاب وقوى مسيحية متعددة، وقوى وشخصيات سنية وشيعية ودرزية.
وحسب ما علمنا، الرؤساء الثلاثة، سيقومون أيضاً بجولة على دول خليجية، وربما دول عربية أخرى.

الدراما السنّيّة
لا يمكن أيضاً اقتصار الزيارات على البروتوكوليات والصور والإبتسامات والمصافحات والوعود. هذه كلها لن تؤدي إلى أي تغيير ولو بسيط في المعادلة اللبنانية، أو حتى في المزاج اللبناني. صحيح أن الصورة المكثفة لواقع السنّة في لبنان حالياً، هي حاجتهم إلى دعم السعودية، أو دعم القوى الرافعة لهم إقليمياً. وهذا له أسبابه الموضوعية: هزيمتهم في المنطقة كلها، أو استشعارهم بأن المعركة تستهدفهم وحدهم. أما إيران فتستمر في تحصين نفسها وحلفائها، وتوفر لهم كل أساليب الدعم على الرغم من الضغوط والعقوبات التي تتعرض لها، بينما تجد الأقليات الأخرى روافد داعمة لوجودها، وترتكز على خطاب شعبوي يوفّر لها الغطاء والحماية، ليجد السنّة أنفسهم ملزمين بتقديم فروض الطاعة اليومية، بأنهم مدنيين وسياسيين وليسوا ذئاباً ولا إرهابيين.
أولى الهزائم التي تلقاها السنة، ودفعت بهم إلى اليأس، كان مسرحها لبنان، وأتتهم الضربة القاسمة في سوريا ومن الأسد. ونموذج سوريا الأسد المنتصرة جرى تعميمه على الدول العربية، بإحياء نموذج الأنظمة على حساب الشعب، أو بوضع المؤسسات العسكرية والأمنية في مواجهة مع المجتمع.

مدد سوري مغدور
لا يمكن للبنان انتظار أي دعم جدّي سعودي قادر على تغيير المعادلات، بينما سوريا مغيّبة عن الأجندة السعودية. وعندما تجلّى التراجع أو الإنكفاء السعودي عن الاهتمام بلبنان، كان هناك من يعزّي نفسه بأن المدد ستأتي من سوريا فور انطلاق شرارة ثورتها. حينذاك ولدت وجهة نظر أساسية: مصير لبنان سيكون مرتبطاً بمصير سوريا، وأي تغيير لموازين القوى هناك سينعكس إيجاباً على حلفاء المملكة في لبنان.

عروبة ولا رعايا
ما يريده لبنان من السعودية، ليس دعم السنّة فيه، على الرغم من أنهم أكثر الأطراف تضرراً. فهم لن يكونوا قادرين على الاستمرار وحدهم. قدرتهم على الاستمرار تتجلى في مشروع عربي كامل يقوم على التعايش بين القوى والجماعات المختلفة، وليس على أساس تحول الجماعات الاجتماعية أو السياسية إلى أجزاء متفرّدة أو رعايا لقوى إقليمية طائفية متعددة.

حقبة التوازن الذهبية 
الحضور السعودي الأبرز في لبنان، دعماً ومساندة سياسية ومالية، كان ما بين العامين 2005 و2009. في تلك الفترة كان الحضور السعودي وازناً، والتوازن قائماً. لكنه افتقد إلى رؤية لبنانية جامعة قادرة على بلورة مشروع سياسي إقتصادي إجتماعي متكامل محسوس على أرض الواقع. وذلك بسبب خلافات كثيرة بين أقطاب التحالف الواحد، ما أدى إلى التضعضع والتراجع. وهنا قد يكون من حقّ السعودية أن تعتب على اللبنانيين وفق منطق مصالحها الإستراتيجية، إذ وجدت أن دعمها إياهم لم يقدّم لها أي مقابل على الصعيد السياسي.

زمن الانكفاء
بعد هذا التضعضع والضياع بدأ الإنكفاء السعودي في العام 2009، بنتيجة معادلة السين سين. في تلك المعادلة تُرك سعد الحريري يتدبر أموره بنفسه في الحكم، وتوقف الدعم الذي كان يقدم له بما أنه تجاوز مشاكله مع سوريا ومع حزب الله. ولكن في العام 2011 أسقطت حكومة الحريري بعد سقوط معادلة السين سين وانكسر التوازان كلياً. وبعد سقوط التسوية في لبنان بهزيمة الثورة السورية، لم يكن لدى السعوديين خيارات بديلة في لبنان، بسبب عدم احتفاظهم بأوراق قوة، فيما استمرت إيران في تقدّمها ومراكمتها أوراق القوة.

التسوية المرّة
وزاد التوتر في العلاقات اللبنانية السعودية، تماشياً مع التطورات الإقليمية. فكانت الإجراءات العقابية ضد لبنان منذ العام 2015: بوقف كل أساليب الدعم، بينما لاقت السعودية كل الأساليب العدائية من أفرقاء لبنانيين. ثم استمر التراجع السعودي وتراجع حلفائها، وصولاً إلى لحظة تسوية العام 2016، التي توجت مساراً من التراجع الشامل على صعيد المنطقة كلها، فلم ينتصر حزب الله وإيران في لبنان فقط، بل تحقق الإنتصار في سوريا، وفي العراق وتُوّج بالإتفاق النووي، إلى جانب إشغال السعودية بمعركة على حدودها لا تزال مفتوحة إلى اليوم.

النزعة الأقلوية
لا يمكن للسنّة بناء أي مشروع حقيقي يحافظ على عروبة دولهم في استقلال عن المكونات الأخرى في المنطقة العربية. وهذا ما يجب أن تقودهم إليه هزيمتهم. فلا يتحولوا إلى طائفة في صراع الطوائف الأخرى ذات النزعة الأقلوية. ويتعيّن على المملكة العربية السعودية قيادة هذا المشروع وريادته، ليحدث تغيير سياسي واستراتيجي من صنعاء الى بيروت. أما البقاء على هذه الحال فسيزيد الأهوال، والهزيمة في لبنان قد تتعمم، وخاصة مع تكرار سيناريو الإتفاق النووي في العام 2015، ليضطر الجميع إلى أداء فروض الطاعة لإيران.

منير الربيع - المدن

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى